السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تبادل أطباق الطعام طقس رمضاني يبرز التكافل في الإمارات

تبادل أطباق الطعام طقس رمضاني يبرز التكافل في الإمارات
3 سبتمبر 2010 22:45
مع عودة شهر رمضان كلّ عام، تعود معه عادات وتقاليد حميدة لا تتكرر ولا تحلو إلا به، فوجبة السحور وبعض أصناف المأكولات والمشروبات كاللقيمات والقطايف والتمر هندي وقمر الدين وغيرها، لا يمكن أن تتواجد سوى في هذا الشهر، ولأنه شهر كريم فقد اشتقت من صفته هذه عادات حميدة أخرى على رأسها عادة تبادل الأطباق والمأكولات بين الناس لتزيد من أواصر المحبة والتراحم بينهم. كرم شهر رمضان لا يتجلى في إعداد مائدة عامرة بما لذّ وطاب من المأكولات لإطعام أهل البيت وحسب، وإنما يمتد إلى أبعد من ذلك بإطعام الآخرين سواء أكان للفقراء والمعوزين وغيرهم أو من إطعام الجيران والأصدقاء، وهي عادة رمضانية بحتة تم توارثها عبر الأجيال، وظلت محافظة على تواجدها بين الناس رغم مرور الزمن، وطغيان المصالح والمادة على كثير من العلاقات الاجتماعية. حركة قبل الإفطار قبل موعد الإفطار بقليل تنشط الحركة في ممرات البناية ومصاعدها وفي الحارات الصغيرة، وفي هذا الوقت الضيق ما بين سكب الطعام ورفع الأذان تجري عملية تبادل الأطباق بين الأهل والأصدقاء والجيران، طبق ذاهب وطبق قادم، وكل منها يحمل رائحة الرحمة والمودة كحال الشهر الفضيل نفسه. «الساعة السابعة إلا ربع، ولم يتبق على موعد أذان المغرب سوى دقائق معدودة، يطرق الباب، وتفتح ربة البيت فإذا هو ابن الجيران، يحضر طبقا من «الهريس» تتناوله أم سعد شاكرة، ثم تقفل الباب». بعدها بقليل ترسل أم سعد ابنتها إلى بيت الجيران، تحمل لهم طبقين، أحدهما من «السمبوسة» وآخر من «الفاصولياء»، تتناولهما الجارة من الفتاة داعية لأهلها بدوام النعم. هذا هو الحال بين الجارتين منذ سنوات عدة، ومع أن تبادل الصحون هو عادة درجت ما بين العائلتين على الدوام، إلا أنها في رمضان تنشط بشكل يكاد يكون واجبا، حيث لا يمرّ يوم إلا وتتبادل فيه الجارتان الأطباق الرمضانية الشهّية. تقول أم سعد: «منذ سكنت في البناية بادرت جارتي بالتعرف إليّ وأصبحت ترسل لي أطباقا إماراتية من صنعها، ومن خلالها تعرّفت إلى الطعام المحلّي كالهريس والثريد وغيره، ولأنها امرأة كريمة كان من الصعب أن أتجاهل هذا الكرم، فجزاء الإحسان لا يكون إلا بالإحسان والبادئ بالخير هو الأكرم، فأصبحت أبادلها بالمثل فأرسل لها أطباقا من طعامنا الأردني، كالمنسف والمقلوبة وغيرها، لا سيما في شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة والكرم والتواصل مع الآخرين، وهي العادة التي لم نقطعها منذ سنوات وهي مستمرة لغاية اليوم». عصفوران بحجر تتبادل الجارات أم عدي من سوريا، وأم رغد من الأردن، وأم حسين من مصر، الأطباق الرمضانية كلما سنحت لهم الفرصة، فهي مناسبة، كما توضح أم حسين، للتودد إلى الجيران من جهة ولتعريفهم بالمأكولات المصرية الشهيرة من جهة أخرى. تستطرد: «وكذلك لأذيقهم لذّة طبخي، حيث إن الجميع يشيد بطعامي ونفسي الجميل على الأكل». من جانبها توضح أم عدي: «بالنسبة لي فأنا متخصصة في صنع الكبة، بجميع أنواعها، والحقيقة أن جاراتي يسألنني دوما عن كيفية صنعها، لكنهن لا يجدن فعلها كما أفعل أنا، لذلك أنتهز فرصة حلول