الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بنو إسرائيل فروا من الطاعون فأماتهم الله

بنو إسرائيل فروا من الطاعون فأماتهم الله
30 يونيو 2014 01:06
قصة لا يذكر القرآن الكريم أسماء أصحابها ويعرضها في اختصار، ولكنه روى أن جماعة خرجوا من ديارهم وعددهم بالألوف، خوفاً من الموت، فلم ينفعهم الخروج والفرار والحذر، وأدركهم قدر الله الذي خرجوا حذراً منه، ولم ينفعهم الجهد في اتقاء الموت، ولم يبذلوا جهداً في استرجاع الحياة وإنما هو قدر الله في الحالين. وقع الطاعون بقرية يقال لها «داوردان»، فهرب عامة أهلها، فنزلوا ناحية منها، فهلك من بقي في القرية، وسلم الآخرون فلم يمت منهم كثير، فلما ارتفع الطاعون رجعوا سالمين، فقال الذين بقوا إن أصحابنا هؤلاء كانوا أحزم منا، لو صنعنا كما صنعوا بقينا، ولئن وقع الطاعون ثانية لنخرجن معهم، فوقع في العام الذي تلاه، فهربوا، حتى نزلوا ذلك المكان، فناداهم ملك من أسفل الوادي، وآخر من أعلاه أن موتوا فماتوا حتى إذا هلكوا، وبقيت أجسادهم، مر بهم نبي، يقال له «حزقيل» فلما رآهم وقف عليهم، فجعل يتفكر فيهم، فأوحى الله إليه تريد أن أريك كيف أحييهم؟ قال نعم. قدرة الله ويقول أصحاب السير عن ابن عباس وابن مسعود وأناس من الصحابة، إنما كان تفكره أنه تعجب من قدرة الله عليهم، فقيل له: «نادهم فنادى يا أيتها العظام إن الله يأمرك أن تجتمعي، فجعلت العظام يطير بعضها إلى بعض، حتى كانت أجساداً من عظام، ثم أوحى الله إليه أن ناد يا أيتها العظام إن الله يأمرك أن تكتسي لحما فاكتست لحماً ودماً وثيابها التي ماتت فيها، ثم قيل له ناد فنادى أيتها الأجساد إن الله يأمرك أن تقومي فقاموا. ويروى أنهم قالوا حين أحيوا: سبحانك ربنا وبحمدك لا إله إلا أنت فرجعوا إلى قومهم أحياء، يعرفون أنهم كانوا موتى، سحنة الموت على وجوههم، لا يلبسون ثوبا إلا عاد كفنا، حتى ماتوا لآجالهم التي كتبت لهم. هؤلاء الذين ذكر الله سبحانه وتعالى قصتهم في قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ)، «سورة البقرة: الآية 243»، واختلف في عددهم ما بين أربعة آلاف وست مئة ألف. قال ابن جرير في «تاريخه» لا خلاف بين أهل العلم بأخبار الماضين، وأمور السالفين من أمتنا وغيرهم على أن القائم بأمور بني إسرائيل بعد يوشع، كالب بن يوفنا أحد أصحاب موسى عليه السلام وهو زوج أخته مريم، ثم من بعده كان القائم بأمورهم «حزقيل بن بوذى»، وهو الذي دعا الله فأحيا الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فروا من الوباء فنزلوا بصعيد من الأرض، فقال لهم الله موتوا فماتوا جميعاً، فمضت عليهم دهور طويلة، فمر بهم حزقيل عليه السلام، فوقف عليهم متفكراً، فقيل له أتحب أن يبعثهم الله وأنت تنظر؟ فقال نعم فأمر أن يدعو تلك العظام أن تكتسي لحماً، وأن يتصل العصب بعضه ببعض فناداهم عن أمر الله له بذلك، فقام القوم أجمعون وكبروا تكبيرة رجل واحد. عندما يأتي الوباء قال الكلبي ومقاتل والضحاك إنما فروا من الجهاد، وذلك أن ملكاً من ملوك بني إسرائيل أمرهم أن يخرجوا إلى قتال عدوهم فعسكروا ثم جبنوا وكرهوا الموت فاعتلوا وقالوا لملكهم إن الأرض التي تأتيها بها الوباء فلا نأتيها حتى ينقطع منها الوباء، فأرسل الله عليهم الموت فخرجوا من ديارهم فراراً من الموت، فلما رأى الملك ذلك قال اللهم رب يعقوب وإله موسى قد ترى معصية عبادك فأرهم آية في أنفسهم حتى يعلموا أنهم لا يستطيعون الفرار منك فلما خرجوا قال لهم الله تعالى: موتوا عقوبة لهم فماتوا جميعاً وماتت دوابهم كموت رجل واحد فأتى عليهم ثمانية أيام حتى انتفخوا فخرج إليهم الناس فعجزوا عن دفنهم فحظروا عليهم حظيرة وتركوهم فيها. يقص تعالى علينا قصة الذين خرجوا من ديارهم على كثرتهم واتفاق مقاصدهم، بأن الذي أخرجهم منها حذر الموت من وباء أو غيره، يقصدون بهذا الخروج السلامة من الموت، ولكن لا يغني حذر عن قدر، فقال لهم الله موتوا فماتوا ثم أحياهم، بياناً لآياته لخلقه بإحياء الموتى، ولهذا قال: (... إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ)، «سورة يونس: الآية 60»، فلا تزيدهم النعمة شكراً، بل ربما استعانوا بنعم الله على معاصيه. ففي هذه الآية دليل على أن الأسباب لا تنفع مع القضاء والقدر، خصوصاً الأسباب التي تترك بها أوامر الله وفيها الآية العظيمة بإحياء الموتى أعياناً في هذه الدار ويبين سبحانه أن الفرار من الموت لا يمنع الموت ولا يمنع من قدر الله شيء. القاهرة (الاتحاد) أرض لا تدخلوها قال الإمام أحمد إنه عندما انتشر الطاعون في الشام، فإن عبدالرحمن بن عوف أخبر عمر وهو هناك عن النبي - صلى الله عليه وسلم-: «إن هذا السقم عذب به الأمم قبلكم، فإذا سمعتم به في أرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه»، فرجع عمر من الشام.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©