الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وهب بن منبه طلب العلم صغيراً وانكب على دراسة الفقه

8 يونيو 2012
(القاهرة) - الإمام وهب بن منبه الصنعاني، تابعي جليل، ذاع صيته لمعرفته الواسعة بكتب الأوائل وأهل الكتاب، وعده أصحاب السير من الطبقة الثالثة من التابعين، وأحد أقدم من كتب في الإسلام، وبرع في الأخبار والرد على الفرق الضالة والمذاهب المنحرفة، وتعرض إلى ظلم بين لنقده الخروج على الشرع وضرب حتى قتل. ويقول الدكتور منتصر مجاهد، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر: ولد أبو عبد الله وهب بن منبه بن كامل بن سيج الصنعاني، ويقال الذماري نسبة لذمار في اليمن، سنة 34 هـ، بصنعاء، في خلافة عثمان بن عفان، وأسلم والده على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فحسن إسلامه وسكن اليمن. طلب العلم صغيراً وأشار إلى أن وهب طلب العلم صغيراً، وانكب على دراسة الفقه وعلوم اللغة والقراءات والحديث، وفي “طبقات الخواص” أنه صحب ابن عباس ولازمه، ثلاث عشرة سنة، وأخذ عن النعمان بن بشير، وجابر، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وغيرهم، رضي الله عنهم، ولازم طلب العلم، وواظب على قراءة كتب وصحائف أهل الكتاب، وتبحر في الإسرائيليات، وعرف بالحرص على العبادة والتجرد للزهد، وعن عبد المنعم بن إدريس عن أبيه قال: “صلى وهب بن منبه وطاووس اليماني الغداة بوضوء العتمة أربعين سنة”. وقال الدكتور منتصر مجاهد: كان صاحب حكمة وفطنة، ولمع نجمه وذاع صيته في الحكم والمواعظ والرقاق وحكايات الأمم الماضية وأساطير الأولين، والإسرائيليات، وروى أنه لما دخل سليمان بن عبد الملك الخليفة الأموي مسجد دمشق، فإذا نقش في الحجر، فقال لمن معه: ما هذا النقش؟ قالوا: ما ندري؟ قال: ابعثوا إلى أناس من النصارى واليهود، فجاؤوا بهم أو بأناس من علمائهم، فقال: ما هذا النقش؟ قالوا: ما نعرف؟ فقيل: يا أمير المؤمنين، أبعث إلى وهب بن منبه، فإنه يقرأ الكتب. فبعث إليه فعرفه، فإذا فيه: يا ابن آدم لو رأيت يسير ما بقي، من أجلك، لزهدت في طويل ما ترجو من أملك، وإنما تلقى ندمك لو زلت بك قدمك، فأسلمك أهلك وحشمك، وانصرف عنك الحبيب، وودعك القريب، فلا أنت إلى أهلك بعائد، ولا في عملك زائد، فاعمل ليوم القيامة، قبل الحسرة والندامة. وكان له أثر في محاربة الخوارج في اليمن وتحذير الناس من آرائهم، وروى عن جماعة، منهم عبدالله بن عمرو، وابن عباس، وجابر، رضي الله عنهم. وأوضح أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر أن وهب اشتهر بالزهد والورع والاجتهاد في العبادة، والعفو والصفح عمن أساء إليه، ويقول مولى الفضل بن أبي عياش: كنت جالساً مع وهب بن منبه فأتاه رجل فقال: إني مررت بفلان وهو يشتمك فغضب وقال: ما وجد الشيطان رسولاً غيرك، فما برحت من عنده حتى جاءه ذلك الرجل الشاتم فسلم على وهب فرد عليه ومد يده وصافحه وأجلسه إلى جنبه. وتتلمذ على يديه الكثيرون، وروى عنه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وعمرو بن دينار، وإسرائيل أبو موسى، وعوف الأعرابي، وغيرهم. وأكد أنه أثنى على علمه وورعه وفضله العلماء، وذكر العجلي أنه: “تابعي ثقة، وكان على قضاء صنعاء”، وقال عبد الصمد بن معقل: “صحبت وهب بن منبه أشهراً يصلي الغداة بوضوء العشاء”، ووصفه الذهبي بأنه: “صدوق”، وذكره شيرازي في فقهاء التابعين باليمن، وقال كثير بن عبيد “إنه سار مع وهب فباتوا بصعدة عند رجل فخرجت بنت الرجل فرأت مصباحاً، فاطلع صاحب المنزل فنظر إليه صافاً قدميه في ضياء كأنه بياض الشمس، فقال الرجل رأيتك الليلة في هيئة وأخبره فقال اكتم ما رأيت”. وذكرت المصادر التاريخية أن روايته للمسند قليلة، وأنه كان يحفظ كلامه كل يوم، فإن سلم أفطر وإلا طوى. وقال ابن قدامة أن لا شيء في “الصحيحين” لوهب بن منبه سوى حديث واحد. وأخذ عليه البعض أنه كان يروي ما صح وما لم يصح، وكان يتكلم في القدر ورجع عنه. ويقال: ألف فيه كتاباً، إلا أنه ندم على ذلك. محنة قاسية وروى عن حماد بن سلمة، عن أبي سنان عيسى بن سنان: سمعت وهبا يقول: كنت أقول بالقدر حتى قرأت بضعة وسبعين كتاباً من كتب الأنبياء، في كلها: من جعل إلى نفسه شيئاً من المشيئة فقد كفر. فتركت قولي. وكان الإمام الصنعاني واسع العلم موسوعياً، ومؤرخاً أخبارياً ثقة، عنده من علم أهل الكتاب شيء كثير، وترك مؤلفات كثيرة في الفقه والأصول والأخبار والتاريخ، منها “ذكر الملوك المتوجة من حمير”، و”قصص الأنبياء”، و”قصص الأخيار”، و”مناصحة الإمام وهب بن منبه لرجل تأثر بمذهب الخوارج”. وتعرض في كبره لأذى شديد ومحنة قاسية امتحن فيها وسجن وضرب بسبب تصديه لظلم الرعية وإنكاره الخروج على الشرع، ولم تذكر المصادر تفاصيل محنته التي بدأت عندما تولى يوسف بن عمر الولاية على اليمن، وروى حبان بن زهير العدوي، قال: حدثني أبو الصيداء صالح بن طريف، قال: لما قدم يوسف بن عمر العراق بكيت وقلت: هذا الذي ضرب وهب بن منبه حتى قتله، ثم نقله الخليفة هشام بن عبد الملك إلى إمرة العراق، وكان سماطه بالعراق فيما حكى المدائني كل يوم خمسمئة مائدة، أبعد الموائد وأقربها سواء في الجودة، ثم إنه عزل عن العراق عند مقتل الوليد، ثم ضربت عنقه في سنة سبع وعشرين ومئة. وتوفي الإمام الصنعاني، رحمه الله، في سنة 114 هـ في صنعاء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©