السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأشجار المحلية صديقة البيئة و «صيدلية» الصحراء

الأشجار المحلية صديقة البيئة و «صيدلية» الصحراء
16 يونيو 2013 21:06
تعد أشجار القرط والنيم والسدر والغاف من أهم الأشجار المحلية في الإمارات، والتي يمكن أن يستخرج منها الغذاء، وتدخل مكوناتها في صناعة الأدوية والمنتجات التجميلية. ويكفي إن لم تكن لها فوائد غذائية وصحية للإنسان، فلها فوائد عديدة للطيور والحيوانات والنحل. قيمة هذه النباتات أنها لا تستهلك الكثير من الماء، وتصبر على مقاومة الجفاف، كما أنها لا تحتاج إلى الأسمدة، خاصة الضارة أو الصناعية، حيث عرفها الإنسان منذ الأزل، وكان يغذيها ببواقي الطعام وروث الماعز والأبقار، وتلك الأشجار لا تقل أهمية عند الإنسان من النخيل. موزة خميس (دبي) ـ مثل هذه الأنواع من الأشجار، تمثل كنزاً بيئياً ودوائياً مهماً، ولا تزال الجهود البحثية العلمية تكشف كل يوم الكثير من هذه المنافع والفوائد. وتعد أشجار القرط والنيم والسدر والغاف، مجموعة من أفضل الأشجار المحلية، ويوضح فوائدها الدكتور خليفة بن دلموك الكتبي، ويقول: «إن من أهم النباتات نبات القرط، ويطلق عليه «السنط»، وهو يصلح للزراعة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، ويمكنه أن يتحمل العطش والجفاف، كما يتحمل الملوحة والفيضانات أيضا، إلا أنها تموت إذا زادت عليها الأمطار، وحصلت فيضانات في الأماكن الاستوائية، وهذه النبتة أو الشجرة لها أسماء عدة في الوطن العربي، ومنها السنط والقرط والقرظ والطلح، وتعتبر من الأشجار المتوسطة وسريعة النمو، وأجزاؤها الخضراء ملائمة لرعي الحيوانات، كما يمتاز خشبها بمقاومته للنمل الأبيض، إلا أنها يمكن أن تصاب بالثاقبات أو الحشرات التي يطلق عليها محلياً حبابة، وهي نوع من الخنافس الطائرة أو أيضاً السوسة، كما أنها تكون عرضة للحريق، نظراً لاحتوائها على طاقة كامنة لتوليد الحرارة». مواصفات يضيف بن دلموك: «إن هذه الشجرة تتميز بأن أوراقها مركبة وريشية متضاعفة، لها أذينات متحورة أو متحولة إلى أشواك، والأزهار تتكون في نويرات غير محددة على شمروخ كروي، والزهرة دقيقة الحجم منتظمة، ولها كأس، يتكون من خمس سبلات ملتحمة أطرافها، متقابلة، وأحياناً تتحد عند القاعدة، علمياً تصلح للزراعة في الحدائق والمتنزهات والغابات، وتعتبر من الأشجار الرئيسية المزروعة في بعض الغابات في الإمارات، تصلح للزراعة كمصدات رياح أو كأحزمة خضراء لقوة خشبها، كما تستخدم لتثبيت الرمال ومنع تحركها وفي مشاريع مكافحة التصحر، وتزرع كي تكون مرعى لتغذية الحيوانات خاصة الإبل، حيث إن أوراقها تحتوي علي حوالي 12% بروتين، و 21% ألياف، وهي تصلح للصناعات الخشبية، نظراً لقوة خشبها ومقاومته للنمل الأبيض، وأيضاً لا تشرب الماء بسرعة، ولذلك يستخدم خشبها أيضا في صناعة القوارب والأسوار الخشبية وأيدي الأدوات، كما يمكن تحويل خشبها إلى فحم، وخشبها وقود، ولها فوائد كثيرة، منها دباغة الجلود وصناعة الصمغ، ويعتبر زيت القرط في صناعة النباتية الفاخرة، حيث يحتوي على نسبة مرتفعة من الزيوت