الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الديمقراطيون» وتطلعات الطبقة العاملة

29 يناير 2010 23:09
هارولد مايرسون كاتب ومحلل سياسي أميركي يتيح خطاب "حالة الاتحاد" لأوباما فرصة لمراجعة السياسات السابقة لإدارته خلال العام المنقضي وإقرار التغييرات الضرورية خلال المرحلة المقبلة، فبينما اقترح في السنة الماضية حلولا كبيرة لمشكلات جسيمة سيقتصر اليوم بعدما تعطل الكثير من تلك الحلول ودخل قاعة الانتظار على مقترحات تذكرنا بالإجراءات التجميلية التي اشتهر بها كلينتون. فبعد استعادة "الجمهوريين" السيطرة على الكونجرس في عام 1994 قلص كلينتون من طموحاته بحصرها في معارضة خفض الضرائب التي كان يصر عليها الحزب "الجمهوري" وترضية قاعدته بمجموعة من المبادرات الصغيرة التي لا يكاد يراها أحد؛ وعلى رغم احتفاظ "الديمقراطيين" بتفوقهم في مجلس الشيوخ بعدد مقاعد يصل إلى 18 مقعداً وبأربع مرات ضعف ذلك في مجلس النواب، إلا أنه لا يمكن إخفاء الذعر الذي استشعره المشرعون "الديمقراطيون" في الأسبوع الماضي عندما اختطف منهم المرشح "الجمهوري"، سكوت براون، مقعد ولاية ماساشوستس، وهو ما دفع أوباما إلى الرد بنفس الطريقة التي رد بها كلينتون في عام 1994 باقتراح برامج متواضعة لا ترقى إلى الطموحات التي بدأ بها ولايته في البيت الأبيض. فلمواجهة "صقور" العجز المالي والمطالبين بالتركيز على معالجته اقترح أوباما تجميداً للإنفاق الحكومي الذي هو وضع سقف لبعض البرامج أكثر منه تجميداً حقيقياً في الواقع، فطالما أن الإنفاق لم يتجاوز الحد المسموح به سلفاً فإن بعض البرامج ستختفي فيما سيبقى البعض الآخر ما لم يتعد المخصص له من الأموال الفيدرالية. وبالنسبة لمن يطالب بمساعدات أكثر للطبقة الوسطى التي تعاني الأمرين فقد عرض أوباما توسيع الإعفاء الضريبي على رعاية الأطفال والحد من تسديد الطلبة للديون الدراسية المستحقة عليهم، وهي خطوات وإن كانت تسير في الاتجاه الصحيح، إلا أنها بعيدة عن المقترحات الجريئة التي كانت جزءاً من أجندة أوباما في نسختها الأولى. لكن على رغم هذا التركيز الأقل على القضايا الكبرى مقارنة بعام 2009 تستمر تلك القضايا في شغل الرأي العام الأميركي دون حل، لاسيما فيما يتعلق بالمبادرة الأهم التي طرحها أوباما والمتمثلة في إصلاح النظام الصحي الذي لم ترشح بعد تفاصيل حول مصيره. وأما الركود المزمن الذي يعاني منه الاقتصاد ويلقي بظلال قاتمة على باقي شرائح المجتمع الأميركي فلم يتوصل البيت الأبيض والكونجرس إلى حلول مقنعة بشأنه، ففيما أقرا معاً في العام الماضي، عندما كانت نسبة البطالة تقارب 9 في المئة، خطة لتحفيز الاقتصاد تقدر بحوالي 787 مليار دولار انخفض الدعم الفيدرالي الحالي إلى 154 ملياراً في وقت زاد فيه معدل البطالة إلى 10 في المئة مع وجود تقديرات تقول إننا لو احتسبنا الأميركيين الذين توقفوا عن البحث عن العمل لوصل الرقم إلى 17 في المئة، هذا في الوقت الذي يسعى فيه مجلس الشيوخ، حسب بعض التقارير الصحفية، إلى دعم أقل لا يتجاوز 80 مليار دولار، وهو ما فسره أحد المسؤولين "الديمقراطيين" بقوله: "هناك وهن في الإنفاق يسود بين أعضاء مجلس الشيوخ في هذه المرحلة"، ولحسن الحظ أن هذا الوهن لم يكن موجوداً خلال الكساد العظيم وإلا لحلت الكارثة بأميركا. ويبدو أن التردد الذي يتعامل به الحزب "الديمقراطي" مع ما جرى في ماساشوستس هو بمثابة الضغط على مقود السرعة وعلى الفرامل في الوقت نفسه، وهو ما نقله لي عضو "ديمقراطي" بارز في مجلس النواب يوم الجمعة الماضي قائلا: "في اجتماع الحزب الذي تلا انتخابات ماساشوستس كان البعض يصرخ نريد المزيد من الوظائف، ثم فجأة قالوا إننا نريد تقليص العجز المالي". غير أن ما يعيب المنطق "الديمقراطي" في تفسير انتكاسة الانتخابات الأخيرة هو الفشل في إدراك أن التراجع في التأييد الشعبي للحزب إنما جاء من ناخبي الطبقة العاملة الذين تحملوا العبء الأكبر للركود الاقتصادي، فقد أظهر استطلاع الرأي الذي أجرته شركة "بيتر هارت" أن المرشحة "الديمقراطية"، مرتا كاوكلي، تقدمت في صفوف طلبة الجامعات بنسبة 5 في المئة، لكنها خسرت 20 في المئة من أصوات غير الجامعيين فيما كان أوباما قد حصد 21 في المئة من أصوات غير الجامعيين في عام 2008 أثناء حملته الانتخابية، وهو ما يعني أن نسبة تأييد "الديمقراطيين" في أوساط الطبقة العاملة انحدرت بـ41 نقطة خلال السنة الجارية. ومع أن البعض يرجع هذا الانحدار إلى العجز المالي الذي يهدد الاقتصاد الأميركي يرى أغلب المحللين أنه يعود إلى نسبة البطالة العالية واختفاء الوظائف بوتيرة متصاعدة خلال الأشهر الأخيرة، هذا بالإضافة إلى سياسة الحكومة في الانحياز أكثر إلى "وول ستريت" وتقديم المساعدات إلى البنوك والمؤسسات المتعثرة مقابل إهمال للاقتصاد الفعلي المرتبط بشرائح المجتمع، ولذا فإنه إذا كان "الديمقراطيون" جادين في الحفاظ على تقدمهم خلال انتخابات التجديد النصفي التي ستجرى في شهر نوفمبر المقبل فلابد من الاهتمام بمسألة الوظائف. وكانت نسبة البطالة قد ارتفعت بشكل لافت في قطاعي البناء والصناعة وهو ما يفسر لماذا احتفظ أربعة من كل خمسة أميركيين بين سن 25 و54 بوظائفهم في شهر ديسمبر الماضي، وهي أدنى نسبة تسجلها الإحصاءات الرسمية؛ ولاستعادة تأييد الطبقة العاملة التي عبرت عن غضبها بشكل واضح في انتخابات ماساشوستس يحتاج "الديمقراطيون" إلى توجيه أموال التحفيز الاقتصادي ليس فقط لحماية وظائف المدرسين، بل لإنعاش القطاع الصناعي والمشروعات الإنشائية التي تؤمن الوظائف للطبقة العاملة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©