السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المصريون مصممون على كعك العيد رغم الغلاء

المصريون مصممون على كعك العيد رغم الغلاء
11 سبتمبر 2010 21:27
يرتبط الاحتفال بعيد الفطر عند المصريين بعادات وتقاليد متوارثة منذ مئات السنين منها كعك العيد الذي يقبل الناس على إعداده في الأسبوع الأخير من شهر رمضان ولكن الأيام الماضية شهدت تراجعا في الإقبال على كعك العيد نظرا لغلاء الأسعار الذي طال الدقيق والخامات الداخلة في إنتاج الكعك. وتفننت الأسر في مواجهه الأزمة بترشيد احتياجاتها من الكعك بدلا من الحرمان منه نهائيا لاسيما وأن تجهيز كعك العيد كموروث اجتماعي يمثل فرحة كبيرة عند الأسر المصرية. دفع الغلاء إلى جانب تزامن دخول المدارس مع العيد بفريق من المصريين إلى الاستغناء عن تجهيز الكعك البيتي بشراء كميات قليلة منه جاهزا من الأسواق بعدما وصل سعر الكيلوجرام الواحد من الكعك السادة إلى 30 جنيها بينما الأنواع الأخرى المحشوة بالمكسرات يزيد ثمن الكيلوجرام على 50 جنيها. قال أحمد عبد الإله (51 سنة) حلواني، “رغم أن تسوية الكعك وإعداده كان يمثل لي في السنوات السابقة مصدرا كبيرا لزيادة دخل المحل خلال شهر رمضان فإن العام الحالي شهد تراجعا في أعداد الصاجات التي ترسل إليه لتسويتها نظرا لغلاء الأسعار وإنقاص جنيهين عن كل صاج كعك والأسرة الواحدة ترسل لي في المتوسط نحو 10 صاجات”. وأضاف “يبدأ بيع الكعك الجاهز في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان إلى جانب أنواع أخرى من حلوى العيد المشهور بها الشعب المصري مثل البسكويت والغريبة والبيتي فور”. وقال حسين جاب الله ،(55 سنة) موظف، “لم أجد مفرا من تقليل كميات الكعك والبسكويت التي كنا نجهزها ونوزعها كهدايا على أبنائنا المتزوجين فبدلا من 40 كيلو جراما اكتفينا بـ 20 فالأسعار نار ولكنني لا أستطيع حرمان أسرتي من تلك العادة”. وقالت أم هاشم مصطفى (46 سنة) “أحرص كل عام على صناعة الكعك والبسكويت في بيتي وأجد فرحة غامرة عندما أشاهد السعادة تغمر أولادي وهم يتعاونون معي في إعداده وحمل الصاجات إلى الفرن لتسويته والعودة به مرة أخرى إلى المنزل وغلاء الأسعار أسهم في تقليل الكميات التي كنت أعدها سنويا من 15 - 10 كيلوجرامات وتناول الكعك لا يقتصر فقط على أيام العيد وإنما يمتد لفترات أخرى بعده حيث نحرص على تناوله صباحا مع الشاي”. وأشارت كريمة حامد، ربة منزل، إلى أنها لا تفضل شراء الكعك الجاهز حتى لو كان من أفضل المحلات وأنها تحب صنعه في البيت لضمان جودته وكنوع من الفرحة والبهجة لأولادها، مؤكدة أن صناعة الكعك تحتاج لمجهود وخبرة لإجادة ضبط المقادير والتسوية. وقالت “طريقة عمل الكعك اختلفت كثيرا هذه الأيام كنا نغلي السمن حتى يصعد منه البخار ونضع مكونات كثيرة مثل الفستق والبندق والمكسرات أما الآن فغلاء الأسعار جعلنا نقتصر على صناعته سادة وحجم الكعكة كان كبيرا ولا نضع فيه إلا السمن البلدي والآن نضع السمن الصناعي وأحيانا الزيت وهناك عدة أنواع من الكعك الذي نعده في البيت منه المصنوع لاستهلاك الأسرة وله مواصفات حسب رغبات كل فرد وهي تختلف عن مواصفات الكعك المصنوع ليقدم للضيوف أو يهدى للجيران كما أن هناك الكعك المصنوع خصيصا للعروس ليلة الزفاف أو للتوزيع على الفقراء وقت زيارة المقابر في صباح العيد”. وتؤكد أنها مثل كثيرات تتشاءم إذا لم تصنع الكعك في بيتها. زيادة الإقبال قدر الخبير الاقتصادي الدكتور