الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

هل انتهى عصر النفط؟

هل انتهى عصر النفط؟
28 ابريل 2006
أمل المهيري:
هل العالم سائر لا محالة تجاه نهاية عصر النفط ؟ وهل الإنجازات التقنية المذهلة في حقل أنواع الطاقة المتجددة والبديلة ستقوض هيمنة النفط ؟ وهل الاقتصاد النفطي سيندثر قبل استنزاف الاحتياطيات النفطية ؟ تكتسب هذه الأسئلة أهمية قصوى ليس للشركات النفطية فحسب بل أيضاً للدول المنتجة للنفط والاقتصادات التي تعتمد عليه ، لاسيما تلك الموجودة في منطقة الخليج العربي، جاء ذلك في كتاب لمجموعة من الباحثين بعنوان: 'مستقبل النفط كمصدر للطاقة ' صادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ·
التحديات
تأثرت هيمنة النفط على الصعيد العالمي، كمصدر للطاقة، في السنوات الأخيرة بعدد من التطورات· فهناك محددات إيجابية وسلبية تسهم في صياغة الآفاق المستقبلية للنفط· وبالنظر إلى محدودية هذا المورد من حيث قابليته للنفاد، والمزايا النسبية لمصادر الطاقة البديلة، وإمكانية حدوث تطورات تقنية كبرى في صناعة النفط، والمخاوف والضرورات البيئية الملحة، فإن هناك تحولات مهمة من المتوقع أن تحدث في سيناريو الطاقة العالمي·
لقد أسهمت الاعتبارات الاقتصادية والبيئية والأمنية في زيادة تنويع مصادر الطاقة وتنامي استخدام أشكال الطاقة البديلة والمتجددة· وقد أصبحت مصادر الطاقة غير التقليدية - مثل توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، وخلايا الوقود، والمولِّدات المصغرة، وقوة الرياح - مصادر عملية وقابلة للتطبيق على نحو متزايد، وتضع تحديات أمام مصادر الطاقة التقليدية· وتشير جميع الدلائل إلى أن عهد الوقود الأحفوري لن يدوم إلى الأبد، وأن العالم يمر في مرحلة انتقال من الاقتصاد القائم على الهيدروكربونات إلى اقتصاد يرتكز على أشكال متجددة من الطاقة·
يعد النفط - شأنه في ذلك شأن الغاز والفحم الحجري - مورداً طبيعياً· فقد تجود الطبيعة بثرواتها، غير أن حجم ثروتها المعدنية محدود وقابل للنفاد· وعاجلاً أو آجلاً سيتم الكشف عن جميع الاحتياطيات الكامنة في كوكبنا· وإذا استمر الطلب على أنواع الوقود الأحفوري، فلا مفر من حدوث نضوب كامل لها· ويشير هذا الافتراض إلى أن الإمدادات الموجودة ستنفد ذات يوم في المستقبل، وهذا اليوم مجهول لنا تماماً·
لكن إمكانية نفاد الموارد الطبيعية ليست هي مصدر التهديد الأوحد بالنسبة إلى النفط، فأولئك الذين يقلقهم مستقبل النفط إنما تساورهم المخاوف حول حجم سوق النفط ونموها، ويخشون من خطر يهدد النفط بسبب توقف في النشاط الاقتصادي قد يسبق نفاد هذا المورد الطبيعي ربما بمدة طويلة· ويأتي التهديد للنفط من جهتين، هما العرض والطلب· ففي جانب العرض ثمة عاملان جليّان هما نضوب الاحتياطيات المحدودة واستنزاف هذا المورد الطبيعي في نهاية المطاف· أما في جانب الطلب فإن نمو مصادر الطاقة المتجددة والبديلة والتوسع في استخدامها، نتيجة للمخاوف البيئية، يؤثران سلباً في وضع النفط·
مستقبل النفط
تعالج فصول هذا الكتاب مسألة مستقبل النفط من ثلاثة أوجه· يتعلق الوجه الأول بالجيولوجيا، فبما أن النفط مورد طبيعي قابل للنفاد، فإن نضوب الاحتياطيات يضع نهاية لإنتاج النفط واستخدامه· لكن النفط يمكن أن تحل محله أنواع وقود بديلة قبل انتهاء عمره الجيوفيزيائي، وهذا هو الوجه الثاني للمسألة· أما الوجه الثالث فيتعلق بهموم غير تلك التي يسببها التهديد الممكن الذي تشكله أنواع الطاقة البديلة؛ إذ قد تؤثر السياسات البيئية - مثلاً - في الطلب على النفط، ليس بتشجيع تنمية موارد الطاقة المتجددة فحسب، وإنما بإدخال تقنيات تعمل على توفير النفط المستخدم في قطاع المواصلات· ويعد عدم استقرار أسواق الطاقة مصدراً للقلق مختلفاً وأكثر دقة؛ فقد تسهم في استفحال المخاوف بشأن أمن إمدادات الطاقة وتشد من أزر الذين يجادلون بأن الاعتماد بكثرة على النفط أمر محفوف بالمخاطر· وقد يزيد هذا من حافز البحث عن بدائل وعن مزيد من الكفاءة في استعمال الطاقة·
