الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التنافس البحري على المحيط الهندي

3 سبتمبر 2010 23:25
يوم الأحد الماضي، رست سفينتان حربيتان صينيتان بأحد موانئ بورما، في ما يعتبر حدثا يسلط الضوء على حضور الصين البحري المتزايد بالقرب من عملاق آسيوي صاعد آخر هو الهند. ووصفت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" زيارة الصداقة التي قامت بها السفينتان للميناء بأنها الأولى من نوعها في بورما -المعروفة أيضا بميانمار- ولكنها زيارة تأتي وسط زيادة توتر العلاقات بين بكين ونيودلهي. ولئن كان العملاقان الآسيويان يشتركان في حدود متنازع عليها، فإن المحيط الهندي يمكن أن يصبح نقطة ساخنة أكثر خطورة بالنسبة لطموحاتهما المتداخلة؛ حيث تقوم بكين بتطوير موانئ في محيط الهند سعياً لتأمين الطرق البحرية الصينية، في حين تنكب المؤسسة الأمنية الهندية على مناقشة أفضل السبل لتقلد الزعامة في المحيط الهندي. وفي هذا السياق، يقول بي. كي. جوش، ضابط متقاعد في القوات البحرية: "بخصوص زيارة الميناء هذه، لا أعتقد أن ثمة أي شيء ينبغي القيام به، غير المراقبة الجيدة". ولكن الصين، يضيف "جوش"، تبعث برسالة مفادها: "انظروا، نحن في المنطقة ويمكننا أن نقوم بعملياتنا في الإقليم". وقد قامت الصين خلال السنوات الأخيرة بتوسيع عدد من الموانئ في بلدان تحد الهند، مثل باكستان وبنجلاديش وسريلانكا وبورما، ويشير الخبراء الاستراتيجيون الهنود إلى هذه المشاريع بـ"خيط لؤلؤ" يحيط بالهند في جوارها الاستراتيجي. ويقر "جوش" بأن الموانئ هي منشآت تجارية، غير مصممة لتكون قواعد بحرية. والواقع أن المحيط الهندي سيزداد أهمية بالنسبة للهند والصين في وقت يزداد فيه ارتباطهما بالاقتصاد العالمي، حيث بات المحيط الهندي بمثابة "طريق حرير" القرن الحادي والعشرين، إذ يمر عبره نفط الخليج والمعادن الأفريقية إلى أكبر بلدين في العالم من حيث عدد السكان والحق أن تأمين الطرق البحرية، الذي كان يوم ما من اختصاص بريطانيا العظمى، ثم الولايات المتحدة، يمكن أن يتم على نحو تعاوني، وليس تنافسياً، لاسيما وأن كلا البلدين يشاركان في جهود عالمية لحماية السفن من القراصنة قبالة السواحل الصومالية. ولكن حتى تحقق الهند طموحها وتصبح قادرة على إظهار قوة بحريتها وتأمين طرقها، فإنها ستحتاج للوصول أوًلا إلى موانئ إقليمية بعضها يوجد اليوم تحت التوسع الصيني. وفي هذا السياق يقول "سي. راجا موهان"، محرر الشؤون الاستراتيجية في صحيفة "إكسبريس" الهندية، في محاضرة ألقاها أمام جمهور كبير في نيودلهي الشهر الماضي: "لقد رأينا ذلك في سريلانكا. فعندما تأخرت نيودلهي في الرد على دعوة كولومبو لها من أجل بناء ميناء جديد في هامبانتوتا، تدخلت الصين". ومما يزيد من تعقيد الموضوع الحذرُ السائد في نيودلهي من الصين. فإذا كان العملاقان الآسيويان قد وجدا قضية مشتركة بشأن تغير المناخ وتوسيع التجارة الثنائية، فإن الفتور الدبلوماسي الذي يعود إلى الغزو الصيني عام 1962 مازال يعيق تحسن العلاقات، كما فشل البلدان في تسوية نزاعاتهما الحدودية في الهيمالايا في وقت سابق من هذا العقد، ما دفع الهند إلى تدعيم وتقوية المنشآت الحدودية في وجه الغارات الصينية. وبينما تركز الصحافة الهندية على "الاستفزازات" الصينية، فإن المسؤولين في نيودلهي يحرصون على التعاطي مع هذا الموضوع بلباقة في ما يبدو حرصاً منهم على تلافي صدام مباشر مع بكين. غير أنه بين الخبراء الهنود، تثير الخطوات الصينية نقاشا حول كيف ينبغي على الهند أن تفرض نفسها في المحيط الهندي. وفي هذا السياق، جادل "موهان" خلال محاضرته في نيودلهي الشهر الماضي بضرورة تبني مقاربة أكثر قوة تشمل اتفاقات حول إنشاء قواعد وتقديم مساعدة بحرية "للدول الأضعف في ساحل المحيط الهندي". وقال: "إنه لا توجد قوة عظمى بنت قوة بحرية في أعالي البحار يحسب لها ألف حساب من دون استعمال الموانئ واتفاقات سياسية تضمن "وجوداً متقدماً"، مضيفاً "وهذا سيعني ترتيبات مع موانئ صديقة ومنشآت أخرى في دول أخرى تزيد وتقوي نطاق ومرونة واستدامة العمليات البحرية الهندية". ولكن موهان يقول إن هذا الأمر يجعل الخبراء الاستراتيجيين الهنود غير مرتاحين، وذلك لأنهم كانوا يرفضون منذ عقود بناء أي شخص لـ"قواعد خارجية" في المحيط الهندي - وهو شيء يجب على الهند نفسها أن تقوم به اليوم. أما جوش، فيجادل ضد التحول إلى "أخ أكبر" في المنطقة. وكان جوش قد ساهم عام 2008 في تنظيم "المنتدى البحري لبلدان المحيط الهندي"، وهو منتدى للحوار والتعاون حول المواضيع المشتركة بين قادة القوات البحرية لـ28 دولة تطل على المحيط الهندي. ويقول: "في البداية، كان ثمة تخوف كبير في أذهان العديد من البلدان بخصوص الأجندة المخفية". ولكن الهند، كما يقول، بذلت جهدا كبيرا لتوضح أن الأمر لا يتعلق بمحاولة لتتحول لـ"أخ أكبر"، وإنما بإنشاء منتدى مع البحرية الهندية -التي تعد الأكبر في المنطقة- باعتباره "نقطة ارتكاز محايدة". وذاك هو الموقف المناسب بالنسبة للهند في الوقت الراهن، كما يجادل جوش الذي يقول: "إنني أعتقد اعتقادا راسخا بأنه إذا كنت تحمل عصا كبيرة، فيجدر بك أن تتحدث بنعومة... أعتقد أن ثمة الكثير من السلبيات المرتبطة بأن يُنظر إليك كقوة مهيمنة". بن أرنولدي - نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©