الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شبابنا و «الأرانب»

15 يونيو 2012
من منا لم يسمع عن أشهر سباق في العالم، الذي دارت مراحله في زمنٍ بعيد جداً عن زمننا، وجرى ليس بين سيارتين مزودتين بحواقن التيربو المزدوج أو الأجنحة العليا والسفلى أو العجلات العريضة النحيفة الخفيفة أو الأكزوزتات “المنفوخة” المعدلة، التي تطرب بصوتها العالي، عشاق هذه السيارات المزودة، وتحرق بشرارها ونارها، من يجرؤ على الاقتراب منها. هذا السباق الذي لم تتم مراحله على شوارعنا العريضة المخصصة لمثل هذه السباقات، ولا حتى شوارعنا الضيقة المزدحمة غير المخصصة لمثل هذه السباقات، هذا السباق كان بطلاه الأرنب “السريع”، والسلحفاة “البطيئة”، وكان يعتقد الأرنب ذو الأرجل الطويلة السريعة الوثابة، أنه سيتمكن وبكل سهولة من الفوز في هذا السباق، على السلحفاة ذات الأرجل الصغيرة بطيئة الحركة، الذكية في الوقت نفسه. كلنا يعلم ويتذكر إلى ماذا خلصت وانتهت نتيجة السباق، وكلنا يعلم أن سرعة الأرنب “الصاروخية” التي لم يكن يرى من خلالها، سوى آثاره المغروزة في الأرض، والتي كان يرى بعضها وكان لا يرى بعضها الآخر من شدة سرعته، لم تسعفه ولم تمكنه من الفوز على هذه السلحفاة “بطيئة” الحركة “ذات العقل والحكمة، التي تمكنت من أن تفوز بذكائها وعقلها وصبرها... أغلب شبابنا اليوم يمكن تشبيههم بهذا الأرنب السريع، هذا الأرنب الذي يعتقد أنه وبسرعته هذه يمكن أن يصل إلى أي مكان يريده بلمح البصر، شبابنا اليوم يملكون ما يملكه صديقنا الأرنب رغم اختلاف التفاصيل، فهم يملكون السيارات السريعة “المزودة” بكل ما لذ وطاب، من تقنيات وأجهزة ومعدات ميكانيكية وإلكترونية، قادرة على ضخ “طاقة وقوة عمياء” كبيرة في هذه السيارات، تجعلهم خلف مقودها كأنهم خلف موقد سفنٍ تتلاطمها الأمواج العاتية. بعض شبابنا اليوم اعتبر هذا الأرنب مثله الأعلى، وقدوته الأسمى... بما يمتاز به هذا الأخير من سرعة عالية وقوة قفز تصل حد طيران العصافير. بعض شباب اليوم لا يدركون ما أدركته السلحفاة “البطيئة”، ولا يرغبون في الوقت نفسه من التشبه بها أو تقليدها، رغم أنها وبذكائها تمكنت من أن تهزم ذلك الأرنب السريع، بعض شبابنا أغلق أذنيه وأغمض عينيه عندما تمكنت السلحفاة البطيئة من هزيمة الأرنب السريع، فلم يريدوا أن يرو هذه النهاية أو أن يسمعوا بهذه النتيجة، وهو حالهم اليوم إذا سارت أمامهم سيارة على مهمل، فتراهم يمطرونها بالإضاءات والعاكسات، التي تربك قائد السيارة وتفقده تركيزه واتزانه، وتراهم في نفس الوقت إذا مرت من أمامهم سيارة أخرى وتجاوزتهم، يشتاطون ويعتصرون غيظاً، فبأي حقاً تتجاوزهم هذه السيارة وهم يعتقدون أنهم سادة وملاك الطريق، وأن لا يجوز لأحدٍ أن يتجاوزهم أو أن لا يوسع الطريق أمام سيارتهم التي تلتهم إطاراتها أسفلت الشوارع التي تسير عليها، ونسوا أن القيادة والسير كما سارت صديقتنا السلحفاة وتغلبت على صديقنا الأرنب، فن وذوق وذكاء، وليس فقط سرعة وطيران وعدم تركيز. . المحرر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©