الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مع الحوار.. ضد التحريض

مع الحوار.. ضد التحريض
12 يونيو 2013 20:05
استطاع الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، خلال اجتماعات مكتبه الدائم التي انعقدت لثلاثة أيام في أبوظبي، أن يستعيد الفعل الثقافي إلى دوره الطبيعي المؤثر، بعد انكماش أصابه خلال السنتين الماضيتين، بسبب ما شهدته عدة ساحات عربية من حراك شعبي أثمرت متغيرات بنيوية على مستوى الدول والمجتمعات. وكان من الملاحظ خلال تلك الفترة، أن جموع المثقفين والمبدعين الممثلة في اتحاداتها وروابطها المهنية، قد انكفأت عن الثقافي الرحب إلى السياسي بمفهومه المباشر، وانخرط كثيرون في الحراك بتوجهات وطنية صرفة، صرفت الهم الثقافي العربي العام عن دائرة الاهتمام. في ظل ذلك، أصبح الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، كمؤسسة ثقافية قومية، مجرد عنوان غير دال على الأقل فيما كان يتوقع منه. يكفي مثلا، إن الاتحاد، وقبل بدء ما سمي بـ”الربيع العربي” بأشهر قليلة، كان قد تبنى دعوة وجيهة لعقد مؤتمر قمة ثقافية عربية، برعاية جامعة الدول العربية، تدرس قضايا الثقافة وهموم المثقفين، في شتى المجالات. وقد نشطت قيادة الاتحاد حينها لتوفير حظوظ لعقد مثل هذه القمة وتوفير عوامل النجاح لها، على الرغم من الملاحظات المبدئية العديدة التي سيقت حولها. ولكن ما شهدته الميادين العربية بعد ذلك جعل من هذا “الحلم” هدفا شبه مستحيل. وكاد يحيل الاتحاد نفسه إلى أرشيف الحركة الثقافية العربية. من هنا يأتي انعقاد المكتب الدائم للاتحاد في أبوظبي، ليكشف مجموعة من الدلالات، لعل أبرزها وأهمها هي دلالة المكان. فثلاثة أيام في أبوظبي، وفي ضيافة اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، أظهرت مدى الحاجة إلى حاضنة ثقافية مرجعية للعمل الثقافي العربي المشترك، بعد التصدعات التي أصابات الجسم العربي في أكثر من مكان. وقد نجحت أبوظبي، ومنذ أعوام، أن تقدم نفسها كمدينة ثقافية مفتوحة بل ومنفتحة أمام الثقافة والمثقفين. وهي بحراكها الثقافي المستمر، وفعالياتها الثرية والمتعددة، وقدرتها الابتكارية، اكتسبت صفة العاصمة الثقافية العربية الدائمة، وأصبح بالتالي دورها مركزيا في هذا الإطار، ما جعل منها المكان الطبيعي والرحب لمؤتمر الكتّاب والأدباء العرب في إطار مؤسستهم الرائدة. القطري والقومي أما الدلالة الثانية، من اجتماعات أبوظبي، فهي اندغام الهم الوطني أو القطري، في الإطار القومي العام. لقد جاءت وفود الاتحادات والروابط العربية إلى أبوظبي وهي تحمل قضاياها وهمومها الداخلية ـ وهذا حق لها ـ لكي تسمع صدى أصواتها في قاعة الاجتماعات وبين الوفود الأخرى. فتماثل كثير من القضايا، وتميزت قضايا أخرى، لكي تتبلور جميعا في نهاية الأمر في سياق واحد هو: قضية الثقافة العربية المشتركة. فما يعانيه السوداني، ليس بعيدا عما يقاسي منه التونسي، وما يطالب به اليمني يتشابه في جوهره مع ما يريده المصري. والدلالة الثالثة، المستمدة من النقاشات ومن مضمون البيان الختامي، فهي استحالة الفصل الاعتباطي ما بين السياسي والثقافي. فذلك ترف ليست ساعته الآن، وليس مكانه فوق الأرض العربية. يكفي أن نراقب ما يجري، لكي ندرك أن كل موقف أو تطور “ميداني” أو “في الميدان”، ستكون له ارتداداته الكارثية أو التأسيسية في كل شأن آخر وأولها الثقافي. من هنا نفهم ما جاء به البيان الختامي، في إدانته الفتاوى التي تثير الفتنة والاقتتال، ومنها فتاوي القرضاوي