الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التحديات الأمنية في الضفة الغربية

4 سبتمبر 2010 22:45
تأتي الهجمات الأخيرة التي استهدفت مستوطنين في الضفة الغربية، والتي من المتوقع أن ترتفع وتيرتها رداً على انطلاق مباحثات السلام لتمثل إحدى أكبرى التحديات المطروحة أمام قوات الأمن الفلسطينية المدربة أميركياً، فقد أدى الهجوم الذي نفذته "حماس" إلى سقوط أربعة مستوطنين وجرح اثنين آخرين في عملية إطلاق نار جرت خلال الأسبوع الجاري بالتزامن مع بدء القادة الفلسطينيين والإسرائيليين للمفاوضات المباشرة في واشنطن بعد فترة من التوقف قاربت السنتين. وفي ظل التشاؤم الذي يحيط بالمفاوضات فإن آخر ما تريده السلطة الفلسطينية هو عودة العنف إلى الأراضي التي تسيطر عليها في الضفة الغربية، هذا في الوقت الذي يريد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، التركيز على الموضوع الأمني وجعله من أولويات أجندته التفاوضية، لذا يتصاعد الضغط بعد الهجوم على السلطة الفلسطينية لإظهار قدرتها على احتواء العنف بالسرعة المطلوبة والسيطرة على الأمور، وهو ما يعبر عنه "جوناثان فيجيل"، الحاكم العسكري السابق الذي عينته إسرائيل في الضفة الغربية قائلًا "إنه أكبر خطر تواجهه السلطة الفلسطينية"، مضيفاً أن الثلاث سنوات الماضية كانت الأكثر هدوءاً مقارنة بالسابق، لكن بإعلان "حماس" استئنافها للعمليات المسلحة في الأراضي الفلسطينية، فإن موجة جديدة من العنف قد تنطلق، وقد سارعت قوات الأمن الفلسطينية التي أُعيد تشكيلها وتدريبها خلال الثلاث سنوات الأخيرة إلى اعتقال المئات من المشتبهين لإظهار قدرتها على التعامل مع الهجمات وردع المنفذين، غير أن المهام الأمنية في الضفة الغربية لا تقتصر على السلطة الفلسطينية، بل تعتمد أساساً على الجيش الإسرائيلي الذي مازال يتحكم في 60 في المئة من إجمالي الضفة، بما فيها المناطق التي وقع فيها الهجومان الأخيران بالقرب من رام الله والخليل. ورغم تحسن التعاون الثنائي بين قوات الأمن الفلسطينية والجيش الإسرائيلي في الفترة الأخيرة يبقى انعدام الثقة مستمرًا بين الطرفين، فالفلسطينيون يشتكون من عدم إشراكهم في تقاسم المعلومات الاستخبارية من قبل إسرائيل، فضلاً عن منع وصول السلاح إليهم وقيام الجيش الإسرائيلي بهجمات داخل المناطق الفلسطينية دون إخطارهم والتنسيق معهم، هذا في الوقت الذي يقول فيه الإسرائيليون إن الفلسطينيين ليسوا مستعدين بعد لتولي المسؤوليات الأمنية، رغم التدريبات التي خضعوا لها، مشيرين إلى نقص المهنية وإلى توجيه قوات الأمن الفلسطينية لأسلحتهم نحو إسرائيل خلال انتفاضة العام 2000، وفي ظل هذا الواقع المترابط يرى "فيجيل" أن الأمر يحتم على الطرفين "تعميق التعاون بينهما، لا سيما في ظل توعد "حماس" باستئناف العنف، بحيث بات الفلسطينيون في حاجة إلى الإسرائيليين والإسرائيليون في حاجة إلى الفلسطينيين ما يجعلهم في نفس الخندق"، ويعتقد المراقبون أن الاعتقالات الأخيرة التي طالت المئات من المشتبه فيهم داخل الضفة الغربية تمثل إشارة تحذيرية توجهها السلطة الفلسطينية إلى "حماس" من أنها لن تتهاون بشأن حفظ الأمن والاستقرار في الضفة الغربية، وبأنها لن تسمح بأي انفلات أمني، فقد اعتقلت القوات الفلسطينية 370 شخصا على الأقل في عموم الضفة الغربية أغلبهم من النشطاء السياسيين وتجار ومناضلين يشتبه في علاقتهم مع "حماس"، لكن المسؤولين الفلسطينيين يشتكون من عدم قدرتهم على إجراء التحقيقات المناسبة في حادثة إطلاق النار الأخيرة وتوفير الحماية لكامل الضفة الغربية لأن إسرائيل تحتفظ بالسيطرة المطلقة على المستوطنات، كما تتحكم في الطرق الرئيسية ومساحات شاسعة من الأراضي التي تعتبرها إسرائيل مناطق عازلة. وفي هذا الإطار يقول "عدنان داميري"، المتحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية "إن الهجمات التي استهدفت المستوطنين لم تحدث في الأراضي الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية"، مؤكداً أن قواته لن تجري تحقيقاً في مناطق خارج صلاحيتها، مضيفاً أن المهمة الأمنية ربما ستكون أسهل على الفلسطينيين لو سلمت إسرائيل الضفة الغربية للسلطة فحينها"، لن تجرؤ "حماس" على تنفيذ هجمات داخل الضفة الغربية" كما قال في حوار أجراه مع صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية، وبعد ثلاث سنوات من التدريبات الممولة أميركياً في الأردن تزايد عدد أفراد قوات الأمن الفلسطينية لتصبح اليوم 8000 عنصر ومنذ ذلك الوقت سلمت إسرائيل السلطة الفلسطينية المسؤولية الأمنية في بعض مدن الضفة الغربية مثل نابلس والخليل، ورغم التعاون الأمني بين الجيش الإسرائيلي والقوات الأمنية الفلسطينية يطغى التوتر على العلاقة بين الطرفين كما اتضح في السنة الماضية عندما قُتل مستوطن فسارعت السلطة إلى فتح تحقيق مكن من التعرف على المشتبه فيهم وقدمت عناصر الأمن الفلسطينية على إثر ذلك معلومات حول الأشخاص المطلوبين إلى إسرائيل على أمل المشاركة في اعتقالهم لتفاجأ لاحقاً بمداهمة منازلهم وقتلهم جميعاً من قبل الجيش الإسرائيلي دون إخطار مسبق؛ هذا وتخشى التنظيمات الحقوقية من أن يدفع الحماس الذي تتحرك به قوات الأمن الفلسطينية لإظهار كفاءتها أمام إسرائيل وقدرتها على حفظ الاستقرار في مناطقها إلى القيام ببعض الانتهاكات، بحيث أشارت منظمة "الحق" لحقوق الإنسان التي تتخذ من رام الله مقراً لها إلى اعتقال بعض الأشخاص دون أمر قضائي، معبرة عن قلقها بقولها "إن حملة الاعتقالات الواسعة التي تقوم بها السلطة الفلسطينية تكرس مخاوفنا وتدفعنا إلى التحذير من الوصول إلى مرحلة الدولة البوليسية". إديمون ساندرز محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم سي تي إنترناشيونال«
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©