الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهاتف المتحرك أثناء القيادة.. تشتيت للذهن وتشويش للتفكير

الهاتف المتحرك أثناء القيادة.. تشتيت للذهن وتشويش للتفكير
16 يونيو 2013 21:03
كلي حزن وألم وحسرة بفقدان اثنين من الأصدقاء المقربين، اللذين ماتا في حادث سير، أثناء انشغالهما بالهاتف، أحدهما وجد هاتفه بالمقعد الخلفي بعد اصطدام سيارته بعمود إنارة، وفي شاشة الجهاز نص رسالة لم تكتمل، فقد كان الفقيد يكتب أثناء السياقة. أما الصديق الآخر فقد كان مشغولاً بمحادثة عبر جهازه “البلاكبيري”، وقد انقطع فجأة عمّن كان يراسلهم أثناء خروج سيارته عن الطريق وانقلابها مرات عدة، ما أدى إلى إصابته بكسر في العمود الفقري ووفاته على الفور. هذه قصة تجربة صديقي الطالب الجامعي أحمد المزروعي الذي من شدة خوفه على سلامته وسلامة الآخرين قرر إغلاق هاتفه دائماً أثناء قيادته، فموت اثنين من المقربين له كفيل أن تكون تجربتهما عبرة له ولغيره من الذين يقودون السيارة وهم منشغلون بكتابة رسالة نصية أو متابعة تغريدات موقع تويتر والواتس ساب. هناء الحمادي (أبوظبي) - مشاهد يومية كثيراً ما تلفت انتباهنا أثناء قيادة السيارة، لبعض قائدي المركبات، الذين نراهم يقودون المركبة في مسارهم، وفجأة نجده يخرج من مسار لآخر من دون وعي منه أو يتوسط بين مسارين مما يعرقل حركة السير بسبب المتغيرات الطارئة التي تظهر بشكل مفاجئ، فيأتي تصرفه متأخراً مما يتسبب عنه حوادث مميتة، ناهيك عن ذلك كثيراً ما يتجاوز السائق الإشارات الحمراء من دون وعي منه بسبب انشغاله بالهاتف، حيث يستخدم كلتا يديه لكتابة رسالة، ويترك المقود، وهنا تكون الكارثة، فاستخدام الهاتف أثناء القيادة لا يستقيم مع القيادة الآمنة على الطريق، لأنهما نقيضان لا يجتمعان، فالقيادة كما يقال فنٌ وذوقٌ وأخلاقٌ، وليس من الأخلاق أن ينشغل السائق عن القيادة بأمور أخرى سواء الهاتف أو غيره، لأن القيادة تحتاج إلى انتباه وتركيز، وأن يكون السائق ملماً بكل ما هو حوله من أخطاء الآخرين لكي يتلافى هذه الأخطاء، وإذا كان منشغلاً بالتحدث في الهاتف فلن يستطيع التعامل مع هذه المشكلات، والسائق لا يخطئ في حق نفسه فقط، بل يخطئ في حق الطريق وحق الآخرين. حوادث سير حمدان سعيد الرحومي، يؤكد أنه كثيراً ما يرى انشغال البعض من قائدي المركبة بالهاتف من حيث الرد على الرسائل النصية أو متابعة بعض تغريدات تويتر، حيث فجأة وبلا مقدمات تنحرف السيارة إلى المسار الأخر من دون وعي وتركيز من القائد، والسبب يرجع لانشغاله بكتابة رسالة نصية أو قراءتها، ويضيف: “ويحدث ذلك على الرغم من تأكيد الكثير من الأبحاث العلمية لخطورة استخدام الهاتف أثناء القيادة، وما يخلف ذلك من نتائج سلبية، وأحياناً كارثية، وفي الوقت التي تؤكد فيه الكثير من الإحصاءات في جميع دول العالم أن أخطر حوادث السير تقع في أقل من الثانية بسبب فقدان التركيز في لحظة استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة أو الانشغال برسائل البلاكبيري والواتس ساب، وعلى الرغم من أن الأرواح التي أزهقت والأبدان التي تعرضت للإعاقة الكلية أو الجزئية بسبب الانشغال بقراءة رسالة نصية عابرة أثناء القيادة، فإن البعض لا يزال يستخدم الهاتف أثناء القيادة، وهذا لا يقل خطورة عن القيادة تحت تأثير المواد الكحولية”. مشكلة حقيقية ويبين خليفة راشد، أن الانشغال بالهاتف يتسبب في الكثير من الحوادث المرورية، وهو ما يحدث بالفعل، فكثيراً ما يرى السيارات تتحرك في الطرقات يمينا ويسارا بسبب انشغال قائديها بالواتس آب