السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المرأة الليبية .. حقوق ضائعة في حكم الميليشيات

25 يونيو 2014 00:19
حنان صلاح طرابلس ـ ليبيا تحوّل ما بدا يوماً طبيعياً لشابة عادية في ليبيا إلى كابوس عندما اعتدى عليها حارس أمن بدنياً ولفظياً في جامعتها الحكومية على مرأة ومسمع من الجميع، محاولاً حرمانها من دخول فصلها الدراسي لأنها لم تكن ترتدي حجاباً. والهجوم العلني الذي وقع في أبريل الماضي على الفتاة، التي تُدعى هند، ليس فريداً من نوعه، وإن لم يكن شائعاً. ومثلما دأب الليبيون على إخباري، فإن دولتهم مكونة من مسلمين محافظين، لكنهم معتدلون. وكما هي حال ليبيا غالباً في هذه الأيام، فإن ذلك الحارس الخاص وزميله تصرفا من تلقاء نفسهما. ولم يكن هناك أساس قانوني لتصرفهما. وفي غياب القانون والنظام، وبعد عامين من «اللامحاسبة»، يفرض الأفراد والجماعات المسلحة والميليشيات «العدالة الذاتية» وفق معاييرهم ومعتقداتهم. ولم تزد جهود الجنرال السابق خليفة حفتر وتحالف قواته، الرامية إلى التقدم والسيطرة على مقاليد الحكم، الأمور إلا زعزعة. وفي ظل هذا البطلان القانوني، ثمة مؤثرات أخرى على سلوك الليبيين. وقد أدت الفتوى التي أصدرها مفتي الديار الليبية، في مارس 2013، إلى حدوث اضطرابات، إذ تنص على أنه لا يجوز للمرأة الذهاب إلى الجامعة ما لم يكن هناك فصل بين الجنسين. ولم تقف دعوة المفتي عند هذا الحد، بل ذهبت إلى حد المطالبة بالفصل بين الجنسين في جميع المؤسسات والجامعات والمستشفيات الحكومية. وطالبت فتوى مارس 2013 أيضاً الطالبات بمراعاة التقاليد الإسلامية في الملبس، ليشمل غطاء الرأس من أجل مواجهة مخاطر «الاختلاط» بين الجنسين. وعلى بعد بضعة مئات من الكيلومترات شرق طرابلس، توجد مدينة «درنة»، وهي مقر لميليشيات تعلن عن أيديولوجيتها الإسلامية. وقد بدأت جامعة هذه المدينة بناء جدار في منتصف الحرم الجامعي لفصل الطلاب عن الطالبات، معطّلة الدراسة ومقيدة الدخول. وتعاقدت إحدى الميليشيات على توفير الأمن لهذه الجامعة، لكنها نصّت على ذلك الفصل كشرط لتقديم خدماتها. وهناك نماذج أخرى، حيث دعت «دار الإفتاء» المؤسسة الدينية الرئيسة في ليبيا، والتي تصدر فتاوى دينية وينتمي إليها مفتي الديار، الحكومة العام الماضي إلى عدم التصديق على عقود زواج ليبيات من غير الليبيين خشية تضليل هؤلاء النساء وإغوائهن بالزواج من أشخاص ينتمون إلى مذاهب أخرى. وقوبلت تلك الدعوات باحتجاجات ولم تصبح قانوناً، لكن الحكومة عطلت بصورة مؤقتة إصدار تصاريح زواج. وطالبت الهيئة الدينية نفسها النساء بضرورة وجود محرم إذا أردن مغادرة الدولة. وفي أبريل الماضي، حاول ضابط أمن في مطار طرابلس منع ابنة مشرّع سابق بارز من صعود الطائرة مع طفليها، مطالباً بـ «إذن سفر» من زوجها، حسب رواية شقيقها الذي أعطاني تفاصيل الحادث. ولكن والدتها، التي كانت حاضرة عارضت الضابط مهددة باتخاذ إجراء قانوني. وتمكنت الابنة من السفر في ذلك اليوم، ولكن بعد أن تحدّث زوجها مع مسؤول الأمن عبر الهاتف. وخلال الأشهر القليلة الماضية، تحدثت مع كثير من الشابات في طرابلس اللاتي ترين أن حياتهن تأثرت نتيجة هذه الضغوط. وأخبرتني صديقة ليبية تعمل في منظمة دولية مرموقة مؤخراً، أنها كانت تفكر في ارتداء الحجاب عندما تغادر المنزل لا لشيء سوى تفادي المضايقات التي تتعرض لها، وقالت: «إنني خائفة من أن يتهجموا عليّ». ولا يتم التحقيق أو الإبلاغ عن معظم الاعتداءات والهجمات على النساء من قبل الميليشيات والأفراد. وعندما سألت إحدى الضحايا لماذا لم تقدم بلاغاً للشرطة، كانت إجابتها تكراراً لما سمعته كثيراً: «أية شرطة؟ لا يمكن لأي جهاز أمني فعل شيء لي، فالميليشيات قوية جداً». وكثيراً ما تتعرض الصحفيات والناشطات للمضايقة، ففي أبريل الماضي، طالب مسؤولو الأمن الصحفيات الأجنبيات بوضع أغطية رأس عند حضورهن محاكمة مسؤولين سابقين في حكومة القذافي في طرابلس. وفي وقت سابق من العام، لم يُسمح لصحفيتين ليبيتين حضور محاكمة مماثلة في المحكمة ذاتها لأنهما امرأتان. ومنذ انتهاء الثورة ضد معمر القذافي خلال العامين الماضيين، يعتري المشهد الأمني الليبي ضعفاً كبيراً، وسط استقطاب سياسي وتعطل الهيئة التشريعية المنتخبة. وبعد عامين من تمتع الميليشيات بحصانة، فقد تركت بصمتها ولا تزال أعمال العنف تنتشر في ربوع ليبيا. وتتداخل تلك القيود المقلقة بشكل كبير مع حق المرأة في حرية التعليم والحركة. وتأتي أيضاً في مقدمة قوانين وممارسات التمييز الموجودة التي تواجهها المرأة الليبية. وعلى السلطات الليبية أن توضح للمؤسسات التعليمية ومسؤوليها الحكوميين، وكذلك القطاعات غير الحكومية، أنه لن يتم السماح بالتمييز ضد المرأة. وعلى الجهات المسؤولة إصلاح هذه القوانين والممارسات التمييزية. وفـي غضـون ذلـك، أخبرتنـي والـدة هنـد -وهي كاتبة بارزة وتعرضت نفسها للمضايقات والتهديدات بسبب آرائها الصريحة والجريئة- أن ابنتها الطالبة تعرضت للإرهاب والإذلال عندما بدأ الحارس إخراجها من فصلها الدراسي، وأخبرها قائلاً: «سأتابعك حتى ترتدين الحجاب». ويفكر والدا هند، القلقان مثل كثير من الليبيين الآخرين، في إرسالها إلى الخارج لمواصلة دراستها. وأضافت والدتها: «أشعر بقلق عميق على ابنتي، وأود أن تغادر». يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©