فيما يتعلق بالجوانب الجيولوجية، يحذرنا جان لاهيرير من أن البيانات المتعلقة بالإنتاج والاحتياطيات النفطية على حد سواء غالباً ما تكون غير أكيدة وموضع شك، ما يجعل عملية تقدير إمدادات النفط المستقبلية أمراً صعباً· ويتأثر إعداد تقارير البيانات بالسياسة، سواء أعدتها الدول أو الشركات· وثمة تباين كبير في التقديرات الإجمالية للاحتياطيات النفطية، لكنها في معظمها تركز على النفط التقليدي· وقد سبق أن تم اكتشاف الجزء الأكبر من الثروة النفطية في العالم· وإن كان العالم شهد في الستينيات من القرن العشرين ذروة الاكتشافات، فإن من المتوقع أن تبلغ ذروة إنتاج النفط التقليدي نحو عام ·2010 وبعد ذلك التاريخ سيكون نفط منطقة الخليج العربي والنفط غير التقليدي من حزام أورينوكو في فنزويلا ومنطقة أثاباسكا في كندا هي المصادر الرئيسية للإمدادات النفطية، كما أن السوائل المشتقة من الغاز الطبيعي ستلعب دوراً مهماً· لكن إذا أخذنا في الحسبان تدني جودة البيانات النفطية، فإنه يتعين تأجيل إصدار حكم بشأن نفاد النفط· وسيكون من مصلحة الشركات الخاصة والوطنية توفير بيانات صحيحة وخالية من أية تدخلات سياسية لتقييم المستقبل الجيوفيزيائي للنفط بشيء من الثقة·
بدائل النفط
فيما يتعلق ببدائل النفط، يتضمن الفصل الذي كتبه ديفيد هارت تقييماً عاماً يسعى إلى فهم بعض حوافز التغيير داخل أسواق الطاقة من المنظور الاقتصادي والبيئي والسياسي والتقني· ويمكن اعتبار الحوافز إيجابية (التطور التقني والابتكار، وتحرير الأسواق، والتنمية المستدامة) وسلبية (سن أنظمة للحد من الانبعاثات، ونفاد الموارد) وحيادية (التمدن والمكننة)، لكن قد تلتقي هذه الحوافز جميعاً لتوجه الاستخدام المستقبلي للطاقة في الاتجاه نفسه· أما من منظور جغرافي فيعتقد الباحث أن التقدم في الدول النامية، لاسيما في آسيا، هو الذي سيكون له الأثر الأكبر في رسم سيناريو الطاقة المستقبلي· ويستشرف هارت مستقبلاً للطاقة سيسهم فيه نظام يربط بين بنيتي الطاقة الأحفورية وغير الأحفورية، يقوم على تقنيات توليد الطاقة المتجددة والهيدروجين وخلايا الوقود· ويعتقد أن هذه التقنيات سوف تصبح مهمة في وقت ما في المستقبل، وقد يكون ذلك الوقت أقرب مما يمكن توقعه، ومن هنا فإنه يدعو الشركات والدول التي تعتمد على النفط في جزء كبير من إيراداتها إلى أن تستثمر في هذه التقنيات·
يعد تيموثي ليبمان أكثر صراحة في تفاؤله بشأن فرص وإمكانات الموارد المتجددة مستقبلاً؛ فقد أصبحت البشائر الواعدة حقيقة· فالموارد الكهرضوئية الشمسية وطاقة الرياح يشهدان نمواً سريعاً في المبيعات، وانخفاضاً في التكاليف الرأسمالية، وتحسينات مستمرة في الأداء· لكن تحقيق الإمكانات المحتملة يتطلب استثمارات أوسع مما يتم في الوقت الحالي· وهو ينصح منتجي الطاقة الحاليين باستخدام مواردهم في الحصول على مصادر للطاقة المتجددة، وقد يكون على الحكومات تقديم بعض الدعم لهذه الموارد من أجل تطويرها وتحسين تطبيقات استغلالها·
الغاز الطبيعي
لقد عُدَّ الغاز الطبيعي ولفترة طويلة وريث النفط· وسوف ينطوي الانتقال من عصر النفط إلى عصر طاقة أخرى على وجود الغاز· ويؤيد ماريان رادتسكي الرأي القائل إن مستقبل الغاز الطبيعي لامع تماماً· ويبرهن على صحة هذا الرأي بالإشارة إلى النمو التاريخي في استهلاك الغاز وتوافر احتياطيات كبيرة من الغاز وبروز توقعات حديثة حول الطلب المستقبلي على الغاز· وأخيراً يرى رادتسكي أنه بعد أن يصبح تحويل الغاز إلى نواتج تقطير وسيطة تجارياً فإن ذلك سيوسع من حصته في سوق الطاقة العالمي، إلى درجة أنه سيكون من الصعب على المستهلك النهائي تحديد ما إذا كان الغاز أو النفط هو المستخدم·
إن حدوث تحول من أنواع الوقود الأحفوري (ليس النفط فقط، وإنما الفحم الحجري والغاز أيضاً) إلى البدائل غير الأحفورية يعتبر أمراً حتمياً، ويبرز سؤال عن التحديات التي ينطوي عليها مثل هذا التحول· يناقش كتلر كليفلاند هذه التحديات، وتبرز في المقام الأول قدرة أنواع الوقود المتجددة على أن تتطور إلى مكافئ وظيفي لأنواع الوقود الأحفورية؛ أي امتلاك قدرة مشابهة على إيجاد سلع وخدمات لكل وحدة من وحدات الطاقة المدخلة· وعلى الرغم من أن تكلفة كثير من أنظمة الطاقة المتجددة قد تراجعت في العقدين الماضيين، فإن هناك معوقات لا يستهان بها، لاسيما فيما يتعلق بالتغلب على طبيعة الانتشار المكاني لكثير من أنظمة الطاقة المتجددة، وتدني جودة الطاقة لهذه الأنظمة مقارنة بجودة الوقود الأحفوري·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©