الذي يدعو إلى إباحة الدم، واستدخال القوى الأجنبية للبلاد العربية بما لا يخدم وحدة الأمة واستقلالها. وقد تضمن البيان الذي قرأه عمر أحمد قدور رئيس اتحاد الأدباء والكتاب السودانيين ستة عشرة بندا جاء أولها كما قال التعامل مع الواقع الجديد بيقظة وانتباه، والتصدي له بروح جماعية تقدم المصالح القومية والوطنية العليا. وأشار إلى أن الاتحاد العام يدعم دولة الإمارات في جميع ما تتخذه من إجراءات لحفظ أمنها الوطني، وحقوقها المشروعة للتصدي للتيارات الظلامية التي تستهدف الاستقرار والسلام الاجتماعي. وحدد ما خلص له المجتمعون من قرارات في شأن الساحة العربية الثقافية والسياسية وأكد فيه إيمان اتحاد الكتاب العرب بالحريات والتعددية والحث على قيم العدل والحق والمساواة والسياسة المتوازنة. كما أكد على ضرورة تكريس فكرة الدولة المدنية والنظر إليها كمشروع قومي ووطني قابل للتطبيق كما أدان الاتحاد العام الفتاوى التي تثير الفتنة والاقتتال وشق صف الأمة وبخاصة فتاوى القرضاوي في سياق إباحة الدم والتآمر على الأمة واستدخال القوى الأجنبية للبلاد العربية بما لا يخدم الأمة واستقلالها. وشدد البيان على أهمية وضرورة مواجهة مخاطر التهويد التي تزداد على القدس الشريف وعموم الأراضي الفلسطينية. وأكد ضرورة مقاومة التطبيع ووقفة ضد ما تتعرض له الدول العربية لفلسطين والعراق من عملية سرقة تراثهما. ورفض الاتحاد العام في بيانه التدخلات الأجنبية في أي شأن عربي. وقال: “ينظر الاتحاد بقلق لما يجري في سوريا ودعا إلى صون الوطن واستقلاله، كما أكد الاتحاد على وقوفه مع السودان ضد التدخلات الأجنبية، وتضامنه مع مصر والسودان في شأن المشروعات المائية الماسة بحقوقهما التاريخية”، وأكد البيان تضامن الأعضاء مع الإمارات وحقها المشروع في جزرها الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى). وطالب البيان الختامي الدول العربية التي لم تسمح بإقامة كيانات ثقافية بإقامتها حيث تعبر عن أجواء الثقافة في ذلك البلد وعبرت الاتحادات عن امتننانها العميق لدولة الإمارات العربية المتحدة حكومة وشعباً لما وجدوه من حسن الاستقبال وكرم الضيافة في أجواء الحرية التي أسهمت بنجاح الاجتماع. الحرية أولا ثم قرأ محمد الغربي عمران عضو الأمانة العامة في اتحاد الكتاب اليمنيين رئيس الوفد اليمني تقرير لجنة الحريات على ضوء التقارير الواردة إلى الأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب من الروابط الأسر والجمعيات العربية. وسجل فيه إدانة لمحاصرة الحرية ومصادرة الأعمال الفنية وإغلاق وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وإطلاق أيدي الجماعات التكفيرية وتشجيع الاعتداء على تقاليد ثقافية من الموروث الشعبي ومصادرة بعض الصحف ومحاضرة الكيان الصهيوني لحرية التعبير. وأكد رفضه لها ودعم التظاهر السلمي، وأهمية الإفصاح عن الانتهاكات المتعلقة بالحريات ورفع الرقابة عن حركة الكتب والإصدارات العربية. وللمرة الأولى يقدم الاتحاد العام خلال اجتماعاته مشروع بيان ثقافي، عرض بنوده موفق محادين رئيس رابطة اتحاد الكتاب الأردنيين مركزا على أهمية المعرفة الخلاقة في التهيئة للتحولات الكبرى والنهضة، ولا سيما ثقافة التنوير. ومشددا على أهمية نبذ ظاهرة التكفير الثقافي والتطاول على الرموز الثقافية. وأشار محادين إلى أهمية إحياء ثقافة التنوير في وجه الإقصاء وتوسيع مساحة العمل الثقافي. وكان حبيب الصايغ رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات قد قرأ كلمة الدولة المضيفة أكد فيها على عمق المسؤولية التي قام بها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في احتضان اجتماعات المكتب الدائم لاتحاد الكتاب والأدباء العرب وقال: في اجتماعنا في أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، اتخذنا قرارات مهمة تخدم توجه الاتحاد العام ومن المنتظر أن تعكس البيانات التي تتلى نجاح اجتماعنا وتؤكد عليه. وأكد أن الهدف الوحيد هو خدمة أوطاننا وأمتنا والانتصار للقضايا المصيرية وقضايا العدل والحق والحرية وفي طليعة ذلك كله قضية فلسطين. ثم قرأ محمد سلماوي الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب كلمة أكد فيها على نجاح الاجتماعات في أبوظبي كونه الاجتماع الأول بعد المؤتمر الخامس والعشرين الذي عقد في البحرين، وأشار إلى إنجاز جدول الأعمال كاملاً وإلى تحقيق ما لا يمكن تحقيقه وأشاد بالتنظيم الدقيق من قبل الدولة المستضيفة، والرعاية الرسمية وأكد على أن الاجتماعات خرجت ببيانات مهمة وأهمية إصدار “الكتاب الأسود” الذي يرصد انتهاكات إسرائيل منذ عام 1948 لحد الآن. ثم قرأ مراد السوداني الأمين العام لاتحاد كتاب وأدباء فلسطين كلمة الوفود وقال فيها: “إن المكتب الدائم? وهو ينعقد في أبوظبي لهو فأل خير أن يتسع المكان لمكانة الثقافة والمشتغلين فيها لتقديم اقتراحاتهم الجميلة ما يخدم الثقافة العربية ويعززها”. وأضاف: “هنا أبوظبي المكان والمكانة والانتباه للفعل الثقافي العربي، هنا أبوظبي حيث أنجزنا اجتماعنا هذا عصفاً فكرياً بما يؤسس لثقافة تليق بالأمة التي تطالها سهام الاستهداف السوداء”. الثقافة الإماراتية وكانت الأيام الثلاثة لانعقاد الاجتماعات قد شهدت سلسلة من الفعاليات المصاحبة، كان من أبرزها ندوة تحت عنوان “واقع وأفق الثقافة في الإمارات في عهد خليفة بن زايد آل نهيان”، توزعت على محورين وهما الأول بعنوان “الثقافة من مرحلة التأسيس إلى مرحلة النضج” وشارك فيها الدكتور عارف الشيخ في ورقة بعنوان “تاريخ القضاء عبر 250 سنة”، والباحث سعيد بن كراز المهيري في ورقة بعنوان “أسرة آل نهيان الكرام وتاريخ أبوظبي”، وجاء المحور الثاني تحت عنوان “الثقافة.. الحداثة والمعاصرة”، وشارك فيها الدكتورة فاطمة الصايغ في ورقة تحت عنوان “الأحوال الاقتصادية والثقافية من فترة الشيخ شخبوط بن ذياب إلى فترة الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان”، والباحث خالد علي العميرة في ورقة تحت عنوان “تاريخ الخدمات البريدية في دولة الإمارات”، والباحث عبدالله جاسم المطيري خبير المسكوكات الإسلامية في ورقته “النقود المستخدمة في الإمارات منذ القرن 17وحتى 21”. وفي ورقته “تاريخ القضاء عبر 250 سنة”، تحدث الدكتور عارف الشيخ عن حقبة معينة أمدها 250 عاماً، وهي الفترة التي تم خلالها إنشاء القضاء، حيث لم تكن هناك ملامح للقضاء قبل هذه الفترة، وهي الفترة التي انتقل فيها حكم آل نهيان من عاصمتهم الظفرة «العاصمة الأولى» إلى أبوظبي. وقال الشيخ “كانت هناك عاصمتان، وهما الظفرة عاصمة بني ياس الأولى وجلفار عاصمة القواسم ولا أريد أن أدخل في التاريخ، بل أود الحديث عن تطور القضاء وأستطيع القول إن بني ياس وجدوا في المنطقة في القرن السابع عشر 1761 بزعامة الشيخ ذياب بن عيسى بن نهيان”. وتطرّق عارف الشيخ إلى عام 1793 بانتقال الشيخ شخبوط بن ذياب إلى أبوظبي، حيث وجد القواسم في الجهة الثانية بوصفهم قوة بحرية بما يقابلها هنا في أبوظبي بوصفها قوة برية متقدمة. ومن جهته تحدث الباحث سعيد