الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصورة النمطية في المطارات

6 سبتمبر 2010 23:31
لم يكن السفر وحيدة بالنسبة لي كأنثى باكستانية مسلمة سهلاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001. واقع الأمر أن كوني مسلمة وباكستانية وامرأة في الوقت نفسه قد يرفع العديد من الإشارات الحمراء المرتبطة بهوية واحدة. مررت أثناء متابعة دراستي في الخارج بتجارب عديدة تتعلق بأمن المطارات وموظفي الهجرة والجوازات، وخاصة أثناء أسفاري بين كوستاريكا والولايات المتحدة وباكستان. ولكنني تعلمت أيضاً من خلال هذه التجارب أن بعض اللطف أحياناً قد يذهب بعيداً نحو تحويل منظورنا تجاه "الآخر"، مما يساعدنا على إدراك وتقدير الأمور الجيدة. وضعت، في مخيلتي، سلطات المطارات في كل مكان في صندوق كتبت عليه "مسؤولون لا رحمة لديهم يسهرون على أمن بلادهم". وكان الصندوق الذي قد يحتفظون به لي يحمل عنوان "إنها تنوي القيام بعمل ما". لقد شكَّل تفاعلي في المطار عالماً صغيراً يمثل العلاقات بين المسلمين والغرب، المليئة بأفكار نمطية ومعتقدات عميقة لا يمكن التشكيك بها حول "الآخر"، تزيد في استقطاب المجموعتين. قاد صندوقي سلوكي أمام مسؤولي الأمن في المطار. وعنى ذلك كلاماً محدوداً وإجابات مقتضبة والقيام بما يطلبونه مني والصلاة في داخلي أن أخرج من جلسة السؤال والجواب بدلاً من إلقاء القبض عليّ وسجني في مكان مثل جوانتانامو. ورغم أن صندوقي هذا ساعدني على السيطرة على سلوكي في الوضع الذي أمّر به، قمت في داخلي بتطوير مشاعر المرارة والخوف وانعدام الثقة والتوتر عند دخول بلد غير بلدي، خاصة إذا كان بلداً غربياً. فرض عليّ صندوقي كذلك أن أحكم على مسؤولي الأمن الذين صادفتهم أثناء أسفاري في أنحاء العالم بشكل سلبي على أنهم "الآخر". كانت هناك حادثة معينة عززت في البداية هذا الشعور. كنت بانتظار رحلة جوية إلى باكستان، مع توقف لمدة عشر ساعات في مطار بالمملكة المتحدة. لم تحتوِ حقيبتي اليدوية على شيء غير عادي باستثناء مظلة غير عادية أعطتني إياها صديقة عند زيارتي لمتحف هارفارد في مساتشوسيتس. أخذتني هذه الصديقة، وهي أستاذة تدرّس في هارفارد في رحلة حول الحرم الجامعي، وأهدتني مظلّة عليها رسومات لجامعة هارفارد ونهر تشارلز. عبّرت المظلة عن صداقتها وحبها لي وإيمانها بي. لم تكن مجرد مظلة بالنسبة لي، وإنما رابط مع عالم المعرفة الذي أعجَب به وأرغب بالانغماس فيه. وخوفاً من ضياعها، احتفظت بالمظلة في حقيبتي اليدوية. ورغم مرورها عبر جميع محطات التفتيش الأمني في الولايات المتحدة، إلا أنها اعتُبِرت "مخاطرة أمنية" في المملكة المتحدة. طلب مني المسؤولون الأمنيون التخلص منها قبل ركوب الطائرة إلى باكستان. أصابني التغيير العشوائي في المعايير الأمنية بين المطارات بالذهول، وحاولت دون نتيجة أن أناقش. ولكنه لم يُسمَح لي بركوب الطائرة مع المظلة، واضطررت أن أتخلص منها. وبينما أنا أسير مبتعدة أجفف دموعي سمعت مسؤولاً أمنياً ينادي: "اسمحي لي يا سيدتي، لديّ حل". لقد أخرج المظلة من صندوق القمامة، وأخرج سكيناً من جيبه، وبدأ يزيل القطع المعدنية عن القطعة القماشية للمظلة، وقام بطيّها بدقة وترتيب، وناولها لي بابتسامة قائلاً: "الآن تستطيعين أخذ هذه وإعادة تركيبها وإصلاحها عند وصولك إلى بلدك". لم أتوقع بالتأكيد هذا النوع من التصرف من مسؤول أمني بريطاني أبيض. لم يلائم لطفه حجم الصندوق الذي أعددته له. كنت قد ألقيته مع "الآخر"، ولكنه أثبت عكس ذلك. تدفعنا ظروف هذه الأيام، بغض النظر عن جهودنا ومحاولاتنا، لأن نضع في الصندوق، ونرسم صوراً نمطية وأن نشكل زمراً وجماعات، فتلك أفضل آلية وأكثرها راحة عند التعامل مع الأمور الأمنية، بالنسبة للمسلمين وكذلك بالنسبة للغربيين. يوسّع هذا التصوير النمطي الفجوة الموجودة بين العالمين المسلم والغربي، ويحدّد قدرة كل من المجموعتين على السماح بالفردية والحكم الناقد عند مواجهة أوضاع متحدية تولّد المزيد من انعدام الثقة. ساعدني هذا الحدث على إدراك أن هناك لحظات وساحات يمكن من خلالها لتصرفاتنا الفردية أن تعبر الصور النمطية التي نحملها لبعضنا بعضاً. قد لا تشكّل الأعمال الفردية التي تذهب إلى ما وراء الصور النمطية دواء عاماً للمشاكل الموجودة بين العالمين المسلم والغربي، ولكنها تشكّل خطوة إلى الأمام نحو تفاهم وتناغم أفضل. سارة خان - إعلامية باكستانية ينشر بترتيب مع "كومون جراوند"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©