الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

واشنطن بحاجة إلى منظمة التجارة العالمية

واشنطن بحاجة إلى منظمة التجارة العالمية
21 يوليو 2018 20:40
إضافة إلى كل ما فعله الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخراً لبث الفوضى في النظام التجاري الدولي، فإنه يفكر في إخراج الولايات المتحدة من منظمة التجارة العالمية. وبغية المحافظة على أغلبية جمهورية ضئيلة في الكونغرس في انتخابات نوفمبر، وقد يأمل الرئيس في أن الانفصال عن منظمة التجارة العالمية سيعزز من قدرته على فرض المزيد من الإجراءات الحمائية. ويذكر أنه يسمح لأي عضو في منظمة التجارة العالمية بالانسحاب عن طريق إرسال إشعار مدته ستة أشهر. وقد يحاول ترامب سحب الولايات المتحدة بعيداً عن المنظمة الدولية من جانب واحد، كما فعل مع اتفاقات المناخ في باريس - على الرغم من أن النظام القضائي في الولايات المتحدة قد يخبر الرئيس ترامب على الحصول أولاً موافقة الكونجرس. ويمكن لترامب أيضاً اقتراح تشريعات، تعمل على توسيع سلطاته الحالية لتجاهل التزامات معاهدة منظمة التجارة العالمية. وهو الأمر الذي يتم تسريبه إلى الصحافة من وقت لآخر، خاصة وأنه إذا ما احتكم الأمر للكونغرس فمن غير المضمون أن يقر مثل هذا القرار بالابتعاد عن منظمة التجارة العالمية. ولكن دعنا نقول إن ترامب تمكن من الحصول على طريقة، وسحب الولايات المتحدة من منظمة التجارة العالمية. ستكون العواقب على العالم والاقتصاديات الأميركية هائلة. من بينها: تقلص نمو التجارة، وتوقف سلسلة التوريدات، وتدمير الوظائف والأرباح، لا سيما في الصناعات الأميركية المعتمدة على الاستيراد والتصدير. والحواجز التجارية الناتجة عن هذا الانفصال عن المنظمة العالمية ستجبر بعض الشركات الأميركية إما على تقليص الحجم أو التحرك خارج حدود الولايات المتحدة. ومن شأن التدهور الاقتصادي العالمي أن يتسارع حيث بدأ هذا التدهور بالفعل بسبب الإجراءات التجارية المتهورة لترامب الخاصة بفرض تعريفات جمركية على الفولاذ والألمنيوم على كندا والمكسيك والصين وأوروبا. وإذا كانت سياسة حافة الهاوية الخاصة بالتجارة حتى الآن هي السياسة التي ينتهجها السيد ترامب، والتي تنذر بعواقب وخيمة على الاقتصاد الأميركي، ولكن يبدو أن الرئيس مستعد للمزيد من المخاطرة. لكنه قد لا يدرك أن فقدان فوائد العضوية في منظمة التجارة العالمية من شأنه أن يضر بالشركات والعمال الأميركيين أكثر مما تسببه قراراته التجارية الأخيرة من إلحاق الضرر بهم. وتوفر عضوية منظمة التجارة العالمية الحماية للسلع والخدمات المنتجة في الولايات المتحدة ضد التمييز في الأسواق الخارجية. وقواعد عدم التمييز هي قلب النظام التجاري لمنظمة التجارة العالمية، وهي القوانين التي تطبقها المنظمة حاليا في 164 بلدا يمثل حجم التبادل التجاري فيها نسبة 98% من جميع العمليات التجارية العالمية. وفي حالة ألغى ترامب عضوية أميركا، فستتاح الفرصة أمام كل عضو في منظمة التجارة العالمية بموجب القانون الدولي للتمييز ضد السلع والخدمات الأميركية. وعلاوة على ذلك، فإن جميع أعضاء منظمة التجارة العالمية مطالبون بمنح بعضهم بعضاً تعريفات أقل على أساس الأسعار المتفق عليها في بنود اتفاقية المنظمة. وإذا انسحبت الولايات