احتفالات الطلاق

لون عينيها بريق يخفي أذى تحمله أعماق دمرها الهوان، ذاقت مر العيش فنثرت حياتها شظايا، تتوسل للزمان بأن يعيد ترميمها، وتجثو على قدمي الأماسي لتمحو من ذاكرتها قسوة ليالي خلت ولن يطويها النسيان، لن يداوي توالي الأيام جروحها المثخنة، فراحت تطلب الفرح، رقصت على خيبة الأمل، واحتفلت لتعوض نفسها هزيمة أيام سقطت من حسبة عمرها، بطاقات وزهور تنثر في كل اتجاه لتعوض النفس، أو لتغيظ من كان يوما شريك ليال، احتفالات راجت في السنوات الأخيرة في بعض دول الخليج فرحاً بانتهاء علاقة “الرباط المقدس” و”الميثاق الغليظ “ . هي احتفالات الطلاق، واحتفالات انتهاء مرحلة من عمر إنسان، فترة تحمل زهورا وأشواكا، احتفالات كانت رائجة قبل أن تعرف طريقها إلى بعض الدول الخليجية، وبعض الدول العربية في شمال إفريقيا، جنوب المغرب حيث المرأة الصحراوية وأهلها يقيمون احتفالاً بطلاق ابنتهم، وتقام لها الذبائح و الولائم، وتمد يديها للحناء آملة في أيام خضراء وربيع قادم، ولعل موريتانيا هي أشهر البلدان احتفالا بهذه المناسبة، وهي احتفالات تعلن عندهم ميلاد حياة جديدة، وفي عمقها تضامن ضمني مع المرأة التي تعرضت لامتهان كرامتها بفشل زواجها، وسعة صدر لمسح آهات مخنوقة، وعنوان فرح على خلاص من قبضة رجل قد يكون جائرا، وحياة لا تحمل منها إلا الأسى، حكايات تحمل بين سطورها خفايا ومعاني كثيرة لا تخلو من حروف حزينة، ودموع تنسكب ليلاً على وسادة خالية. وإذا كانت المرأة المطلقة في العالم أجمع يقابل طلاقها بنظرة دونية، فإن المرأة الموريتانية المطلقة يصبح حظها أوفر ويتساوى حظها مع العذارى في الزواج مرات عدة، بل يعتبرن أوفر حظا من غيرهن حسب ما تؤكده الدراسات الاجتماعية، وتستقبل الموريتانية المطلقة بالزغاريد وقصائد الشعر، وغالبا ما تطلب للزواج خلال أيام العدة، هي عادة لتعويض المرأة والتنفيس عنها واحتضانها وتقبلها، وانتقلت في السنوات الأخيرة إلى بعض الدول الأخرى عنوان أمل، ومساعدة لتخطي فترة زمنية حزينة، وتعويضا عن الأذى النفسي الذي تعاني منه المرأة بعد فشل مرحلة من حياتها بكل تبعاتها. هذه الاحتفالات انتقلت لبعض الدول الأخرى فراجت احتفالات الطلاق، وهناك حالات تستدعي ذلك لترميم ما يجب ترميمه، وأخرى بها مغالاة حيث تقام أحسن الحفلات في أشهر الفنادق، حيث توزع الدعوات وتقام الولائم وتتزين المطلقة وتظهر في أحسن صورها، وتعمل على قطع كيكة طلاقها التي تحمل العروسة وتطيح بالعريس أحيانا أو تشق نصفين ينزف منها عصير أحمر خفيف تعبيرا عن جروح لم تندمل بعد