النباتية غير المشـبعة، ويحتوي على حمـض أولييك بنسبة 35.25%، وحمـض لينوليك بنسبة 43.70%، لذلك فهو صالح للاستخدام كزيت للطعام». شجرة العجائب يكمل بن دلموك: «شجرة النيم لها أسماء متعددة، منها «الشريش» باللهجة المحلية الإماراتية، ونتيجة لدورها العلاجي والطبي أطلق عليها شجرة العجائب، وأيضاً شجرة الألف علاج، وتعتبر منجم الذهب الغني والمعافية من الأمراض، وأطلق عليها صيدلية القرية ونبات الأربعين علاجاً، حسب تجارب الأولين من العرب، ومعروف شعبياً في الإمارات أن أوراق النيم المغلية استخدمت لتطهير القروح، كما أنها مسكنة للآلام والمشكلات الجلدية، وتمزج مع بياض البيض لتفيد في معالجة البثور الجلدية، كما استخدم لحاء الشجرة لمعالجة ضحايا لدغات الثعابين». صناعة الأدوية يقول بن دلموك: «علماء مصانع الأدوية يعلمون بأن لمستخلصات شجرة النيم من زيوت وأوراق و أغصان ولحاء أكثر من 60 استعمالاً طبياً، وهي تعالج أمراضاً وآلاماً متعددة مثل ارتفاع الضغط والسكري، ومشكلات سوء الهضم، ومعالجة الجروح والحساسية، ومشكلات النفاس وآلام اللثة والأسنان، وكما لها فوائد لتساقط الشعر وتشقق الأظافر، ويصنع من مستخلصاتها الصابون ومعجون الأسنان، وتوجد لبخة من أوراق النيم لعلاج آلام المفاصل قديماً، كما ورد أن شرب كأس واحدة يومياً من الشراب المعد من غلي 10 جرامات من أوراق النيم، في لترين من الماء لمدة 20 دقيقة، يستعمل لمعالجة مرض السكر، كما أن شرب كأس واحدة ثلاث مرات من عصير مجهز من غلي 30 جراماً من أوراق النيم، في ثلاثة لترات من الماء لمدة 20 دقيقة كان يعالج بها مرض الملاريا.بيئياً تتميز شجرة النيم بقدرتها على تنقية التربة من الأملاح، وهي من الأشجار المتحملة للأجواء الحارة، وبشكل عام تساعد على زيادة خصوبة التربة، وتعرف بأن كل ما بها مفيد من حيث الثمر والبذور والزيت والأوراق والجذور، وينمو النيم بصورة جيدة تحت الظروف البيئية المحلية درجة تحمله للعوامل البيئية القاسية، من حيث ارتفاع درجة الحرارة إلى 46 درجة مئوية، وعلى الرغم من مقاومتها للحرارة العالية فهي لا تتحمل الصقيع، ولكنها متوسط التحمل للملوحة، وتنمو هذه الشجرة في أنواع مختلفة التربة، فهي ناجحة في التربة الجافة والصخرية والطينية. وبسبب فوائد هذه الشجرة المتعددة وطبيعة نموها، فإنها تمثل الشجرة النموذجية لزراعة الغابات في المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية، كما تمثل أحسن مصدات للرياح القوية والسريعة في المناطق القليلة الأمطار، وتزرع أشجار النيم بكثرة في دولة الإمارات العربية، ويطلق عليها الشريش، وفوائد استعمالاتها معروفة لدى بعض الأجيال، كما يمكن أن يجدها الإنسان مزروعة على جوانب الشوارع و أطراف الحدائق العامة وأمام البيوت وبداخل حدائقها. شجرة السدر يشير بن دلموك إلى شجرة السدر، ويقول:«هي من الأشجار المهمة جداً، وكانت النساء يستخدمنها في كثير من الأمور التجميلية والغذائية، كما تدخل ضمن غسول الميت قبل الحنوط، فضلاً عن كونها تصلح للزراعة في مشاريع الحدائق في صورة فردية أو في مجموعات خاصة، الطبيعية