الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإجازة الصيفية.. فرصة للانتفاع والاستفادة من الوقت

الإجازة الصيفية.. فرصة للانتفاع والاستفادة من الوقت
13 يونيو 2013 20:36
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بالصَّبْرِ)، «سورة العصر الآيات 1 -3». جاء في كتاب صفوة التفاسير للصابوني في تفسير السورة السابقة: «أقسم تعالى بالعصر، وهو الزمان الذي ينتهي فيه عمر الإنسان، وما فيه من أصناف العجائب، والعِبَر الدالة على قدرة الله وحكمته، على أن جنس الإنسان في خسارة ونقصان، إلا من اتصف بالأوصاف الأربعة، وهي «الإيمان» و«العمل الصالح» و«التواصي بالحق» و«الاعتصام بالصبر» وهي أسس الفضيلة، وأساس الدين»، (صفوة التفاسير للصابوني 3/600). وجاء في كتاب تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور: «وقد كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتخذوها شعاراً لهم في ملتقاهم ، روى الطبراني بسنده إلى عُبيد الله بن عبد الله بن الحُصين الأنصاري «من التابعين» أنه قال: «كان الرجلان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا التقيا لم يفترقا إلاّ على أن يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر إلى آخرها ثم يُسلِّم أحدهما على الآخر»، «أي سلام التفرق، وهو سنة أيضاً مثل سلام القُدوم»، وعن الشافعي: لو تدبر الناس هذه السورة لوسعتهم، وفي رواية عنه: لو لم ينزل إلى الناس إلا هي لكفتهم، وقال غيره: إنها شملت جميع علوم القرآن»، (تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور 30/528). لقد اهتم الإسلام بالوقت اهتماماً كبيراً، حيث أقسم الله به في آيات كثيرة من القرآن الكريم كما في قوله تعالى: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، «سورة الفجرة، الآية 1-2»، وقوله تعالى: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى)، «سورة الليل، الآية 1-2»، وقوله تعالى: (وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى)، «سورة الضحى، الآية 1-2»، وقوله تعالى: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ)، «سورة العصر، الآية 1-2»، وغيرها من الآيات التي تبين لنا أهمية الوقت وضرورة اغتنامه في طاعة الله. ومن المعلوم أنَّ الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان من أجل هدف سامٍ هو عبادته سبحانه وتعالى وطاعته، والسير على طريق الحق والخير كما جاء في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ)، «سورة الذاريات، الآية 56»، إذاً فالواجب علينا أن نغتنم كل لحظة ودقيقة في كسب رضوان الله قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال، فالوقت من أعظم النعم التي أنعم الله بها علينا، فماذا عملنا في أوقاتنا، وبماذا شغلنا أنفسنا؟ هل شغلنا أنفسنا بطاعة الله عز وجل والسعي في مرضاته؟ أم جعلنا أوقاتنا تضيع في اللهو واللعب، ومن الجدير بالذكر أن رسولنا - صلى الله عليه وسلم - قد أشار في عدد من الأحاديث الشريفة إلى أهمية عامل الوقت والزمن، حيث دعا - صلى الله عليه وسلم - إلى اغتنامه كما جاء في قوله - صلى الله عليه وسلم-: «اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك»، (أخرجه البيهقي). وعند دراستنا لسيرة الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - نلاحظ أنهم قد اغتنموا جميع الأوقات في طاعة الله ورسوله، فحياتهم حياة إيمان وأعمال صالحة، فهم دائماً في طاعة الله عز وجل، كما قال القرآن الكريم: (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ)، «سورة النور، الآية 37»، فهم مواظبون على حضور مجالس العلم والذكر وتلاوة القرآن الكريم، لأنها المجالس التي تؤمها الملائكة الكرام، كما أنهم يذكرون الله عز وجل آناء الليل وأطراف النهار، كما وأنهم حريصون على الابتعاد عن مجالس الغيبة والنميمة وغير ذلك من المجالس التي نهى الشارع الحكيم عن حضورها. يا حنظلة.. ساعة وساعة إن رسولنا - صلى الله عيه وسلم - هو الأسوة الحسنة والقدوة الصالحة للمسلمين جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها ،كما في قوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)، «سورة الأحزاب، الآية 21»، وعند دراستنا لسيرته العطرة نجد أنه - عليه الصلاة والسلام - كان هاشاً باشاً بَسَّاماً، كما وكان الترويح في حياة سلفنا الصالح - رضي الله عنهم أجمعين - لشحذ الهمم، فهذا حنظلة بن عامر - رضي الله عنه - يشتكي شيئاً من الغفلة في اللهو المباح، حيث مسامرة الأهل ومداعبة الأولاد، فيقول له النبي - صلى الله عليه وسلم-: «ولكن ساعة وساعة». إن الإسلام يهدف من وراء الترويح المباح إلى دفع المَلَل واستعادة النشاط والحيوية، لذلك حثَّ ديننا الإسلامي على ضرورة تعليم الأبناء الرماية والسباحة وركوب الخيل، وكل الأعمال المباحة التي لا تخالف الشرع الحنيف. أبناؤنا والإجازة الصيفية في هذه الأيام بدأ أبناؤنا الكرام إجازتهم الصيفية، والله نسأل أن تكون إجازة سعيدة طيبة مباركة إنه سميع قريب، وبهذه المناسبة فإننا ننصح أبناءنا الكرام أن يغتنموا الإجازة الصيفية بما يعود عليهم بالفائدة والسعادة في الدنيا والآخرة، فالشاب الذي ينشأ ويترعرع على مبادئ الإسلام السمحة يكون طاقة بناءة في الاتجاه الصحيح، ويدعم بجهده وإخلاصه ووعيه أمن الأمة وسلامتها، فقد بشر النبي - صلى الله عليه وسلم - الشاب الصالح العاقل الذي يطيع الله ورسوله وَيُقْبل على كلّ ما ينفعه في دنياه وآخرته، بأنه سيكون إن شاء الله من السبعة الذين يُظلهم الله في ظله يوم لا ظلَّ إلا ظله «وشاب نشأ في عبادة الله»، (أخرجه الشيخان)، لذلك فإننا ننصح أبناءنا الكرام بما يلي: - احرص على اغتنام أوقات الفراغ فيما يعود عليك وعلى مجتمعك بالخير والنفع، فخير الناس أنفعهم للناس، وأحبهم إلى الله سبحانه وتعالى أنفعهم لعباده. - عليك الالتحاق بمراكز تحفيظ القرآن الكريم، هذه المراكز التي تعم أرجاء الدولة، وكذلك الالتحاق بالمراكز الثقافية، والدورات العلمية التي تقيمها المؤسسات الخيرية كتعليم الكمبيوتر، والرياضة، والإسعافات الأولية، والأعمال النسائية للفتيات، فلو أن الأمة أحسنت استغلال طاقاتها، لاستفادت وأفادت الآخرين، وشجعت العلماء والمخترعين، وحلت مشكلات البطالة، وعاش الناس في رغد وأمان. - حافظ يا بنيّ على القول الطيب والعمل الصالح، فإن العمل الصالح القليل الدائم، خير من العمل الكثير المنقطع، والله يحب من العمل أدومه وإن قل. الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yo sefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©