السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
صحة

الإكثار من سماع الموسيقى عبر الإنترنت يضر بكوكب الأرض

الإكثار من سماع الموسيقى عبر الإنترنت يضر بكوكب الأرض
11 يونيو 2013 16:44
لا يختلف اثنان في كون التكنولوجيا غيرت كل شيء من حولنا، لكن يبدو أن الموسيقى كان لها النصيب الأكبر من التغيير. فمن منا لا يتذكر ذلك الشريط مستطيل الشكل الذي نهرع للصقه وتصليحه كلما بلع جهاز الراديو أحد أجزائه أو مزقه بسبب انحشاره في بكرتي المسجلة أو داخلها، أو نضطر إلى رميه في القمامة في حالة التلف التام وكلنا حسرة! أفل نجم الشريط السمعي بسبب ظهور القرص المرن، وزهدنا في هذا الأخير بعدما ظهرت تقنيات أخرى لسماع المحتوى الصوتي، آخرها «إم بي ثري» لنقل الملفات الصوتية وتنزيلها من الإنترنت. لكن السؤال المطروح هو ما هي طريقة سماع الموسيقى الأقل تكلفة على البيئة؟ صحيح أن الشريط السمعي القديم يبقى أكثر تلويثاً باعتباره مصنوعاً من مواد ملوثة كالبلاستيك والمعدن، لكن القرص المرن مصنوع أيضاً من مواد مماثلة. وصحيح أن استخدام «إم بي ثري» يبدو في ظاهره صديقاً للبيئة، لكنه يخفي وراءه خوادم وكابلات ضخمة متفرقة في مختلف أنحاء العالم، وتستهلك طاقة كهربائية هائلة. ما الذي تخبئه لنا التكنولوجيا يا تُرى في الأيام المقبلة؟ وما ستكون آخر صيحاتها؟ أن تصبح الموسيقى مجانية! ولما لا! فالموسيقى الرقمية هي جزء من المعلومات التي تتدفق عبر الإنترنت على مدار الساعة، والأصل في المعلومات أن تكون مجانية، فخدمات مثل «بندورا» و»سبوتيفاي» مثلاً تسمح للناس باستخدام الموسيقى عبر الإنترنت في أي وقت ومن أي مكان، تماماً كما يحدث مع المعلومات والبيانات المتاحة على الشبكة العنكبوتية. الموسيقى الرقمية ولكن ما الذي تعنيه المجانية اللامحدودة للموسيقى بالنسبة للبيئة؟ كما هي حال العديد من الأسئلة البيئية، فإن الجواب يكون معقداً. وتبدو الموسيقى الرقمية حدسياً أفضل للبيئة مقارنة بأشكالها المادية الأخرى كالأقراص المضغوطة والشرائط والألبومات. فهذه الأشكال مصنوعة جميعها من البلاستيك والمعدن والمكونات الخامة المستخرجة في الأصل من الأرض، ثم تُشَكل في قوالب معينة. وبخلاف الموسيقى الرقمية، تحتاج هذه الأشكال معالجة وتغليفاً من نوع خاص. وبسبب مكوناتها هذه، فإن تأثيرها السيئ على البيئة يبقى واضحاً، قد ترفض استخدام الكؤوس البلاستيكية أو الأوعية المستخدمة في الوجبات السريعة، لكن كم مرة اخترت مشاهدة شيء ما عبر موقع «يوتيوب» بدافع الحفاظ على البيئة؟ وعلى الرغم من أنه يصعب رؤية البيانات المبثوثة على الإنترنت على شكل موسيقى أو لمسها، فإن الآثار البيئية لنشرها وتداولها افتراضياً وليس مادياً تبدو واضحة وفعلية. والملفات الرقمية لا تعيش في السحاب أو في السراب، بل في خوادم مادية محسوسة محفوظة في مخازن كبيرة متفرقة في مختلف أنحاء العالم، وهذه الآلات الكبرى لديها أجزاء، وتلك الأجزاء تسخن وتشتد حرارتها، وتستهلك شركات الإنترنت كميات هائلة من الطاقة الجارية في خوادمها، وكميات هائلة أيضاً من أجل تبريدها. وفي أواخر 2011، كشفت شركة «جوجل» أن خوادمها تستخدم نحو 260 ميجاوات من الكهرباء، أي أن ما يعادل ربع الطاقة التي يمكن أن ينتجها مفاعل طاقة نووية يذهب على نحو مستمر إلى خوادم جوجل فقط. بيانات مركزة وتحتاج البيانات أيضاً طريقاً حتى تخرج من ضيعات الخوادم هذه إلى بيت كل مشترك في الإنترنت، وهذا يعني الحاجة إلى خوادم أكثر، وكل واحد منها يستخدم طاقة كهربائية حتى يمر عبر الشبكة. وكلما زادت كمية البيانات المسافرة حول الإنترنت، زادت الآلات الصلبة المطلوب صنعها من أجل ضمان استمرارية تدفق هذه البيانات، وذلك يستلزم طاقة أكبر. ولا يُستثنى الترفيه من