الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفيروز آبادي صاحب القاموس المحيط «اشترى الكتب بالذهب»

8 سبتمبر 2010 22:05
كان الفيروز آبادي من أئمة القرن الثامن الهجري الثقات، وأحد الأئمة اللغويين الذين نشروا علوم اللغة والأدب وأفادوا الناس ووضعوا المصنفات. يقول الدكتور محمد داود - أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة قناة السويس والخبير بمجمع اللغة العربية: ولد محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر، أبو طاهر مجد الدين الشيرازي الفيروز آبادي في سنة 729 هـ / 1329م بكارزين من أعمال مدينة شيراز. ينتهى نسبه إلى الشيخ أبي إسحاق الشيرازي صاحب “التنبيه”، ويرفع المؤرخون نسبه إلى أبي بكر الصديق - رضي الله عنه-. واشتهر بالفيروز آبادي نسبة إلى “فيروز آباد” وهي مدينة جنوب شيراز كان منها أبوه وجده. ونشأ في بيت علم وتقى فأبوه كان من العلماء المشهود لهم بالتقدم في اللغة والأدب بشيراز. بدأ تلقي دروس العلم بحفظ القرآن الكريم في السابعة من عمره، والتردد على حلقات العلماء في شيراز، فدرس على أبيه اللغة والأدب، وأخذ عن القوام عبد الله بن محمود بن النجم، ومحمد بن يوسف الزرندي المدني وغيرهم من علماء شيراز الحديث والفقه والأصول، وارتحل إلى العراق، فدخل واسط وقرأ بها القراءات العشر على الشهاب أحمد بن علي الديواني، ورحل إلى بغداد وتتلمذ على يد الشرف عبد الله بن بكتاش قاضي بغداد، وأراد أن يواصل تحصيله العلمي والأخذ عن العلماء الثقات فارتحل إلى دمشق، وسمع بها من التقي السبكي وأكثر من مئة شيخ منهم ابن الخباز، وابن القيم، وأحمد بن عبد الرحمن المرداوي، وأحمد بن مظفر النابلسي، ودخل حماه وبعلبك وحلب وغزة والرملة والقدس فسمع بها من العلائي والتقى القلقشندي، وانتقل إلى القاهرة ولقي بها البهاء بن عقيل، والجمال الأسنوي، وابن هشام وأخذ عن علمائها، ودفعه شغفه بالعلم إلى الترحال والطواف بالبلاد المشرقية والشمالية، ودخل الروم والهند، وانتهى به المطاف في “زبيد” باليمن حين استدعاه صاحبها وأميرها الأشرف إسماعيل بن العباس إلى حضرته، فلما جاء إليه بالغ في إكرامه، وكان يحضر درسه الذي كان يلقيه، وفى سنة 797 هـ ولاه الأشرف إسماعيل منصب القضاء، ونال المكانة العليا عنده، وقد بلغ من إعزاز الأشرف به وحرصه على ألا يفارقه أنه حين جاءه يستأذن منه في السفر منعه لأن في ذلك حرماناً للبلاد والعباد من علمه. وعرف الإمام الفيروز آبادي بالذكاء وحدة الذهن وسرعة البديهة والفطنة، وسعة العلم والثقافة، فكان حافظاً لكثير من الشعر والحكايات والنوادر ومتمكناً من اللغتين العربية والفارسية، وصرف همه إلى اللغة وعلومها، فتمكن منها حتى فاق أقرانه، وكان هذا هو سر مكانته عند الملوك والأمراء، واشتهر بحبه الشديد لاقتناء الكتب وقراءتها، فيروى أنه قال: “اشتريت بخمسين ألف مثقال ذهباً كتباً”، فكان لا يسافر إلا وصحبته عدة أحمال من الكتب يخرجها في كل منزل ينزله، ينظر فيها ويعيدها إذا رحل. وعمل الفيروز آبادي بالتدريس في عدة مدارس منها مدرسة القدس التي بدأ فيها أستاذاً، وقصده طلاب العلم من جميع بلاد المسلمين ينهلون من علمه الغزير ومعرفته الواسعة، وتلقى عنه الكثير من النجباء منهم ابن حجر العسقلاني وغيره. وأثنى عليه العلماء وقال عنه ابن حجر: “كان حافظاً للغة، واسع المعرفة بها”، وقال التقي الكرماني: “كان عديم النظير في زمانه نظماً ونثراً بالفارسية والعربية”، وقال عنه الزركلي: “كان مرجع عصره في اللغة والحديث والتفسير”. ترك الإمام الفيروز آبادي ما يزيد على ستين كتاباً في علوم القرآن الكريم والحديث الشريف واللغة والنحو، من أشهرها كتاب “تحبير الموشين في التعبير بالسين والشين”، و”شرح قصيدة بانت سعاد”، و”الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف”، و”الدرر المبثثة في الغرر المثلثة”، و”المثلث الكبير”، و”أنواء الغيث في أسماء الليث” و”الجليس الأنيس في أسماء الخندريس” و”مقصود ذوي الألباب في علم الإعراب” و”السراح في أسماء النكاح” و”بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز” و”تفسير فاتحة الكتاب” و”تنوير المقباس في تفسير ابن عباس” و”روضة الناظر في ترجمة الشيخ عبد القادر” و”المرقاة الوفية في طبقات الحنفية” و”المرقاة الأرفعية في طبقات الشافعية” و”البلغة في تراجم أئمة النحاة واللغة” و”نزهة الأذهان في تاريخ أصبهان” و”شوارق الأسرار العلية في شرح مشارق الأنوار النبوية” و”منح الباري بالسيل الفسيح الجاري في شرح صحيح البخاري” و”تسهيل طريق الوصول إلى الأحاديث الزائدة على جامع الأصول” و”الأحاديث الضعيفة”، و”الدر الغالي في الأحاديث العوالي”. ويعد كتابه “اللامع المعلم العجاب الجامع بين المحكم والعباب وزيادات امتلأ بها الوطاب واعتلى منها الخطاب” من أشهر مؤلفاته، وهو معجم ضخم يضم كماً هائلاً من مفردات اللغة العربية، يعنى بشرح معاني المفردات ودلالاتها في مئة مجلد كل مجلد يقرب من صحاح الجوهري في المقدار، أكمل منه خمسة مجلدات ثم شرع في مختصر من ذلك وأتمه في مجلدين وسماه “القاموس المحيط”، قال الإمام جلال الدين السيوطي في وصفه - أي في وصف القاموس - إنه ثالث أعظم الكتب التي ألفت في اللغة بعد عصر الصحاح، يقصد كتاب الصحاح للجوهري، وتوفي - رحمة الله - في سنة 817 هـ / 1415م بزبيد.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©