الأحد 5 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العيدية فرحة الصغار الخالصة

العيدية فرحة الصغار الخالصة
9 سبتمبر 2010 23:38
«أنا لا أنام طوال الليل، أنام قليلاً وأصحو في انتظار أن يأتي العيد، في الصباح وحين تطلع الشمس، أجري في البيت لأوقظ الجميع، أصرخ جاء العيد جاء العيد، استيقظوا جاء العيد».. كلمات عفوية برئية، انطلقت من شفاه فاطمة سعيد الحسني، تعكس فرحة طفلة في ربيعها التاسع، قضت الليلة انتظاراً للعيد. العيد للصغار فرحة «ثلاثية الأبعاد»، يرونها من كل اتجاه، ويلامسونها من مختلف النواحي، بعض الكبار لا يشعرون ببهجة العيد، غادرهم الفرح مبكراً، لكن الصغار يدركونه ويلامسهم، لأن السعادة عندهم بسيطة تجسدها ملابس جديدة، حذاء جديد، وعيدية، وهذه الأخيرة هي اختصار العيد. العيدية في الإمارات والدول الخليجية حق خالص للأطفال، يحصلون عليه صباح العيد، مبلغ من المال يبدأ من درهم واحد ليصل للألف درهم، بحسب قدرة المعطي وقرابة الطفل المعطى إليه، لكن لا يمكن أن يمر العيد على طفل إماراتي دون أن يحصل على عيدية. فاطمة الحسني تدرس في الصف الرابع الابتدائي، تحب العيد وتنتظره لارتداء فستانها الجديد والحصول على العيدية، تقول فاطمة: تصل عيديتي كل عيد إلى ثلاثمائة درهم، أجمعها من أبي وأمي وأعمامي وعماتي، تعطيني جدتي وجدي عيدية أيضاً لكنهما يضيفان إليها الحلويات والمكسرات. بعد ارتداء ملابسي الجديدة، أسلم على والدي ووالدتي لأستلم عيدتي منهما، ثم أذهب برفقة شقيقي لنعايد على بيوت الجيران، نجتمع مع صغار الفريج كلهم، نطرق باب من نعرفه ومن لا نعرفه، نردد: «عيدكم مبارك» فيعطوننا العيدية. كوكبة الصغار التي تندس فيها فاطمة، تضم فتيات وفتية من أعمار متفاوته، لكنهم جميعاً دخلوا للمدرسة، فلا تسمح العائلات الإماراتية لأطفالها دون السادسة بالخروج في رحلة جمع العيدية. حين نكبر حمدان محمد، صبي في الرابعة عشرة من العمر، يرافق أشقاءه الصغار في رحلة جمع العيدية، لكنه يقف بعيداً عن الصغار، يقول: كبرت على طرق الباب بحثاً عن العيدية، فهناك عمر يجب عدم تجاوزه، جمع العيدية من الفريج للأطفال ما بين السادسة إلى الثانية عشرة من العمر، وحين نكبر «وندخل الإعدادية» لا نذهب لجمع العيدية، لكننا نستمر في الحصول عليها من والدينا وإخوتنا وأعمامنا وخالاتنا، أي أنها تصبح محصورة في نطاق الأسرة. يكمل حمدان: أتابع أشقائي من بعيد، أمي تخاف عليهم، ووجود الصغار لوحدهم في الشارع خطر، كما أنني أكون حريصاً على الاهتمام بهم كي لا يتعرض لهم أحد بسوء، ولأنهم مع أطفال صغار مثلهم فأنا لا أتدخل في طريقة تحركهم بين البيوت، لكني أحرص على أن يكونوا أمام عيناي لأصحبهم بمجرد انتهائهم للبيت. من بعيد تأتي عاملة منزلية لترافق طفلاً تضمه إلى كوكبة الباحثين عن العيدية، تقول: اسمي جولي، أرسلتني صاحبة البيت لأرافق صغيرتها، وأنا أحب ذلك، فأحياناً أحصل على بعض النقود من العيدية، بعض الناس يعطوني خمسة دراهم حين يرونني أتابع الصغيرة، وبعضهم يعطيني المكسرات والحلوى. طقوس مكتملة أم عبدالله، تسكن مدينة العين، أم لأربعة أطفال تقول: توارثنا مفهوم العيدية من آبائنا وأجدادنا، لأنها تميز هذا اليوم عن بقية أيام السنة، وهي حق للصغار يحصلون عليها من الجميع، نحرص على تعليمها لأبنائنا، ودفعهم للمشاركة في جولة البحث عن العيدية، ليس من أجل المال طبعاً لأننا نستطيع إعطاءهم المبلغ الذي يحصلون عليه من الجولة في أي وقت، ولكن لأن العيدية هي انفراد العيد في عقولهم، والحصول عليها يعني اكتمال طقوس العيد. تتأكد أم عبدالله من الحصول على «خردة» العيدية قبل العيد بأيام عدة، وتقول: يصبح الحصول على فكة أو خردة النقود في العيد شيئاً صعباً، لذا أحرص على أخذ العيدية قبل