منها، كما تصلح أشجار السدر للزراعة على جوانب الطرق الزراعية، وفي الوطن العربي نجدها على حواف الترع والمجاري المائية، وتعتبر من أكثر الأشجار المثمرة انتشارا بمزارع الدولة، وهي ذات عائد اقتصادي، حيث تجمع ثمارها وتباع نظراً لأنها لذيذة، ولأن بها خواص علاجية لمكافحة السعال بعد التجفيف والغلي. ومن الناحية البيئية تزرع لوقف زحف الرمال ومكافحة التصحر، كما أن ثمارها حلوة الطعم صالحة للأكل، وهي مرغوبة من سكان الدولة سواء المواطنين أو الوافدين، والثمار تحتوي علي نسبة عالية من السكر والفيتامينات مثل فيتامين البي والسي، كانت تستخدم عند قدماء المصريين في التحنيط ، كما تستخدم في الإمارات منذ الأزل في غسل الميت، ويستخرج منه شامبو أو غسول للشعر لكل الأسرة». ويكمل بن دلموك: «تعتبر شجرة السدر من الأشجار المهمة للنحل، الذي يتغذى علي رحيق أزهارها، وينتج عسل السدر، كما أن أخشابها تستعمل كحطب للوقود، وأيضاً كانت أخشابها تستخدم في بعض الصناعات الخشبية، كصناعة الآلآت الزراعية، ومعروف مخبرياً ومعملياً أن الكيميائيين يستخرجون منها خلاصات طبية، لعلاج أمراض الجهاز التنفسي، علاج الاضطرابات المعدية، وتصنع منه لبخة إزالة الأورام والانتفاخات، أما المادة الصمغية فتستخدم خافض للحرارة، كما يحرق الخشب ويخلط مع الخل لعلاج لدغة الثعبان، ولدى نبات السدر القدرة على وقف نشاط بعض الميكروبات». شجرة الغاف يستطرد بن دلموك: «شجرة الغاف أو الغافة من أهم أشجارنا مثل شجرة السمر تماماً، وقبل أن يستظل الإنسان الإماراتي قديماً بسقف مبنى، كانت الغافة الظل الظليل الذي منحه الغذاء أيضا لنفسه ولمواشيه، والغافة كل ما فيها مفيد سواء للإنسان أو للمواشي أو الإبل، وأيضاً للبيئة، لأنها تخرج أزهار نوير، تتغذى عليها أسراب النحل، وتنتشر أشجار الغاف في معظم البيوت وبين الطرق الداخلية للمناطق، كما يبحث المواطنون حين يخرجون للرحلات عن تجمعات أشجار الغاف، لأنها أفضل مكان لقضاء عطلة. الغاف خضراء سخية يرى بن دلموك أننا ما زلنا حتى اليوم نستعمل ورقها الناعم ضد آلام الظهر، وكان الأهالي يؤمنون بمقدرة أوراقها على تقوية الظهر وإزالة آلامه، لأن بها كمية وافرة من الكالسيوم، إضافة إلى أن شجرة الغاف توفر الغذاء والمأوى للحيوانات والطيور، حيث تعد الغاف أفضل مكان للتعشيش. وهي مفيدة كمصدر مهم كعلف للحيوانات، لأن ضمن القرون التي تنبت من الشجرة في الشتاء، توجد كمية من البروتين المهم للحيوانات، وحديثاً تم اكتشاف أهميتها لأصحاب أمراض الكبد، نظراً لتوفر البروتين النباتي الخفيف. تبقى الغافة خضراء طوال السنة، ولذلك تعتبر شجرة كريمة وسخية، ولكن مع التغيرات المناخية، ونظراً لارتفاع درجات الحرارة، أصبحت الغافة مهددة، ومن التحديات الأخرى قطع أشجار الغاف من أجل الخشب، وهناك فرق بين التقليم الكلي لفروع الشجرة، وهو ما يزيد الشجرة قوة ومتانة، وبين قطعها من جذعها، لأنها تحتاج لسنوات طويلة لتعود من جديد كشجرة مكتملة النمو والهيئة، ولكن من المهم أن نعمل على تقليم شجرة الغاف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©