بن كراز المهيري عن “أسرة آل نهيان الكرام وتاريخ أبوظبي”، وأشار إلى المصادر التاريخية التي ذكرت تولي أسرة آل نهيان الحكم في أبوظبي “روح الاتحاد فيما بعد”، وقال: “لقد ذكرت أبوظبي تاريخياً في القرن السابع الهجري، وذكرها ياقوت الحموي في كتابه “معجم البلدان”، حيث قال: “إنها أم الظبي”، كما ذكر أم النار وحفيت وطريف وليوه ومزيرعة”. كما قال إن تاجرا ايطاليا وفي 1580 تكلم عن جزر مهمة في أبوظبي، ودلما وصير بني ياس والظنة، وقال: “إن هذه الجزر تحتوي على أجود أنواع اللؤلؤ”. وتعقب الباحث سعيد بن كراز تاريخ أسرة آ نهيان منذ محمد بن شخبوط الذي حكم منذ عام 1816 إلى 1818 والذي بنى قلعة الميل في ليوا ثم طحنون بن شخبوط منذ 1818 حتى 1833 والذي كان يمتلك 2000 مقاتل ثم خليفة بن شخبوط منذ 1835 إلى 1845 وهو والد زايد الأول. وقدم بن كراز تصوراً عن قصر الحصن وتطور بنائه مفصلاً بالألوان التشييد الذي أقامه شيوخ آل نهيان في تعاقبهم. وتعقب حكم سعيد بن طحنون بعد خليفة بن شخبوط وذكر قصة لعبة الحالوسة “شجرة تنبت في الجبال” وكيف أظهر سعيد بن طحنون ذكاءه وحنكته. وتطرق بإسهاب إلى حكم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات وإنجازاته المشهود لها ومشروعه الاتحادي الكبير مع الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي، حيث تأسست الدولة العصرية، واجتماعهما في فبراير 1968 وإعلانهما الاتحاد مع الإمارات المتصالحة الأخرى في ديسمبر 1971. ثم مواقفه في حرب أكتوبر. جذور وتحولات ومن جهتها قدمت الباحثة الدكتورة فاطمة الصايغ أستاذة قسم التاريخ في جامعة الإمارات العربية المتحدة محاضرتها “التحولات الاقتصادية والثقافية في أبوظبي في الفترة ما بعد حكم الشيخ شخبوط بن ذياب إلى حكم شخبوط بن سلطان (1793 ـ 1966)”. وقالت: كانت الثقافة في عهد الشيخ شخبوط ممثلة في الشعر، فقد كان الأدب والشعر حاضران في الوثائق التي وثقت الواقع الثقافي في تلك الفترة في صور شعراء النبط الذين ظهروا. وأضافت : يمكن القول بأن للثقافة دوراً مهماً في هذه الفترة. فقد كانت المجالس الأدبية كمجالس الشعراء ومجالس البدو ومجالس العراء، ومجالس الشيوخ والعامة دوراً مهماً في بلورة واقع ثقافي مهم. وكان الشعر هو مرآة تلك الفترة عكس لنا الواقع الاجتماعي والاقتصادي والأدبي السائد. وفي ورقته “النقود المستخدمة في الإمارات منذ القرن 17 وحتى 21” قال الباحث عبد الله بن جاسم المطيري: “المال عصب الحياة ويذكر قديماً أن الباحث الكويتي عيسى بن عبد الوهاب قال عندما وصل إلى موانئ دبي وصلت إلى “دبي بلاد الحي” وذلك قبل 200 سنة، وكل ذلك بسبب تطورها المالي والاقتصادي، وتطرق الباحث إلى النقود البريطانية الهندية واللارينات «طويلة الإحساء، حيث سك حكام هرمز نقوداً غريبة الشكل في عاصمتهم “لار” أطلقوا عليها لارين نسبة لاسم المدينة وهي تشبه ملاقط الشعر أو أنها على شكل حلقات وفي 926 قلد السلطان العثماني سليمان القانوني سلاطين هرمز وأربسك نقود شبيهة في البصرة وأطلق عليها لارين أيضاً. واختتم الباحث خالد علي العميرة الندوة بورقته “تاريخ الخدمات البريدية في الإمارات” فتطرق إلى تاريخ بريد أبوظبي منذ عام 1761 إلى 1972، حيث تحدث في مباحث ثلاثة وهي المبحث الأول: أبوظبي قبل افتتاح مكتب بريد (1761 إلى 1963)، والمبحث الثاني: إدارة البريد البريطاني في أبوظبي 1963 إلى 1966 ثم المبحث الثالث إدارة البريد المحلي 1967 إلى 1972.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©