الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أحمد الريسي يترك آلام جراحة القلب من أجل عيون «الوراثة»

أحمد الريسي يترك آلام جراحة القلب من أجل عيون «الوراثة»
18 يونيو 2011 20:02
لم يتوقع المبتعث الإماراتي أحمد الريسي أن تجيد أم العائلة التي سكن معها في أميركا طبخ الوجبات الخليجية كالمجبوس والثريد والمعكرونة بأنواعها، كما فاجأه قبل ذلك رب العائلة عندما أرشده إلى اتجاه القبلة للصلاة عند وصوله للسكن معهم، الأمر الذي حمله على الاستقرار مع هذه العائلة لأكبر وقت ممكن لما لاقاه من كرم واحترام فيما بينهم. أحمد الريسي مبتعث إماراتي يبلغ الــ23 من عمره، انتقل من مدينة العين، إلى مدينة بورتلاند بولاية أورايجون ليدرس علم الوراثة والجينات في جامعة بورتلاند الحكومية، مع أنه كان يحلم بدراسة الطب البشري وأن يتخصص في جراحة القلب بالتحديد. اعتاد الريسي التفوق منذ صغره وكان حلمه الدائم هو الدراسة في الخارج بعد حصوله على الثانوية العامة، يقول أحمد “ عندما قدمت طلب الابتعاث لم أواجه أي معوقات، لكن بعد السفر برزت مشكلة عدم اتقاني للإنجليزية كأبرز صعوبة تواجهني، وللتغلب عليها بدأت بدراسة اللغة الإنجليزية في معهد الجامعة، وانتقلت للعيش مع عائلة أميركية ليزيد اتقاني للإنجليزية وأتأقلم أكثر مع أسلوب الحياة الجديد في أميركا، خاصة أن الحظ ساندني لأن الأسرة لتي سكنت معها كانت تعيش في السعودية وعمل تأثر أفرادها بالعادات العربية بالإضافة إلى إجادة ربة المنزل للطبخ الخليجي على منحي جواً من الأمان والاطمئنان وخفف عليّ وطأة الغربة فسكنت معها لأطول فترة ممكنة. اختيار وقبول تم قبول الريسي في معهد اللغة التابع لجامعة بورتلاند، وعند وصوله قرر الدراسة في نفس الجامعة لما تمتاز به المنطقة من هدوء حيث تعتبر من أقل المدن نسبة في معدل الجرائم، بالإضافة إلى الأنشطة المتنوعة التي توفرها الجامعة للطلبة ممايحفز الطالب على الدراسة فيها، بالإضافة إلى كونها من أكبر جامعات الولاية. يقول الريسي: أحرص على النهوض باكراً للحاق بمحاضراتي، وأحرص أيضا على إعداد الشاي بالحليب على الطريقة الهندية، شاي “كرك” وبعد انتهاء المحاضرات ألتقي مع زملائي في مكتبة الجامعة للمذاكرة وأنا أحمل “دلة شاي الكرك”، الأمر الذي اعتاد عليه أصدقائي، وتحولت لعادة يومية يفتقدونها إذا نسيت إحضار الشاي” يتابع الريسي: نال شاي الصباح هذا إعجاب بقية الطلبة وخاصة الأجانب الذين لم يعتادوا على هذه التصرفات مستغربين أصول الضيافة، ودائما ما كنّا نحن الطلبة العرب نشرح للطلبة الأجانب بأن كرم الضيافة هي إحدى ميزات العرب والمسلمين التي يعتزون بها ويفتخرون”. واستطاع الريسي التغلب على التغيير المفاجئ في حياته بسبب انتقاله للعيش في دولة أخرى تختلف في المناخ والعادات والتقاليد ويوضح معاناته في البداية قائلاً “ جو مدينة بورتلاند متقلب جداً، حيث أنك تجد الفصول الأربعة في يوم واحد، ويمتاز جو بورتلاند بالبرودة في الشتاء، بينما يمتاز بالإعتدال وارتفاع درجة الحرارة في الصيف وتكثر الأنشطة الخارجية كالتخييم، و استكشاف الأماكن الطبيعية في المنطقة كالغابات والشلالات، هذا التنوع