حمدي عبدالعظيم حجم إقبال الأسر المصرية على أعداد وشراء كعك العيد بنحو 90 ألف طن وتكلفتها 250 مليون دولار بزيادة 30 في المائة على العام الماضي نظرا للارتفاع الكبير في أسعار الدقيق والسكر والمكسرات التي تدخل في صناعة الكعك. وأشارت الدكتورة هدى زكريا، أستاذة علم الاجتماع بجامعة الزقازيق، إلى تراجع صناعة الكعك في البيت المصري هذا العام لغلاء الأسعار لتفضيل بعض الأسر بشرائه جاهزا خاصة الأسر التي تعيش في المدن الكبرى وتعمل بها الزوجة نهارا ولا تجد الوقت الكافي لأعداده في المنزل. وقالت إن عادة تجهيز الكعك في البيت منتشرة بالريف لما يمثله ذلك من فرحة للأبناء الذين يشاركون في إعداده وتوصيل “الصاجات” إلى الأفران لتسويته والعودة به مرة أخرى، كما تعمد بعض الأسر إلى إقامة أفران بلدية في أسطح منازلها لتسوية الكعك وأن الكعك كان مصدرا رئيسا لزيادة العنف الأسري وحالات الطلاق في المجتمع المصري في السنوات الأخيرة نظرا لاحتدام الخلافات بين الأزواج حول تصنيعه أو شرائه وضيق ذات اليد. تاريخ الكعك كعك العيد موروث اجتماعي يحرص كثير من المصريين عليه منذ مئات السنيين حسب تأكيد الدكتور إبراهيم شعلان، أستاذ الأدب الشعبي بجامعة القاهرة، والذي أوضح أن الفراعنة أول من عرف طريقة عمل الكعك حيث كان الخبازون في البلاط الفرعوني يصنعونه بأشكال مختلفة مثل اللولبي والمخروطي والمستطيل والمستدير وهو ما يظهر جليا في برديات ورسوم على جدران المعابد والمقابر أبرزها مقبرة الوزير “خني رع” في الأسرة الثامنة عشرة بالأقصر وكان يسمى القرص. وقال إن كعك عيد الفطر يرجع في التاريخ الإسلامي إلى زمن الدولة الطولونية في مصر قبل ما يزيد على 1200 عام حيث كانوا يصنعونه في قوالب خاصة مكتوب عليها “كل واشكر” ثم أخذ مكانة متميزة في عصر الإخشيديين حيث أصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر في عهد الوزير “أبو بمر الماد رالي” الذي كان يحرص على صناعة الكعك وحشوه بالدنانير الذهبية وتوزيعه على فقراء المصريين لإدخال الفرحة على قلوبهم وهو الأمر الذي سار عليه خلفاء الدولة الفاطمية لاسيما في زمن الخليفة العزيز والذي عرف عنه انه أمر بإنشاء أول دار لصناعة الكعك بالقاهرة سميت “دار الفطرة” وكان حجم الكعكة الواحدة في حجم رغيف الخبز وكتب عليها عبارات مثل “كل هنيئا واشكر” و”كل واشكر مولاك” وعبارات أخرى لها نفس المعنى وتوجد عدة قوالب للكعك بتلك العبارات في المتحف الإسلامي بالقاهرة. كعك العيد يتسبب بالطلاق يلعب كعك العيد دورا في إشعال نيران الخلافات بين الأزواج لما يمثله من زيادة في الأعباء المالية وضغط على الأزواج الذين يعجزون عن تدبير المال اللازم للكعك فتنشب مشاجرات بعضها ينتهي بخصام وآخر في أقسام الشرطة كتلك التي شهدتها منطقة شبرا الخيمة قبل أيام عندما ألقى نجار بزوجته من شرفة المنزل بالطابق الثاني إثر مشاجرة عنيفة لرفضه إعطائها نقودا لشراء مستلزمات كعك العيد. وهناك خلافات تنتهي عند المأذون حيث باتت الأيام الأخيرة من رمضان موسما لحالات الطلاق بعد احتدام الخلافات الزوجية بسبب الكعك ورفض الزوج شراءه أو أعداده في البيت بدعوى ضيق ذات اليد وتصميم وإلحاح الزوجة ومخالفتها لأوامر زوجها تارة بالاقتراض من الجيران مثل واقعة امرأة اقترضت 500 جنيه لصناعة كعك العيد دون علم زوجها الذي عندما علم ألقى عليها يمين الطلاق في الحال.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©