الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

هزيمة المثقف··!

هزيمة المثقف··!
5 فبراير 2008 00:28
لماذا يبدو رد الفعل الثقافي هزيلا أمام تحديات الحياة، وهل هي من العلامات الكبرى على مصرع (الشغب) الثقافي بالضربة القاضية من (عدوته) السلطة، وخنوعه واستسلامه للمسلمات والبديهيات،وتراجع الإبداع (كمكون ثقافي) إلى الذاتية الشديدة، وتحول المبدعون والمثقفون إلى (جوقة) تردد ما يقوله المايسترو؟ لقد تصارع المثقفون مع السلطة على مدى عقود، كانت مفعمة بالحراك السياسي والثورات والانتفاضات والجدل الفكري، واعتقد المثقفون أن ذاك الحراك الذي لم يكن لهم أي دور يذكر في نشوئه أو تطوره، قد حان (للانقضاض ) على السلطة، وتسلم مقاليد الحكم، لبناء (جمهوريات أحلامهم) غامضة الملامح، إذ لم تكن لديهم مشاريع ثقافية أصيلة، شأنها شأن الحراك السياسي والثوري الذي لم يكن أصيلا أيضا، فامتطاء ثقافة مستوردة لحركة ثورية هلامية، ولدت (انتصارا) قويا للسلطة، مع تراجع أي مشروع ثقافي، باستثناء ما تريده المؤسسة الرسمية للنمط الثقافي، وغالبا ما تريده احتفاليا مبهرجا غير معني بالأسئلة أو الشفافية أو النقد أو الفلسفة أو الوعي أو المصير، وأقرب إلى الفعل الدعائي الذي يروج إلى (فضل) المؤسسة الرسمية في العمل الثقافي· لقد فشل المثقفون لافتقارهم الى منهجية الصراع وأدوات التحدي والإيمان، أما صراعهم على سلطة الثقافة ( التسلط عليها ومن خلالها)، فقد أدى إلى عدم ظهور قيادات ثقافية في مواجهة القيادات (السلطوية) التي كانت تتعاظم باستمرار· إن نظرة واحدة على اتحادات الكتاب والأدباء في الأقطار العربية، تقود إلى مقولة (من شابه نظامه فما ظلم)، هنالك الجمهوري الملكي، وهنالك القبلي، وهنالك الديمقراطي الدكتاتوري، وهنالك الاستغلالي، ويشترك الجميع في شهيتهم للسلطة، فإن عجزوا تمسحوا بها، رغم تعارض السلطة مع الروح الإبداعية· لقد هزم المثقف العربي هزيمة شنعاء، فهو لم يستغل أمرين، انطلاق حركات التحرر، ولم يستغل حتى الآن عصر ثورة المعلومات والاتصال، وترك القيادة للتجار والحكومات، ما يراكم من صعوبات استعادته لموقعه· الحديث عن المثقف لم يعد مطمئنا، لأن السائد هو الحديث عن المؤسسة الثقافية الرسمية، وما تقليد العواصم ومنحها شرف أن تكون عواصم ثقافية سوى نقطة في بحر، والغريب أن اختيار العواصم يتم بشكل دوري، دون أن تحقق العواصم إنجازات تؤهلها كي تصبح عاصمة ثقافية، شأنها شأن موظف ينال ترقية بالتقادم، هنيئا لوزراء الثقافة العرب هذا الإنجاز، وهنيئا لهم إجازاتهم الدورية السياحية على مدار الحقيبة!!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©