السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

حرب تكسير عظام بين الحكومة المصرية والقضاة

24 ابريل 2006
القاهرة - أحمد أيوب:
بدأت مطالب القضاة في مصر مهنية بحتة تتعلق باستقلال السلطة القضائية ووضع تشريع صارم يضمن هذا الاستقلال ويفض الاشتباك بين السلطتين القضائية والتنفيذية ومع الوقت والجدل الطويل ولعبة شد الحبل بين القضاة والحكومة صارت القضية في ملعب السياسة حيث تزامنت غضبة القضاة المهنية مع حراك سياسي عام في مصر ومع انتخابات رئاسية وبرلمانية مما ادى الى اختلاط اوراق السياسة بأوراق المهنة·
ويبدو ان الامور في طريقها لتعقيد اكثر، حيث أحيل قاضيان كبيران هما المستشاران محمود مكي وهشام البسطويسي نائبا رئيس محكمة النقض الى مجلس تأديب ،سيمثلان امامه الخميس القادم إذا رفضت المحكمة الطعن المقدم منهما والذي ستنظره صباح الاربعاء· وقد تسارعت الاحداث بشكل خطير واعتصم القضاة في ناديهم بالقاهرة وصدرت تعليمات باعتصامات اخرى في اندية الاقاليم، تستمر حتى انعقاد الجمعية العمومية الطارئة للقضاة في نفس يوم محاكمة مكي والبسطويسي وهناك اجراءات اخرى ربما تؤدي الى صدام مباشر بين نادي القضاة والمجلس الاعلى للقضاء خاصة بعد ان فشلت محاولات احتواء الأزمة لاصرار مجلس القضاء الاعلى على تقديم نادي القضاة لاعتذار عن كل ما بدر منه ورفض النادي الاعتذار·
وبعيدا عن محاولات تسييس القضية فإن التصميم مازال سيد الموقف بين نادي القضاة ووزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى· فكل طرف حدد موقفه ويرفض التنازل عنه فالنادي مُصر على اصدار مشروع قانون السلطة القضائية الذي اعده ووافق عليه القضاة في جمعيتهم العمومية منذ عشر سنوات وتضمن نقل تبعية التفتيش على القضاة من وزارة العدل الى مجلس القضاء وكذلك ميزانية القضاء اضافة الى استقلال نادي القضاة واختيار اعضاء مجلس القضاء الاعلى بالانتخاب وعدم مد السن بالنسبة للقضاة وعدم السماح بالاشراف القضائي الصوري على الانتخابات وان يكون اشرافا حقيقيا ويشمل كل مراحل العملية الانتخابية ودون تدخل من احد والغاء قرار احالة المستشارين مكي والبسطويسي الى المحاكمة التأديبية والتحقيق في قضايا تزوير الانتخابات التي قدمها القضاة من خلال لجنة تقصي الحقائق المشكلة من جانب النادي·
المستشار زكريا عبدالعزيز -رئيس نادي قضاة مصر- يرى ان الامور تتصاعد والسبب في ذلك رئيس مجلس القضاء الاعلى الذي يصر على رأيه متجاهلا موقف القضاة بل ويطالب بالاعتذار والنادي لن يقبل ان يعتذر لانه لم يرتكب ما يستوجب الاعتذار بل طالب بحق القضاة وبالتالي ستظل الازمة مستمرة ولن تنتهي فاذا كانت ازمة المستشارين مكي والبسطويسي مؤقتة وستنتهي فهناك الازمة الاكبر وهي ما يخص استقلال السلطة القضائية ومشروع القانون الذي اعده النادي ووافق عليه القضاة منذ اكثر من خمسة عشر عاما ويصر مجلس القضاء على تعديله