وتويتر، واستقبال الرسائل والرد عليها. ويضيف “صحيح أننا لا يمكن أن نستغني عن هذا الجهاز الصغير، لكن ما نراه في الكثير من الشوارع فاق التحمل، فالكل منشغل بالتمعن بالهاتف وبالرسائل التي ترد له، ففي داخل السيارات وعند الإشارات المرورية لا نرى سوى الابتسامات العريضة والتمعن في الرسائل الواردة والرد عليها، مما يؤدي ذلك إلى ارتكاب الكثير من الحوادث المرورية وتعطل الحركة في بعض الأحيان”. ويوضح خليفة، أن هذا ما حدث معي شخصياً حينما كنت خلف سيارة بها مجموعة من الشباب تنتظر أمام إحدى الإشارات، وحين أصبحت الإشارة خضراء ظلت سيارة الشباب متوقفة، ولا تسمع غير الأبواق والملاسنات، وهذه مشكلة حقيقية قد تخرج قائدي المركبات عن طورهم، وكم من حادث مروري تسبب فيه الانشغال بكتابة رسالة نصية أو قراءة رسالة واردة. الإحساس بالمسؤولية وطالب يوسف جمعة السويدي بضرورة التوعية بأن تكنولوجيا الاتصالات المتطورة التي ساعدت الأشخاص في الدخول على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، يتعين ألا تتعارض مع القوانين المرورية، وآداب الطريق، حفاظاً على حياته وحياة الآخرين، لافتاً إلى أنه يجب أن تضمن التوعية باستخدام الجانب الجيد فقط في هذه التكنولوجيا والابتعاد عن الجانب السيئ. ويضيف في السياق ذاته، أن ظاهرة التحدث، وكتابة الرسائل النصية والمحادثات التراسلية عبر الهواتف المتحركة أثناء قيادة السيارات، تمثل “مشكلة”، الكل مشارك فيها، حيث إن التوعية والإحساس بالمسؤولية هما الطريقة الأمثل لحل هذه القضية التي تعد ضريبة للتطور التكنولوجي السريع. وأوضح أن القوانين على الرغم من أهميتها، لا تكفي وحدها مهما كانت مشددة، ويجب أن تصاحبها توعية وتغيير للثقافة المرورية، لأنها لا تعود بالأضرار على المخطئ فقط، ولكنها تطال أبرياء لا ذنب لهم. تشتت الذهن من جهته، قال الاستشاري النفسي محمد عبدالله، إن التواصل بين الأفراد أصبح سهلاً وبشكل متواصل وسريع، فقد تداخلت العلاقات مع بعضها بعضاً، وأصبح التواصل بكل ما يوفره الهاتف المحمول من خدمات التويتر، والفيس بوك والرسائل النصية، أقرب وأسرع، ويتم الاطلاع على الأحداث والمناسبات بشكل سريع، غير أن له عيوباً، حيث تزايدت أعداد مخالفي استخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة، نتيجة اهتمام بعض السائقين في ظل توافر الأجهزة الذكية بقراءة الرسائل والأخبار والتغريدات، مما يقلل تركيزهم على الطريق الذي عادة ما يحمل المفاجآت. وأضاف أن استعمال الهاتف النقال أثناء القيادة من شأنه أن يتسبب في تشتيت الذهن والتفكير، وعدم التركيز على قواعد السير الصحيحة، الأمر الذي يؤدي إلى وقوع العديد من الحوادث المؤسفة، خاصة إذا ما كانت هناك مكالمة مزعجة أو تتطلب بعض التفكير، حتى أن بعض السائقين ومن دون أي إرادة يحاول أن يتناول قلم وورقة ويقوم بكتابة رقم هاتف أو بعض الملاحظات الواردة إليه عبر الهاتف، وكل ذلك يتم أثناء القيادة، حيث يصحو السائق بعد وقوع الحادث المروري المؤسف في المستشفى، ويروي لزواره قصة المحادثة الهاتفية الأخيرة عند وقوع حادث السير. التكنولوجيا إذا أسيء استخدامها تتحول إلى “نقمة” وليست “نعمة”، وتتسبب في مشكلات كبيرة، تقض مضاجع عدد كبير من الأشخاص، فضلاً عن تأثيرها في حياتهم، هذا ما أكدته ندى عودة “استشارية أسرية”، مشيرة إلى أن الهاتف وسيلة اتصال سهلة الاستخدام وخفيفة الوزن، ولكن هذا الاختراع الجميل سلاح ذو حدين كما قيل، فالكثير من مستخدميه لا يعرف أن سوء الاستخدام والحديث بالهاتف أو إرسال رسائل نصية أو مشاهدة مقطع