الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سجال الانتخابات الرئاسية

27 يناير 2010 21:24
معركة الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة في السودان، قد بدأت بداية ساخنة أشبه بسخونة الطقس هناك. مقدمات المعركة الانتخابية جرت من أجواء الشائعات المنظمة والعفوية، وساعدت بعض أجهزة الإعلام في زيادة ارتفاع التوتر والارتباك المقصود والموجه للناخب "المسكين"، الذي تكالب عليه "محترفو" التضليل المدفوع الأجر أحياناً كثيرة والمدفوعة بالولاءات الشخصية والأطماع الذاتية والمنكوبة بمفوضية سُميت زوراً مفوضية الانتخابات القومية، والتي يعلم القاصي والداني أن ليست لها من "قومية" إلا الاسم. والناس يعلمون جيداً أن رئيس هذه اللجنة لم يكن راغباً في رئاستها، وأن ضغوطاً كثيرة عليه من السلطة الحاكمة العليا، ورجاءات أكثر من المعارضة بأن يتحمل هذه "المهمة المستحيلة" لامتداد تاريخه الوطني المعروف. وربما كان في ذهنه، وهو يستجيب لهذه الدعوة الحارة، أنه يمكن له بما يحظى به من احترام الجميع أن يجد المساعدة والعون من أداء مهمته الصعبة من الجميع. الأسبوع الماضي، وضحت تقريباً معالم المعركة الرئاسية المقبلة بإعلان جياد السباق (الأحزاب الكبيرة التي تشكل تجمع جوبا الديمقراطي) عن تسمية مرشحيها الذين يتنافسون مع البشير في الجولة الأولى، (والراهن الذي سيكسب جولة ثانية، لأن الواقع الحقيقي الذي يعلمه الجميع أنه لن يكون هناك فائز من الجولة الأولى يحصل على (+ 50 في المئة) من أصوات الناخبين مهما تفنن طباخو الانتخابات في حرفتهم القديمة). وليست هنالك مفاجآت كبيرة في تسمية الأحزاب مرشحيها للانتخابات الرئاسية، ولم يستقبل إعلان ترشيح رئيسه الأستاذ محمد إبراهيم نُقُدْ لينافس البشير بأي استغراب... نُقُدْ في نظر كثير من السودانيين مناضل سياسي يحظى بالتقدير والإعجاب بل وبالحب أيضاً. والواضح أن ترشيحه قد يساعد على توحيد فصيل "اليسار - الديمقراطي"، لأن الجميع يعلمون أن جولة الانتخابات الأولى ستكون - بل يجب أن تكون- امتحاناً للقوة والنفوذ لكل فصائل المعارضة الديمقراطية منفردة، وأن تكون فرصة ستتيح لهم أن يبدأوا من لحظة إعلان نتائج الجولة الأولى تنظيم صفوفهم، كما يجب أن تعمل كل الأحزاب الأخرى ذلك، وهي فرصة للدراسة والبحث والتقصي لمعرفة مدى المتغيرات الهائلة، التي وقعت في الحياة السياسية السودانية، إبان فترة حكم الجبهة القومية الإسلامية الملقبة الآن بـ"المؤتمر الوطني"، وبالتالي مدى المتغيرات الديموغرافية وحركة السكان... إلخ. كذلك ترشيح حزب "الأمة القومي" للإمام الصادق المهدي، ولا شك أن هذا الحزب هو أكثر الأحزاب الكبرى حظوظاً في الانتخابات إذا جرت وتحققت مطلوباتها. وترشيح المؤتمر الشعبي (الترابي) للأستاذ عبدالله دينج الدينكاوي المسلم خريج جامعة الأزهر، وأستاذ اللغة العربية الجامعي كان "ضربة معلم سياسي" برغم علم حزبه وزعيمه أن حظوظه في الفوز قليلة جداً، كونها رسالة سياسية ذكية. أما ترشيح "الحركة الشعبية" نائب أمينها العام ورئيس قطاع الشمال، فقد قطع كل حملة الشائعات المبرمجة، التي كانت تصدر عن دوائر "المؤتمر الوطني"، الذي كان يريد إيهام الناس بأن شراكة نيفاشا، ستستمر، وأن الحركة ستساند ترشيح البشير إلى جانب أن ترشيح ياسر عرمان، للرئاسة يخاطب قطاعات واسعة ليس من الجنوبيين الحزبيين فقط، بل من قطاعات واسعة من الشباب والنساء و"المناضلين القدامى" الشماليين الذين يرون في انخراط "عرمان" في صفوف "الحركة الشعبية" المبكر، وما كسب من ثقة رئيسها الراحل والحالي، هو أحد ضمانات استمرار الخط "الوحدوي" في الحركة في مواجهة الانفصاليين الجنوبيين. السودان اليوم يذكرنا بحراك سياسي عالي الوتيرة جرى أيام تنظيم أول انتخابات ديمقراطية في السودان عام 1953 مع الاختلاف، فذلك كان حراكاً ومعركة من أجل تحقيق حلم السودان الحر المستقل... وهذه معركة من أجل السودان بكل صفاته الحسنة، الذي افتقدناه لأكثر من عشرين عاماً. وستبقى المعركة الأكبر، هي التي ستواجه المعارضة الديمقراطية، معركة للاتفاق والتعاهد القوي والصادق على دعم وتأييد وانتخاب أول الفائزين في قائمة مرشحيها الحزبية في مواجهة حزب السلطة. ويا لها من معركة، ويا له من امتحان لقادة الأحزاب والقوى الديمقراطية السودانية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©