العيد بأيام عدة من البنك وعادة ما تكون من فئة خمسة دراهم أو عشرة دراهم أو خمسين درهماً. تتابع أم عبدالله: حين كنا صغاراً كانت العيدية أقل قيمة من اليوم، فكان البعض يحصل على مائة درهم بشق الأنفس، لأن الوالدين والأهل لا يعطون الصغار أكثر من 10 دراهم، بينما اختلف الأمر اليوم، ربما فقد الدرهم الواحد رونقه عند الصغار أو لأن الرخاء عم الإماراتيين جميعاً، فصارت العيدية تبدأ من خمسة دراهم على الأقل. وعن مواعيد جمع العيدية تقول أم عبدالله: عادة ما يخرج الصغار في اليوم الأول من أيام العيد بعد العودة من صلاة العيد، بل إن بعضهم يحصل على عيديته في المصلى، وتستمر حركتهم الدؤوبة بين المنازل إلى قرب صلاة الظهر، عادة ما يعودون للبيت مرة أو اثنتين وقت الضحى، لكن ما أن يؤذن لصلاة الظهر حتى ينتهي وقت جمع العيدية، وفي اليومين التاليين لا يذهب الصغار لجمع العيدية لكنهم يستمرون في الحصول عليها من الأهل في الزيارات العائلية. موعد مع الفرح أحلام راشد أم لطفلين، تقول عن العيدية: أشعر بالسعادة لمجرد تذكر العيدية التي كنت أحصل عليها، فعلى البرغم من أنها لم تكن مبلغاً كبيراً بعد أن أجمعها، لكنها كانت تعني لي الكثير، فما أجمعه سيكون ثمناً لساعات مرحي في «مركز السندباد» ( مركز ألعاب قديم كان في أبوظبي أيام الثمانينات) أو حديقة ألعاب الهيلي في العين أو سأشتري به لعبة جديدة، وفيما بعد حين كبرت قليلاً جمعت من مصروفي وعيديتي مبلغاً اشتريت به أول كاميرا تصوير فوتوغرافي في حياتي وصورت أهلي يوم العيد في صور ما زلت أحتفظ بها. تكمل أحلام : صار الصغار اليوم يحصلون على مبالغ كبيرة، وصرت أخشى على أطفالي من توافر المال دوماً في أيديهم، لذا أحرص على أخذ نصف ما جمعوه من عيديه لأودعه في حسابات التوفير البنكية الخاصة بهم، وأسمح لهم باللعب وشراء ما يريدون بالنصف الباقي. تخاف أحلام على أبنائها كثيراً، وتصر على أن يرافقهم أحد أعمامهم الصغار في رحلة البحث عن العيدية، تبرر ذلك قائلة: بمجرد أن أتذكر الجرائم التي تحصل في العيد أشعر بالرعب، وفي الوقت نفسه لا أريد لخوفي أن يحرم صغاري فرحتهم بالعيدية، لذلك أطلب من عمهم الصغير اصطحابهم، مع إغرائه بعيدية «كبيرة»، وأقدم لهم بعض النصائح مثل عدم الدخول إلى البيوت، وعدم شرب العصائر وتناول الأطعمة من بيوت من لا نعرفهم، وكذلك عدم التحرك من دون وجود عمهم معهم، وفي النهاية هذه نصائح وتدابير لكن الحامي هو الله عز وجل. بعرق الجباه عفراء المنصوري طالبة جامعة، تحصل على عيدية «راهية» كما تقول: يوم العيد أشعر بأني طفلة، هو اليوم الوحيد الذي أعرف فيه أني مازلت صغيرة ومحبوبة ومدللة من الجميع، طبعاً لا أستطيع الذهاب في رحلة العيدية (تقولها بحزن) لكني أحصل على عيدية «راهية» ( كلمة تعني ممتلئة) وأنا جالسة في البيت (تضحك). يعطيني والداي 200 درهم (من كل واحد منهما)، إخوتي الكبار يعطوني 100 أو 50 درهماً على حسب أوضاعهم المادية، عماتي وخالتي يعطونني 50 درهماً من كل شخص في العائلة، وحين تغرب شمس العيد تكون حصيلتي قرابة الألف درهم، من دون تعب رحلة العيدية! تكمل عفراء بعد أن خففت المزاج من عباراتها: رحلة العيدية أجمل شيء بالنسبة للصغار، كنت لا أستطيع النوم ليلة العيد كي أكون أول من يطرق الأبواب ويجمع العيدية من الأهل، أحب أن أريهم فستاني الجديد وأحصل على عيديتي، وحين كبرت اختلف العيد ولم أعد أخرج في رحلة العيدية، لكني صرت أراقب أبناء إخوتي يتصرفون بطريقتي نفسها حين كنت صغيرة، وبعد أن ترتفع الشمس في السماء ويؤذن أذان الظهر يعودون للبيوت منهكين متعبين ليناموا بعمق إلى حين صلاة المغرب، بعد أن جمعوا عيديتهم وفرحوا بالعيد على طريقتهم البسيطة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©