المتحدة، فسيتعين على المصدرين الأميركيين دفع رسوم أعلى بكثير في كل مكان في العالم تقريباً. وستؤدي هذه التعريفات المرتفعة إلى زيادة أسعار سلاسل التوريد العالمية مما يعمل على تقليل القدرة التنافسية للمنتجين الأميركيين بسبب زيادة أسعارهم النهائية مقارنة بمنتجات مماثلة تنتجها دول أخرى أعضاء في المنظمة الدولية. ونظراً لأن الرسوم الجمركية تعد مثل الضرائب، فإن ترامب يفرض بالفعل زيادة ضريبية مخفية في شكل ارتفاع الأسعار على الشركات الأميركية والعمال عن طريق حث الشركاء التجاريين على الانتقام من تعريفاته غير القانونية على الصلب والألمنيوم. وفي حالة أن هجرت الولايات المتحدة منظمة التجارة العالمية، فإن هذه الزيادة في الضرائب المقنّعة ستكون أعلى بكثير. ومهما كان حجم الزيادة التي حصل عليها الأميركيون من التخفيضات الضريبية التي أقرتها الإدارة الأميركية في العام الماضي، فقد تتلاشى أي توفير يحصل عليه الفرد في الولايات المتحدة مقابل ارتفاع الأسعار المتوقع. من خلال التخلي عن منظمة التجارة العالمية، فإن الولايات المتحدة تفقد أيضا إمكانية الوصول إلى عملية حل النزاع التجاري مع أي دولة عضو في المنظمة، وبالتالي التخلي عن اللجوء الوحيد بموجب القانون الدولي لمكافحة الممارسات التجارية غير العادلة. هذا على الرغم من أن أحدث تقرير اقتصادي يقول إن «الولايات المتحدة فازت بـ 85.7% من حالات النزاع التجاري التي تم البت فيها أمام منظمة التجارة العالمية منذ عام 1995». وعلى الرغم من أن هذا التقرير الذي صدر في الولايات المتحدة ويحمل توقيع الرئيس ترامب إلا أن ترامب ينتقص بلا هوادة منظمة التجارة العالمية ويتهمها أنها عديمة النفع بالنسبة للولايات المتحدة. وبدلاً من الاعتماد على حكم القانون الدولي، يحاول الرئيس الضغط على الدول الأخرى لقبول شروطه من خلال التعريفات الجمركية والترهيب. علاوة على ذلك، لن ينجح الأمر. فعندما مثّلت الولايات المتحدة ما يقرب من نصف الإنتاج العالمي في أعقاب الحرب العالمية الثانية، كان لديها القدرة على إخضاع البلدان الأخرى لإرادتها لأن دول العالم كانت بحاجة ماسة إلى الاستثمارات والسلع الأميركية. ولكن اليوم يتشكل الاقتصاد العالمي بشكل مختلف. فتمثل الولايات المتحدة أقل من ربع الاقتصاد العالمي، والعلاقات التجارية أكثر مرونة وتنوعاً. إن السيد ترامب ومؤيديه يبالغون إلى حد كبير في النفوذ الاقتصادي العالمي للولايات المتحدة. وإذا كان ترامب يسعى لزيادة حملته الحمائية عن طريق التخلي عن منظمة التجارة العالمية، فسيتذكر الأميركيون قريباً لماذا أنشأت الولايات المتحدة النظام التجاري القائم على القواعد في المقام الأول. بدلاً من شن الحرب على منظمة التجارة العالمية، يجب على الولايات المتحدة أن تساعد في تحديثها بجعلها أكثر فاعلية في التعامل مع التجارة الرقمية والخدمات والإعانات والاستدامة والملكية الفكرية. إن القواعد المتفق عليها دوليا للتجارة الدولية - وعملية حل النزاعات حول تلك القواعد - هي ركيزة لا غنى عنها للازدهار، فهذا ينطبق هذا على جميع البلدان، ولكن على وجه الخصوص يكون له تأثير أقوى وأعمق على بلد تجاري بحجم الولايات المتحدة. * الكاتب: جيمس باكوس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©