في الأجواء لم أعتد عليه، لكن في النهاية واقع جديد وتأقلمت عليه”. طلاب بمرتبة سفير وعن تعامله مع الناس من حوله يقول الريسي: “يمتاز المجتمع الأميركي بتعدد الديانات والثقافات، وأتعامل مع الجميع بكل احترام وتقدير، خاصة أني مغترب ويقع على أمثالي عبء إظهار الصورة المشرفة عن دولتي الحبيبة، نحن سفراء الإمارات في الخارج، نحافظ على عاداتنا وتقاليدنا ونحترم الثقافات الأخرى، هذا ماتعلمناه من ديننا وأهلنا، ونادراً ما نتعرض لأي معاملة عنصرية”. ودأب الريسي مع أصدقائه العرب والمسلمين على الالتزام بالتقاليد الخاصة بيوم الجمعة حيث يلبس الكندورة الإماراتية ثم يتوجه لصلاة الجمعة في المسجد، ويجتمع مع “الشباب والربع” لتناول الطعام إما في مطعم عربي أو أحد المطاعم الأميركية، ويحاول الريسي مع أصدقائه في تقريب وجهات النظر مع من يقابلهم على الأقل، حيث لاحظ خوف واستغراب بعض الأميركان أحياناً عند مشاهدتهم لهم بالزي العربي، ولكن تقرب الريسي وأصدقائه منهم ليجيب عن استفساراتهم، يدفعهم على الارتياح وخاصة عند معرفتهم أنه من الإمارات لما يسمعوا عن إنجازاتها معبرين عن أمانيهم في زيارة الدولة يوماً ما للتعرف على معالمها وتاريخها وحضارتها. ومما لن ينساه الريسي حادثة حصلت معه في مدينة سياتل بولاية واشنطن المجاورة، يقول عنها : “ سافرنا لمدينة سياتل، وتناولنا الطعام في مطعم أميركي، وبعد الانتهاء أخذنا زاوية خارج المطعم لأداء صلاة الظهر، وبعد الصلاة اقترب منا رجل عجوز كان ينتظر انتهاءنا من الصلاة، وقال لنا أنا احترمكم وأقدركم حقاً، ثم غادرنا، إنه موقف من السهل الحديث عنه ولكن لن تستطيع التعبير عنه كما حصل لما أثر فينا من طريقة كلام ذاك العجوز، الذي حمل كل معاني الود لنا”. تواصل واتصال يمارس الريسي هواياته في كرة القدم وكرة السلة، من خلال مشاركاته في دوري كرة القدم الذي يقام في الجامعة فصلياً، كما يقوم مع أصدقائه بحجز صالة بعض الملاعب الموجودة في المنطقة وذلك مساء كل جمعة، حيث يجتمعون فيه ويمارسون الأنشطة الاجتماعية والرياضية فيها. ويبلغ عدد الطلاب الإماراتيين في ولاية اوريجون حوالي 134 طالباً حسب الريسي، يقومون بالتواصل فيما بينهم، حيث يجتمعون كل جمعة بعد الصلاة، كما يقومون بتنظيم بعض الفعاليات الترفيهية والرياضية مثل لعب كرة القدم، أو الذهاب في رحلة تخييم، ولعب البلاي ستيشن. دروس الغربة وجد الريسي الكثير من الفروق بين المكان الذي يعيش فيه حالياً وبين طريقة العيش في الإمارات، حيث يعتبر أن الغربة مدرسة حقيقية لامتحان المرء، يقول الريسي : “يتعلم الإنسان العديد من الدروس في الغربة، اعتدنا الدلع والعيش الهني في بلادنا، وفي الغربة تعلمنا الصبر والاعتماد على النفس، هنا أغسل ثيابي وأكويها وأطبخ طعامي كما أنظف الشقة، هذا لم نكن نفعله في الإمارات، ولكن اعتدنا عليه هنا”. ولكن مهما تعلم المرء من الغربة فإن الشوق للأهل والوطن هو أكثر المشاعر التي تعتمل في النفس، التي يحتملها بسبب شوق الوصول للهدف الأسمى في انهاء الدراسة ورفع راية الوطن عالياً، وهو مايحمله على الصبر والتصابر.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©