الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

هوميروس الجديد

12 يونيو 2013 22:25
“إحساس البلد” كان هذا عنوانا عريضا تصدر الصفحة الأولى لـ “ماركا” أشهر الصحف الإسبانية وغيره نجد “نادال يكسر الحدود” على صدر صحيفة “أس”، و”إنه الأكبر” في الصفحة الأولى لـ “سبور” و”رافا الثامن” بالصفحة الأولى لـ “موندو ديبورتيفو”، هذا بعض مما شدني في ما أبدعته الصحافة الإسبانية من تشبيهات يجيزها الفعل الهلامي لتتحدث عن الإنجاز الكبير بكل المقاييس لبطلها الرائع رفائيل نادال، الذي أسقط الكثير من العصافير ومن الأرقام القياسية، وهو يتوج للمرة الثامنة بلقب رولان جاروس للتنس أحد أعرق دوريات العالم لهذه الرياضة الأنيقة، وما سبقه أحد لهذا الشيء العجيب، ليس هذا فقط ولكن اللقب الثامن في رولان جاروس يجعل من نادال أسطورة تاريخية بالاحتكام إلى الإحصائيات، فنادال فاز في 59 مباراة (وهو رقم قياسي) مقابل هزيمة واحدة في نصف نهائي 2009 أمام السويدي روبن سيودرلينج حيث ذهب اللقب الوحيد بين 2005 و2013 إلى السويسري روجيه فيدرر.? بالطبع عندما يتمثل بطل كل صفات “الماتادور”، عندما لا توقفه لا مثبطات الإصابة ولا شراسة المنافسة ولا رتابة المباريات، وعندما يجعل من كل مباراة كيفما كان طبعها لحظة مقدسة في زمن الإبداع، فيعطيها بسخاء لا محدود من روحه ومن عرقه ومن سخائه، فإنه يستحق أن يكون أسطورة حية، يستحق أن ينعت بهوميروس الجديد كناية على ذاك الخالد في الفكر الإنساني، اليوناني هوميروس الذي أبدع منذ مئات السنين ملاحم شعرية أروعها وأكثرها خلودا “الإلياذة “ و”الأوديسا”. شخصيا أظهر الكثير من الانحياز عند مشاهدة هذه الرياضة الجميلة التي تعكس وجها وملمحا مختلفا لصناعة الفرجة الرياضية للسويسري روجيه فيدرير، فهذا المقاتل الأنيق والرياضي المصدر لكل قيم الجمال يستحق أن يكون بخصوصية الأداء وبسلاسة العروض، وأيضا بتفرد الأسلوب الفني أسطورة فريدة وحية في متحف الخالدين، لكنني أستشعر نوعاً من الميول لمباريات نادال، فهي تعكس للأمانة وجها مختلفا عن ذاك الذي يظهره فيدرير، فنادال أشبه من يكون بالمحاربين القدامى الذين يصنعون في ساحات الوغى أساطير في البطولة، وفي القتال من أجل قيم الانتماء. ونادال بملمحه الأسطوري وأيضا بالمساحة التي يشغلها اليوم في مسرح الإبداع الرياضي وبالضوء النيزكي الذي يعكسه في ساحات الخلق، ليس سوى نجم من نجوم كثيرة أطلقها الإسبان في سماء الخلود بفضل سياسة رياضية ضبطوا منذ أكثر من عشرين سنة خيوطها وفلسفتها، فأعطتهم أساطير كثيرة وأعطت الرياضة العالمية هوميروس جديداً هو نادال. بدر الدين الأدريسي | drissi44@yahoo.fr
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©