السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كيف تتميز وسط طفرة المعلومات؟

11 يونيو 2012
إذا كان عموم الناس يغفلون عن التوقف عند طفرة الإعلام والمعلومات في عالم اليوم، ربما لانشغالهم في استيعاب أكبر قدر منها، أو لأنهم أصبحوا وسلّموا بأنهم في معظمهم مجرد «مستهلكين» أو «مستخدمين»، فإن كثيرين من المتخصصين يرون في هذه الطفرة مشكلة معقدة، بل خطرا، ليس فقط على نمط الحياة اليومية بل على المجتمع ككل وأنظمته. لا يتعلق الأمر فقط بتفاوت اهتمام الناس وتقييمهم لهذه المعلومة أو تلك، ولا بالقدر الهائل من المعلومات والمحتويات الذي غرقوا لا إرادياً فيه وسط الانبهار بابتكارات التكنولوجيا والاتصال والإعلام الجديد، بل أيضاً بالعادات والتقاليد الاستهلاكية الجديدة التي تفرض عليهم حياة صارمة تحرمهم من كثير من الأمور الجميلة والمفيدة أيا كانت ظروفهم واتجاهاتهم وأهواءهم ومستويات تعليمهم وغيرها. إن الخيارات الواسعة من وسائل الاتصال الرقمية وغيرها والحجم الهائل مما توفره في كل لحظة وحين من محتويات معرفة او ترفيه أو تواصل اجتماعي، مكتوبة أو مرئية ومسموعة، يجعل كثيرين من الناس في حيرة من أمر اختيارهم وتنسيق مع مستوى اهتمامهم. لكن يحصل في كثير من الأحيان أن هذا الطوفان من الإعلام والمعلومات لا يترك أي فسحة للتفكير في هذا الاختيار وكأن ثمة سطوة كبيرة لهذه الوسائل والأدوات والأجهزة والمواقع تعجز عنها إرادة الفرد الذي لم يعد يستطيع التفلت منها إذا أراد عدم الانقطاع عن العالم، البشري والمعرفي على حد سواء. أحياناً كثيرة يتعدى حجم المشكلة القدرة على الانتقاء والنسبية في التعامل مع هذا الواقع الإعلامي «الرهيب» المفرطة في حضورها في حياتنا. الخطر هنا لا يتعلق بالمشاكل التقليدية مثل الإدمان بل بإمكانية تأثيرها المصيري على المستقبل. فتحذير البعض من أن الإنترنت والأدوات الرقمية – مثلا - قد تحد من القدرة على التفكير العميق وعلى الإبداع يجب أن يؤخذ على محمل الجد. صحيح أن ما من أحد يستطيع حتى الآن إثبات ذلك، ولكن الصحيح أيضا أن ليس هناك من يستطيع إثبات العكس. لكن الثابت أن مثل هذا التحذير يسهم في نسف العديد من المقولات التي انتشرت مؤخرا عن المستقبل الواعد لعصر الإعلام المفتوح والقرية العالمية وعدالة وتكافؤ فرص المعرفة والابتكار. نحن أمام مسألة تستدعي التدقيق والبحث من قبل المتخصصين ومن أجل محاولة معرفة الاحتمالات الواقعية مستقبلا. فنحن والعالم في غمار تحول مستمر تكنولوجيا وإعلاميا، وهو على قدر من السرعة التي لم تسمح لنا بعد بالتقاط الأنفاس وبناء منظور كلي لتحديد أين كنا حتى الأمس القريب وأين أصبحنا اليوم، وإلى أين سنتجه مستقبلا سواء لناحية آثار الاستمرار في تدفق وطفرة المعلومات أو لناحية التنظيم والدور الأفضل لوسائل المعرفة والاتصال والإعلام. وسط زحمة الانتقال والتحول يجب أن ندرك أننا نمر بتحول غير مسبوق لا يمكن أن يساعدنا في التعامل معه إرث إنساني سابق يمكن أن يرشدنا إلى افضل الخيارات والاحتمالات. وإلى أن يحدث ذلك فإن أفضل ما يمكن على مستوى الأفراد هو إرشاد النفس والتخطيط الذاتي المنزّه عن أهواء وسحر عادات الاتصال الجديدة وتقاليد الطفرة الإعلامية، وتجنب الاعتقاد للحظة أن هذا العالم المبهر الرهيب الجبار الذي يتيح للواحد أيا كان هذا القدر الهائل من الفعالية «الافتراضية» هو القادر على الأخذ بزمام أمورك نحو مستقبل أفضل إذا لم تكن أنت قادرا على التميز وسط هذه الغابة من الشبكات وبلايين المستخدمين، ولا تمانع من تحويل الجميع – عدا النخبة ربما - إلى مجرد مستهلِكين (بكسر اللام) ومستهلَكين (فتح اللام) نمطيين. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©