البيانات المتدفقة على الإنترنت، بل إنه يمثل جزءاً ضخماً من حيث حجم استهلاكها للطاقة. وبحسب عملاق الحوسبة سيسكو، فإن محتويات الفيديو تتسبب في نحو 50% من حجم الازدحام الذي يقع على الإنترنت عالمياً. ومقارنة مع الفيديو، فإن الموسيقى تحتاج إلى بيانات مركزة أقل، غير أن متطلباتها من حيث الطاقة لا يستهان بها، وإذا نظرنا إلى الطاقة التي تستعملها الخوادم التي تستضيف الموسيقى وتوردها إلى الجهاز الشخصي لكل مستهلك، فإننا نجد أن ألبوماً يحوي 27 أغنية مثلاً يحتاج تقريباً كمية الطاقة نفسها التي يستلزمها إنتاج وشحن قرص مرن، وذلك بحسب تقدير المهندس النرويجي داجفين باخ. «سبوتيفاي» وهذا الرقم البسيط 27 يقدم لنا نقطة بداية مفيدة جداً، فإذا خططت للاستماع إلى أغنية ما اثنتي عشرة مرة، فقد يكون أفضل للبيئة أن تشتري قرصاً مرناً (CD) أو تُحمل ملف «إم بي ثري» مرة واحدة، بدلاً من استدعاء الأغنية من الإنترنت المرة تلو الأخرى. ومع ذلك، تبقى الوضعية أكثر تعقيداً. وعند تحميل التسجيلات الصوتية، وخصوصاً منها التسجيلات المجانية الشعبية الشائعة والرائجة، فإننا نُغير عاداتنا السماعية أساساً. فمع «سبوتيفاي» على سبيل المثال، سينتقل متوسط الاستماع الشخصي للأغاني من بضعة آلاف أغنية موجودة على القرص الصلب إلى أكثر من 20 مليون أغنية متاحة على الإنترنت. وقد دأبنا في السابق على تكرار الاستماع إلى الأغنيات ذاتها بسبب محدودية عددها. أما الآن، فيمكننا الاستماع إلى عدد لا محدود من الأغاني، ما يعني أن تكرار الاستماع إلى الأغنية الواحدة نفسها سيتضاءل، إلا إذا كانت متميزة جداً. وبهذه الطريقة، فإن تدفق المحتويات السمعية يساعد على صنع حالة بيئية فريدة من نوعها، فإذا كنا نتوقع الآن أن نستمع إلى آلاف الأغاني المختلفة، فإنه من غير الفعال بيئياً أن نستمع إلى كل أغنية عبر القرص المرن أو تحميل الحاسوب. فكر في الهدر وعلاوة على ذلك، قد لا تعرف عندما تستمع إلى أغنية ما أنك ستستمع إليها 27 مرة أخرى أم لا. فبعض الأغاني تتغلغل في الأذن مثل الديدان فتسكنها وترفض الخروج منها، بينما هناك أغانٍ أخرى لا نستمتع بها إلا أول وثاني مرة نسمعها، ثم ننساها للأبد. وعلى الرغم من هذا، فإن الرسالة المستخلصة الأساسية هي أن لتداول الموسيقى على الإنترنت والحوسبة السحابية آثاراً على كوكب الأرض، حتى إن كنا نجهل ذلك أو نغفل عنه. ولكن، عوضاً من القلق والحيرة حول اختيار القرص المرن أو المحتوى الرقمي، فكر في الهدر، تماماً كما تقلق بشأن هدر المناشف الورقية والمحارم أو البنزين. واسأل نفسك: هل أحتاج فعلاً إلى الاستماع إلى أغنية ما للمرة الثلاثين حتى أشبع منها؟ ربما آن الوقت لكي أُحملها أو ربما يمكنك أن تُسدي إلى الأرض وجيرانك خدمة، وذلك عبر انتقاء قطعة موسيقية واحدة والخلود للهدوء والراحة والتأمل قليلاً، فنحن نحتاج كذلك إلى قسط من الهدوء والسلام والطمأنينة. هشام أحناش عن «لوس أنجلوس تايمز» موسيقى صديقة للبيئة قد يكون للموسيقى مستقبل أكثر صداقة للبيئة، يورد باخ في تقريره حول الموسيقى قانون مور، والذي يتنبأ بأن كمية البيانات التي يمكننا تخزينها في رقاقة الحاسوب ستتضاعف كل سنة، وهذا يعني على المدى الطويل أنه سيكون ممكناً إضافة كل أغنية سبق تسجيلها على رقاقة داخل هاتف أو حاسوب، ومن شأن الكتالوج أن يكون كلمة سر محصنة، يمكن استخدامها عند الرغبة في النفاذ إلى أغانٍ أخرى، وذلك عبر شراء كود ما لطبعه، وستكون الأغاني والمحتويات الموسيقية متاحة أكثر، وحينذاك، سيصبح من الممكن الاستعاضة عن كميات البيانات الضخمة التي يتم استهلاكها عند الاستماع إلى الأغنية بالارتباط مباشرة بالإنترنت ببضعة رموز في الكود.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©