فيديو ما، أثناء قيادة السيارة قد تودي إلى إلقاء حتفه من دون أن يشعر. مبينة أن أكثر الإحصاءات والدراسات العلمية تؤكد أن حوادث الطرق السريعة سببها متابعة رسالة نصية عبر هاتف. وتضيف “تكمن المشكلة في أن بعض قائدي السيارات يعتبر الطريق نزهة، والهاتف متعة، ولا يستمتعون بمتابعة كل ما يتعلق بالهاتف إلا وهم يقودون السيارات، وكأن استخدام الهاتف أثناء القيادة فعل مشروع لا غبار عليه، كما أن بعض السائقين يعمدون إلى استخدام الهاتف أثناء القيادة وكأنهم يستعرضون مهاراتهم أمام الملأ في القيادة، وكذلك الحديث أو الجدال عبر الهاتف في الوقت ذاته. درس مهم خلود عبد الله الجابري “موظفة”، تعرضت لحادث سير، خلال ثوانٍ معدودة، بسبب انشغالها بكتابة رسالة نصية، حيث إنها، وبسبب عدم التركيز والانتباه والانشغال بكتابة رسالة أثناء القيادة، كادت أن تفقد حياتها في الحادث، وكانت هي المخطئة، وعن ذلك تقول: “بالفعل الانشغال بالهاتف أو تصفح الرسائل النصية وكتابتها أو متابعة كل ما يتعلق بهذا الجهاز أحد أسباب الحوادث المرورية، فتجربتي الشخصية مؤخراً بانشغالي بجهاز الهاتف كانت درساً مهماً في حياتي، حيث أخذت على نفسي تعهداً بعدم استخدام الهاتف مهما كان السبب أثناء القيادة. الالتزام بقواعد السير يحذر مدير عام التنسيق المروري بوزارة الداخلية، العميد غيث حسن الزعابي، من مخاطر استخدام الهاتف المتحرك أثناء قيادة المركبة، مؤكداً أهمية الالتزام بقواعد السير والمرور، وتفادي كل ما من شأنه أن يشغل السائق عن الطريق، ويؤدي إلى الإهمال وعدم الانتباه، كالتحدث عبر الهاتف بواسطة اليد أو كتابة رسائل نصية أثناء القيادة. وقال الزعابي، إنه كلما زادت درجة تركيز السائق خلال القيادة زادت قدرته على تفادي المخاطر، محذراً من النتائج الوخيمة التي قد تترتب على انشغال السائق بغير الطريق أثناء القيادة، سواء باستخدام الهاتف النقال أو غيره من الأمور التي تعيق تركيزه وانتباهه على الطريق، الأمر الذي قد يعرض حياته وحياة الآخرين لخطر الحوادث المرورية. وأضاف أن الإحصائية المرورية الصادرة عن الإدارة العامة للتنسيق المروري، تشير إلى أن عدد المخالفات التي تم تحريرها نتيجة استخدام الهاتف النقال بواسطة اليد، أثناء القيادة بلغت 35,923 ألف مخالفة خلال الفترة من 1 يناير حتى 31 مايو الماضي على مستوى الدولة. وأكد الزعابي، أن معظم الحوادث المرورية التي تقع في الدولة سببها عدم الانتباه، وانشغال قائد المركبة باستخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة، لافتاً إلى أن التحدث بالهاتف أو كتابة الرسائل النصية يؤديان إلى تشتت ذهن وأفكار السائق، وبالتالي فإن تركيزه يصبح بعيداً عن الطريق، ولا يمكن التكهن أو التصرف في حال وقوع أي مفاجآت على الطريق. وأشار إلى أن وزارة الداخلية، ممثلة في إدارات المرور والدوريات على مستوى الدولة، تنفذ حملات توعية مستمرة لمستخدمي الطرق الداخلية والخارجية، يتم خلالها توزيع كتيبات ونشرات توعوية إرشادية، حول مخاطر استخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة، وما يسببه من حوادث مرورية، وأوضح الزعابي، أن نشر الثقافة المرورية بين مستخدمي الطريق وأفراد المجتمع، يساهم بشكل كبير في الحد من وقوع الحوادث المرورية الخطيرة. وأشاد العميد غيث الزعابي بتعاون جميع الدوائر، والمؤسسات الحكومية والخاصة وجمعيات السلامة المرورية، لنشر التوعية والثقافة المرورية، والمساهمة في تقليل الحوادث المرورية على طرق الدولة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©