الشهر الكريم لأتودد لهن ببضع حبات من الكبة الشهية، وهي طبق مرغوب لدى الكثير من الناس على سفرة رمضان». أما أم رغد فتعلّق بقولها: «تبادل الأطباق بين الأصدقاء والجيران هو أجمل ما في الشهر الفضيل بالنسبة لي، إن لم يكن أجمل ما في الغربة على الإطلاق، ففي رمضان الماضي كنت قد وضعت مولودة جديدة، ولم أكن قادرة على الطبخ وإعداد المائدة الرمضانية، ومع ذلك فلم يخل المنزل من الطعام بفضل جاراتي اللاتي كن يبعثن لي بما لذّ وطاب من المأكولات العربية، وفي كثير من الأحيان، كنا نفاجأ بأكثر من طبق قد أرسلتهن مجموعة من الجارات في نفس اليوم، وهو معروف لا أنساه لهن ما حييت، وذكريات لا يوجد أجمل منها في ذاكرتي». وسيلة للتعارف بالنسبة للبعض قد تكون بادرة إكرام الجار في شهر رمضان، فرصة لإنشاء علاقات قوية فيما بعد، وهو ما توضحه أم خالد بقولها: «انتقلت للسكن في شقة جديدة قبيل شهر رمضان، وقد سعدت كثيرا حينما طرق الباب في أول يوم وفوجئت بأبناء الجيران يحضرون لي الطعام الإماراتي المميّز، والأطباق الشعبية المعروفة لديهم، والتي كنت أتذوقها للمرة الأولى في حياتي. أما جارتي الباكستانية والتي تسكن مقابلي فقد كانت تبعث لنا هي الأخرى طعامهم الشعبي، والعديد من الحلويات اللذيذة، فصرت أبادلهم المعروف بالمثل، وأصبحت أتعمّد زيادة كمية طبخي، لكي أبعث لهم مما أعددت من طعام يوميا، وبفضل تلك العادة تعرّفت إلى جاراتي وأصبحنا صديقات». وإذا كان بعض الجيران يكتفون بإرسال أصناف معينة من الطعام إلى بيت الجيران أو الأصدقاء، فإن ثمة أناسا يفضلون أن يحملوا كلّ طعامهم ليشاركوا به أصدقاءهم وقت الإفطار. تقول سعيدة الطنجي: «في رمضان يحلو الإفطار مع الأهل والأصدقاء، فهو شهر الرحمة والتواصل والتكافل، وأنا وزوجي لا نحب أن نتناول إفطارنا في المنزل وحدنا، لذلك فإننا نحمل ما أعددنا من طعام ونذهب به إلى أهلنا وأصدقائنا ونتناوله معهم، وهي عادة جميلة جدا ولكن لا يحلو فعلها إلا في شهر رمضان المبارك». الخير باق ٍفي الإمارات ? ? تبقى المحافظة على العلاقات الأخوية والإنسانية في الإمارات، كما هي لم تتغير أثناء رمضان ? ?يتمثل ذلك في الزيارات واللقاءات وتبادل الدعوات حول الموائد المحليّة، التي من أهم وأشهر أكلاتها «الهريس» و»الفريد» و»البثيث» و»المتشبوس» و»العصيدة»، إضافة إلى وجبة أخرى بعد صلاة العشاء تسمى «الفوالة» وهي الوجبة الأم بالنسبة للمواطنين. فرع من أصل ? ?عادات التواصل والتراحم التي تشهدها العلاقات الإنسانية في الإمارات هي نتيجة طبيعية وحتمية استقتها من نهج الدولة التي تقود قطار الخير على مستوى الساحة العالمية، فقد تعددت مساهماتها في كافة المجالات، ما بين مشاريع الصحة والمشافي للمناطق المحرومة أو الفقيرة، فضلاً عن إنشاء المساجد وحفر آبار المياه، ومشاريع تقديم إفطار رمضان، إضافة إلى المشاريع الثقافية والتعليمية وبناء المدارس والمراكز التعليمية في عدد من بلدان العالم، لتتوزع مشاريعها الخيرية في دول من إفريقيا إلى آسيا وأميركا وأستراليا ونيوزلاندا وغيرها من بلدان العالم، مما يؤكد أنها اختزلت العديد من المسافات على درب القيام بمبادرات الخير والتواصل الإنساني، بغض النظر على فروقات وحواجز الجنس والدين واللون.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©