الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جنوب أفريقيا: إضراب عام وشلل تام!

3 سبتمبر 2010 23:26
يهدد إضراب شامل ينظمه أزيد من 3,1 مليون موظف حكومي في جنوب أفريقيا بتأزيم البلاد، وتعطيل دورة الحياة العامة فيها، عقب دخوله أسبوعه الثالث بعدما رفضت الاتحادات العمالية الكبرى العرض الحكومي الأخير بزيادة أجور الموظفين لتضاعف معدل التضخم في البلد. وفي هذا الإطار أعلن "زويلنزيا فافي"، الأمين العام لفيدرالية الاتحاد العمالي المعروفة باسم "كوساتو" بأن منظمته النقابية القوية قد رفضت العرض الحكومي الأخير، مثلما رفضت العروض السابقة، دون أن يعني ذلك توقف المباحثات الجارية مع الحكومة من حيث المبدأ بهدف التوصل إلى تسوية تستجيب لتطلعات الموظفين ولا تلحق ضرراً فوق المستطاع بالخزينة العامة وموازنة الحكومة. وقد امتد هذا الرفض للعرض إلى اتحادات أخرى تضم قطاعات أساسية مثل الشرطة والممرضين والتعليم، فيما أبدت اتحادات عمالية غيرها لم تشارك في الإضراب نيتها الانضمام إليه في الأيام المقبلة إذا لم تستجب الحكومة لمطالب الموظفين في القطاع العام. وقد تسبب هذا الإضراب القوي الذي انطلق في 18 أغسطس الماضي في حالة من الشلل العام خيمت على المرافق العامة ومراكز تقديم الخدمات الضرورية مثل المستشفيات والمدارس الثانوية التي يستعد فيها الطلبة لخوض الامتحانات النهائية خلال ثلاثة أشهر من الآن. هذا في الوقت الذي واجه فيه المدرسون والممرضون الذين حاولوا كسر الإضراب بصفة شخصية أو فردية بالتوجه إلى العمل تهديدات مثيرة للقلق وجدية من زملائهم المضربين. وتبرر الحكومة تحفظها المستمر على الزيادة المطلوبة في رواتب الموظفين بالعجز في الموازنة الذي سيرتفع عن نسبته الحالية المتمثلة في 7.6 في المئة، وستضطر الحكومة إلى الاقتراض لتغطية نسبة الزيادة التي حددتها في 5.7 في المئة. وقد شمل العرض أيضاً حصول الموظفين على بدل سكن يصل إلى 108 دولارات شهريّاً لجميع الموظفين والعمال، وهو عرض اعتبرت أطراف داخل الحكومة أنه سخي ويستجيب عمليّاً لمطالب العمال وتطلعاتهم التي دفعت أصلا إلى نشوب هذا الإضراب العام المزعج. يُذكر أن معدل التضخم في جنوب أفريقيا بلغ خلال العام الجاري 8.3 في المئة، ومن المتوقع أن تغذي الزيادات المرتقبة في الأجور مطالب موظفي القطاع الخاص الذين سيطالبون أيضاً بزيادات في الرواتب. وتصر الاتحادات النقابية على زيادة لا تقل عن 6.8 في المئة وبدل سكن يصل إلى 136 دولاراً في الشهر. وقد تعرض الرئيس "جاكوب زوما" لانتقادات حادة من وسائل الإعلام لتعاطيه مع الإضراب الذي انطلق خلال زيارة كان يقوم بها إلى الصين، حيث تصاعدت حدة الانتقادات عندما نشرت تقارير حول وفاة مرضى في المستشفيات بسبب غياب الممرضين، بحسب ما تردد في بعض الأوساط. وكان صعود "زوما" إلى سدة الرئاسة جاء بمساعدة الاتحادات النقابية المضربة حاليّاً، ولكن علاقته معها باتت اليوم في الحضيض لتمتد تداعياتها أيضاً إلى العلاقة بين حزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" الحاكم وبين حليفه الحزب الشيوعي. وقد اعتبر "فافي"، رئيس الاتحاد العمالي الأكبر في البلاد أن التحالف بين الحزب والنقابات وصل مرحلة خطيرة، حيث يقول إن البلاد تحولت إلى "دولة انتهازية تتحكم فيها نخبة قوية وفاسدة تلجأ إلى الديماغوجية لتحقيق مصالحها السياسية والخاصة، وتتعامل فيها مع الدولة كوسيلة لمراكمة الثروة لا غير"، مهدداً بسحب النقابات لتأييدها من حزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" في الانتخابات المحلية المقررة خلال السنة المقبلة. ولا يحظى الإضراب بدعم كبير في صفوف المواطنين الذين تأذوا من غياب الخدمات الأساسية، كما أدى الإضراب ووقف العمل إلى تبديد الشعور بالوحدة والتضامن الذي ساد الجنوب أفريقيين خلال الصيف الحالي عندما نظموا بنجاح كأس العالم في كرة القدم. ولتصعيد المواجهة مع الحكومة نظم الموظفون المضربون مسيرات في شوارع مدينة جوهانسبرج احتجاجاً على العرض الحكومي، ومع أن المظاهرات كانت سلمية إلا أن التواجد الأمني كان كثيفاً تحسباً لاندلاع أعمال عنف. وفي تعليقه على الإضراب قال أحد الموظفين في وزارة العدل المشاركين في المظاهرات، رفض الكشف عن اسمه، إن موظفي القطاع العام في جنوب أفريقيا لا يحظون بالاحترام والتقدير اللازمين، وإن الكثير منهم لا يستطيع توفير منزل لائق له ولأسرته. ويؤيد هذا الطرح المحلل السياسي "آدم حبيب"، وهو نائب رئيس جامعة جوهانسبرج، قائلا إنه يتعين على الحكومة دفع رواتب أكبر إذا هي أرادت الاحتفاظ بالموارد البشرية المؤهلة والقادرة على إدارة البلاد، مضيفاً أن الاقتراح الحكومي برفع الرواتب بنسبة تفوق معدل التضخم الحالي أمر جيد على أساس أن يترافق مع وقف لزيادة رواتب المسؤولين الحكوميين "إذ لا يمكن مطالبة الموظفين بالتقشف في حين أن من يطالبونهم بذلك يرفعون رواتبهم"، مؤكداً أن قادة الاتحادات العمالية سعوا في الفترة الماضية إلى إقناع الموظفين بالزيادة التي اقترحتها الحكومة لكنهم رفضوا الإذعان. وحتى لا تتضرر مصالح البلاد ومعها المواطنون أشار المحلل السياسي إلى أنه يتعين على الحكومة حسم خيارها بسرعة بين تكبد عجز أكبر في الموازنة العامة، أو استمرار الإضراب لفترة أطول، وفي رأيي يقول "حبيب" إن "مواصلة الإضراب ستخلق حالة من عدم الاستقرار وسيؤثر ذلك على الاستثمار الأجنبي في البلاد". روبين ديكسون وكيلي بينار جنوب أفريقيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©