الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«شولتز» ضد ميركل!

27 يناير 2017 21:23
مارتن شولتز، متسرب من المدرسة الثانوية ورجل أعمال صغير سابق، فهل من الممكن أن يكون هذا الشخص هو المنافس الجديد القومي الشعبوي للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من خلال تحديه للمؤسسة؟ لا يمكن. إن شولتز، الذي يوصف بأنه المنافس الأخطر لميركل على منصب المستشارية في الانتخابات المقرر إجراؤها في 24 سبتمبر المقبل، ليس رجل تدمير، بل هو رجل تحالف. بعد أن أمضى 23 عاماً في البرلمان الأوروبي، وترأسه في آخر خمس سنوات، عاد شولتز إلى ألمانيا لقيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الانتخابات، ويحل محل زعيمه الحالي «سيجمار جابرييل» الذي يشغل منصب نائب المستشارة. ويوصف شولتز عادة بأنه أحد عناصر القوة في الحزب لأن شعبيته الشخصية في ألمانيا تباري شعبية ميركل. ولكن إذا كان هذا هو التحدي الأكبر الذي تواجهه ألمانيا في هذا الموسم الانتخابي، فإنها هي الملاذ السياسي الأكثر أمناً في العالم الغربي المضطرب على نحو متزايد، وهي التجسيد لحلم معتدل. وقد خدم الحزب الاشتراكي الديمقراطي باعتباره الشريك الأصغر لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة ميركل منذ عام 2013. وعلى هذا النحو، كان يتمتع بنجاح واسع النطاق ظاهرياً على الأقل. ولم يشغل فقط مناصب سياسية محلية وخارجية في الحكومة الائتلافية، فوزير الخارجية «فرانك فالتر شتاينماير» هو حالياً المرشح الرئيس لتولي منصب الرئاسة المرموق، وإن كان ضعيفاً. كما أتيح له أيضاً الحفاظ على كل وعوده الانتخابية الرئيسة -مثل الحد الأدنى للأجور على مستوى البلاد، والذي يبلغ حاليا 8,84 يورو في الساعة (9,50 دولار)، و«كبح» الإيجارات مما يسمح للمدن بوضع حد أقصى لها عندما ترتفع بمعدل أسرع من المعدل الوطني، وإصلاح نظام التقاعد الذي يسمح لبعض الناس بالتقاعد عند سن الـ63 بدلاً من 67. ومن خلال السماح لمليون لاجئ بالقدوم إلى ألمانيا في عام 2015، تصرفت ميركل وفقاً لسياسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الداعمة للمهاجرين بدلاً من سياسة حزبها الخاص، وعليه فإن قانون إدماج المهاجرين المستحدث يحمل بصمة الحزب. وربما يقول المرء إن الديمقراطيين الاشتراكيين قد خطفوا الحكومة. وفي الواقع، مع ذلك، فإن العكس هو ما حدث. فقد سمحت ميركل للحزب الاشتراكي الديمقراطي بالحصول على مكاسب محلية مع الحفاظ على الهدف الرئيس للمحافظين -موازنة خالية من العجز- وبدون زيادة الضرائب على الأغنياء. ولم تختلف التدابير التي اقترحها الحزب الاشتراكي الديمقراطي كثيراً، أيضاً. ومنذ انتخابات 2013، فقد الحزبان بعض نقاط شعبيتهما، ولم يعد الحزب الاشتراكي الديمقراطي ينافس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي على القمة. وبذلك تكون ميركل قد أزالت أنياب الاشتراكيين الديمقراطيين وحولتهم إلى ذراع حزبها الموجه اجتماعياً. وبلغة الأكاديميين الذين يدرسون الحكومات الائتلافية، فقد وقع ضحية لـ«معضلة الوحدة والتميز»، ليفقد هويته حتى وإن كان شريكه الرئيس في الائتلاف يتبنى سياساته. ولا يريد الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي يفخر بقيادة ألمانيا في العشرين عاماً التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، أن يترك ذلك. ولذا فقد أحضر شولتز. وكان جابرييل صريحاً بشأن سبب تخليه عن منصبه لرئيس البرلمان الأوروبي السابق. وكما ذكر في مؤتمر صحفي «لأن لديه فرصاً أفضل». وقد كان شولتز بعيداً في بروكسل، ولذا فإنه لا ينظر إليه كجزء من الحكومة التي تقودها ميركل -بل كدخيل- وهذا هو نوع السياسة المطلوبة كثيراً في العامين الأخيرين. فهو مناضل مشاكس، وواثق على الساحة الدولية، ويجيد عدة لغات أجنبية، ومرحب به نظراً لخلفيته كبائع للكتب في مدينة ألمانية صغيرة، ورئيس لبلدية مدينة «فورسلن» الصغيرة. ولكن هل لديه أي سياسات لم تتبنها ميركل ليقدمها؟ بإمكانه تقديم الحجج التقليدية للحزب الاشتراكي الديمقراطي بشأن الاستثمار في النظام التعليمي وتحسين الضمان الاجتماعي، ولكن، كما أثبت الائتلاف الكبير الحالي، فإن حزبه يمكن أن يحقق هذه الأهداف كشريك صغير في الائتلاف، أيضاً. وإلى جانب ذلك، فلن يمر على الناخبين الألمان أن شولتز أدار البرلمان الأوروبي كجزء من اتفاق تحالفي مشابه جداً بين الاشتراكيين والديمقراطيين من جانب، ومن الجانب الآخر حزب الشعب الأوروبي المحافظ الذي يضم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني. وقد توافق مع المحافظين في بروكسل باعتباره المرشح الأبرز للحزب الاشتراكي الديمقراطي. وقد كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي يجرب تكوين تحالف مع حزب الخضر واليساريين الحماسيين من الحزب اليساري الألماني «داي لينكه»، وهو الحزب الذي خلف حزب الشيوعيين في شرق ألمانيا، في القليل من الحكومات المحلية. وعلى رغم ذلك، فإن الحزب اليساري الألماني مناهض للمؤسسة وموالٍ لروسيا. وسيكون ترشح شولتز بالكاد مشجعاً على التعامل معهم. وسيحتاج الائتلاف اليساري إلى دعم الحزب الديمقراطي الحر المؤيد لقطاع الأعمال ليقترب من 50% من الأصوات، والأحزاب الأربعة في حاجة حقيقية إلى تحسين أدائها في سبتمبر عما هي عليه الآن. * كاتب روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©