الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا والنووي الإيراني

7 سبتمبر 2010 23:36
مهما بدت الضغوط في هذه المرحلة على إيران فمن الواضح أنها تتمسك بقدراتها النووية ولا يبدو في المدى المنظور أنها تطرح الأمر للمساومة، وإن كان بإمكانها التأجيل والمراوغة لتحقيق مكاسب استراتيجية. التوصل لعقد اتفاق استراتيجي أميركي- إيراني لم ينضج بعد، فالشروط الأميركية تتصادم مع الشروط الإيرانية خاصة وان جزءا من المطالب الأميركية اتجاه إيران هي الأخرى حتى الآن مطالب إسرائيلية مرتبطة بإيقاف النووي وفصل التحالف الإيراني مع "حماس" و"حزب الله" والقوى العراقية. إيران تسعى لانتزاع اعتراف أميركي واضح بالمصالح الإيرانية في إطار الشرق الأوسط ومنطقة والخليج، وتسعى لنزع الاعتراف بالمصالح التجارية والاقتصادية والسياسية لإيران، ولكنها تسعى لوضع القوة الإسرائيلية في إطارها من خلال انتزاع عنصر التفوق الاستراتيجي الذي تتميز به. فإيران متصادمة مع إسرائيل عقديا، وسياسياً، وأمنياً. وتتضمن السياسة الإيرانية في الوقت نفسه تحقيق التزام أميركي بعدم السعي لتغير النظام. بل على الأغلب أن سياسة عدم تغير النظام أصبحت أمرا مفرغاً منه مع إدارة أوباما. وبالرغم من تراجع آفاق الضربة العسكرية الأميركية، فإن آفاق المغامرة الإسرائيلية في ضرب إيران لم تختفِ. إن معظم التقديرات تشير إلى أن إيران تجاوزت الحد الذي تستطيع من خلاله إسرائيل إيقاف برنامجها النووي بواسطة ضربة عسكرية. إن إسرائيل قد تقبل على مغامرات كبيرة بهدف توريط الولايات المتحدة المتورطة بالأساس في كل من أفغانستان والعراق. بنفس الوقت إن الضغوط الإسرائيلية وتحركات اللوبي تهدف لمحاصرة أوباما وفرض خيارات قاسية عليه تتطلب مزيدا من العقوبات والضغوط على إيران. والصراع الإيراني- الأميركي، هو في الأساس في جانب منه صراع إسرائيلي- إيراني. وفي نفس الوقت يصعب الحفاظ على حالة من الاتفاق بين الدول الكبرى في التعامل مع إيران. فقرار العقوبات الجديد رقم 1929، الذي أقره مجلس الأمن في الشهر الماضي بموافقة الصين وروسيا استهدف أن لا تقوم الولايات المتحدة من جانبها وبصورة أحادية بفرض عقوبات على إيران. لكن قيام الكونجرس الأميركي بعد ذلك بتمرير قوانين أحادية الجانب تفرض العقوبات على إيران جعل الصين بالتحديد تشعر أنها خدعت في مجلس الأمن. فقد وقع تفاهم بين الصين والولايات المتحدة يمنع الأخيرة من فرض عقوبات من جانبها بصورة مباشرة على إيران لقاء موافقة الصين على العقوبات في مجلس الأمن. بمعنى آخر هناك شقوق في التحالف الدولي الراهن وحدود لاستمرار هذا التحالف خاصة مع الصين وهذا ما تعرفه إيران جيدا. ويعزز هذا وجود مصالح صينية كبرى مع إيران في مجال الطاقة وفي مجالات أخرى. العقوبات التي فرضت قبل أسابيع من خلال قرار في مجلس الأمن ستصيب الشعب الإيراني ولن تصيب النظام، وسوف تساهم في تقوية النظام وبالأخص الجناح اليميني فيه. هذا ما فعلته العقوبات في العراق وهذا ما قد تفعله في إيران في حال استمرارها. لكن الواضح أيضا أن إيران لن تقبل بعقوبات طويلة، وأنها ستسعى لاستخدام قدراتها في التأثير المضاد، لنتذكر جيداً أن إيران تمتلك المقدرة على التأثير على المعادلات من خلال كل من العراق وأفغانستان ومن خلال حاجة الولايات المتحدة لتأمين انسحابات وتهدئة، كما أنها تمتلك نسبة من المفاجآت في الملف النووي، ولدى إيران المقدرة على تحريك جبهة الصراع العربي- الإسرائيلي. لهذا إيران تمتلك تاريخاً حضارياً كما ولديها قدرات رمزية ودينية وثقافية وحضارية وسياسية بإمكانها توظيفها في اللحظة المناسبة. إن السياسة الأميركية بتناقضاتها المختلفة ساهمت عبر تغير النظام العراقي وإسقاط نظام "طالبان" في أفغانستان وعبر وضع كل ضغوطها السلبية بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 في مواجهة كل من المملكة العربية السعودية ومصر في صعود نفوذها. د. شفيق الغبرا أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت ينشر بالتعاون مع «مشروع منبر الحرية»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©