وأضاف: أن المستشارين المحالين لم يرتكبا جرما بل ابديا رأيهما في مسألة الانتخابات وضمان نزاهتها واستقلال القضاء وكان حديثهما في اطار حرية التعبير التي كفلها الدستور مشيرا الى ان قرار الاحالة يمثل استباقا للحكم في الطعون المنظورة امام محكمة النقض ضد تزوير الانتخابات لكن الغرض الاساسي من الاحالة هو التهديد والتخويف·
وكشف المستشار ناجي دربالة وكيل نادي القضاة عن انه بعدما وصلت الامور الى طريق مسدود فإن الجمعية العمومية الطارئة للقضاة سوف تناقش عددا من الاجراءات التصعيدية الاخرى بجانب الاعتصام المفتوح فهناك اجراءات اشد مثل تعليق الجلسات في المحاكم والاضراب العام داخل النادي بحيث لا يسمح لاي عضو بمغادرته اضافة الى الاضراب في نوادي الاقاليم وكل هذا متوقع اذا استمر تجاهل مطالب القضاة·
ويؤكد المستشار محمود مكي -نائب رئيس محكمة النقض- ان قرار احالته وزميله للتأديب عدوان غير مسبوق على القضاء وكان يتعين على القضاة ان يكون رد فعلهم مساويا لهذا التصعيد وبدأ بالاعتصام الذي حرصنا فيه على عدم اهدار حقوق المتقاضين فسمح للقضاة بالذهاب الى عملهم لكن اذا زادت حدة التوتر يمكن ان يكون رد الفعل اكثر تشددا وحتى لو تم احتواء ازمة الاحالة الى التأديب فهذا لا يكفي لانهاء المشكلة فما زال القضاء يعاني تدخلات حكومية تهدد استقلاله وليس هناك ما يضمن عدم تكرار هذا الموقف إلا بإصدار قانون السلطة القضائية·
وقال ان اجراءات احالتنا للتأديب مخالفة لقانون السلطة القضائية فوزير العدل لم يراع ان كل النصوص القانونية توجب اطلاع التهم على المتهم المنسوبة اليه مثل التحقيق معه كما ان الاحالة الى مجلس التأديب يتعين ان يسسبقها تحقيق اداري او جنائي وكل هذا لم يحدث·
والغريب -كما يقول مكي- ان البعض يتهم قضاة النادي بالانتماء الى تيار ديني وهذا مناف تماما للحقيقة واكبر دليل على ذلك ان القضاة الاقباط معتصمون في النادي فالوقفة ليست سياسية او حزبية وانما هي دفاع عن استقلال القضاء·
ويقول المستشار هشام البسطويسي -نائب رئيس محكمة النقض- هناك بالفعل قضاة يشتغلون بالسياسة لكن هؤلاء لا ينتمون لنادي القضاة وانما للحكومة اما نحن فلم نشتغل بالسياسة ونريد البعد عنها تماما بل ونطالب بمحاكمة القضاة المشتغلين بالسياسة لانهم فرطوا في استقلال القضاء· اما نحن فكل ما تحدثنا عنه لم يكن سريا ولم يتعد ما انتهت اليه الجمعيات العمومية المختلفة للقضاة بخصوص نزاهة الانتخابات والاشراف القضائي عليها وهذا ليس حديثا في السياسة وانما يخص القضاة لاننا المكلفون بالاشراف على الانتخابات وكل ما يحدث من تجاوزات يسيء الينا كما يجب الا ننسى ان نادي القضاة احد منظمات المجتمع المدني ومن حقه الالتقاء بممثلي النقابات والتيارات دون ان يسيء ذلك الى مهمته·
واكد مصدر قضائي رفيع المستوى رفض ذكر اسمه ان ما يقوم به نادي القضاة وبعض القضاة هو تدخل في السياسة وليس مطالبة بالاستقلال فالمطالبة باستقلال القضاء تكون من خلال القنوات الشرعية وليس بالوقفات الاحتجاجية والاعتصامات التي من شأنها المساس بهيبة القضاء·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©