السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإصلاح المالي: هل تجدي حلول أوباما المصرفية؟

27 يناير 2010 21:24
سباستيان مالابي محلل سياسي أميركي ركز أوباما اهتمامه- خلال الأسبوع الماضي- على التحدي الرئيسي في عملية التنظيم المالي، والمتمثل في المؤسسات المصرفية العملاقة في "وول ستريت" التي نمت لدرجة هائلة بحيث أصبحت" أكبر من أن تسقط". وعلى الرغم من أن أوباما قام بمحاولتين لحل المشكلة، لا يزال يتعين عليه أن يقترح الحل الصحيح. كان أوباما متردداً بأكثر مما ينبغي، لكنه مضى إلى ما هو أبعد مما كان ينبغي، فها نحن أخيراً نرى أوباما وقد بدأ يصارع العدو الحقيقي. فنتيجة لأن سقوط بنك كبير يمكن أن يؤدي إلى تعثر البنوك الأخرى، فإن الحكومات تجد نفسها مضطرة للتدخل لإنقاذ البنوك التي تعاني من أزمة. ونظراً لأن دائني البنوك يعرفون ذلك، فإنهم يقرضون أموالهم إلى البنوك من دون تحفظ، وهو ما يؤدي بدوره إلى خلق الظروف التي تجعل من وقوع الأزمة أمراً محتملًا. وفي الواقع أن كل بنك هو في جوهره"فاني ماي" و" فريدي ماك" وهما مؤسستا الإقراض العقاري المأسوف عليهما. فهاتان المؤسستان اللتان كانتا مزودتين بضمانات حكومية ضمنية، قامتا بشفط رأس المال المدعوم، وقامرتا به في الأسواق. ونظرا لأن الأرباح عادة ما تذهب إلى المصرفيين وإلى حملة الأسهم، في حين يتم تحمل الخسائر من قبل دافعي الضرائب، فإن السؤال الذي يرد إلى الذهن هو:ما الذي سيفعله باراك أوباما حيال تلك المشكلة؟ يوم الخميس الماضي اقترح أوباما حلًا جذرياً، وهو أن المصارف التي تتمتع برأس مال مدعم، يجب أن يتم منعها من المقامرة، كما يجب عليها إغلاق "مكاتب التداول في الأوراق المالية المملوكة للغير"، وألا تقوم بتشغيل فروع تعتمد في عملها على المخاطرة العالية مثل صناديق التحوط. الجزء الخاص بصناديق التحوط سليم. فهذه الصناديق الموجودة داخل البنوك عادة ما تنحو لأن تكون أكثر خطورة، وأسوأ إدارة من الصناديق المستقلة عن البنوك، لأنها تتهرب من القواعد الانضباطية التي تحكم حركة الأسواق. فتلك الصناديق تجمع الأموال بناء على شهرة واسم البنك الراعي لها، بدلاً من الاضطرار لبذل الجهد لإقناع العملاء المرتابين بأنها صناديق يقوم عليها خبراء يعرفون جيداً ما يقومون به. وهذه الصناديق أكثر استعداداً للإقدام على المخاطر غير المنضبطة، مقارنة بالصناديق المستقلة، لأنها تدرك تماماً أنها لو تعرضت للمتاعب، فإن البنك الراعي لها سوف يهرع لمساعدتها. ولكن الاقتراح الخاص بإغلاق مكاتب تداول الأوراق المالية يثير أسئلة أكثر دقة. فصحيح أن شبكة الأمان الحكومي قد جعلت من إقدام البنوك على المقامرة بشكل طائش أمراً رشيداً (فعندما يكون لديك تأمين على السيارة، فإنك غالبا ما تقودها بسرعة أكبر)، إلا أن فرض حظر على تداول الأوراق المالية سيكون أمراً من الصعب وضعه موضع التنفيذ بشكل دقيق. ونظرا لأنه يستحيل تقريبا وضع تعريف دقيق لمعنى تداول الأوراق المالية المملوكة للغير، فإن القيام بفرض حظر صريح وفوري على ذلك التداول، سيستدعي الحاجة إلى مئات من الموظفين المسؤولين عن التأكد من الالتزام بالحظر، على الرغم من أن خطوطه العريضة غير معرّفة بشكل دقيق. علاوة على ذلك سوف يعاني هذا الحظر من ثغرة كبيرة، وهي أن تطبيقه لن يسري على البنوك الأجنبية العاملة في الولايات المتحدة الأميركية، ما يعني أن الأجانب سيكون لديهم القدرة على الاستمرار في المضاربة في الأسواق الأميركية، مما يؤدي بالتالي إلى استمرار أزمة الائتمان، التي تؤثر بدورها على استقرار الاقتصاد وتوازنه كما تؤدي إلى زيادة نسبة البطالة. في السنوات الجيدة، سيتمكن الأجانب من الاستمرار في جني الأرباح، وسوف تقوم البنوك بالضغط على مشرعي القوانين من أجل تخفيف القيود المفروضة على تداول الأوراق المالية المملوكة للغير، حتى تتمكن من الاستمرار في المنافسة. علاوة على ذلك فإنه عندما يحين موعد الأزمة التالية، ليس من الضروري أن يكون من يدفع تكلفتها هم المستثمرون الأجانب، على أساس أنهم قد جنوا بالفعل الكثير من الأرباح في السنوات الجيدة. ليس هذا ضروريا على الإطلاق، بدليل أن تكلفة المخاطر التي أقدمت عليها البنوك الأيسلندية قد دُفعت في نهاية المطاف -جزئياً على الأقل - من قبل دافعي الضرائب البريطانيين. وإذا وضعنا عناصر عدم اليقين هذه في الحسبان، سنجد أن أفضل استجابة ممكنه لمشكلة "أكبر من أن يسقط"، هي فرض الضرائب بناء على الحجم. فكلما ازداد الحجم ازدادت الضرائب، وكلما انخفض الحجم انخفضت الضرائب. يرجع ذلك إلى أن البنوك الكبيرة، مثلها في ذلك مثل الملوثين الكبار، تؤدي إلى خسارة تسقط تبعتها على رؤوس بقية المجتمع، مما يعني أن هذا المجتمع يجب أن يتقاضى رسما أو ثمنا مقابل الحجم الكبير لتلك البنوك تحسباً لأي تطورات مستقبلية. وفرض ضرائب بناء على حجم البنوك هو تحديداً الشيء الذي اقترحه أوباما الخميس الماضي: فكل بنك لديه أموال تزيد عن 50 مليار دولار عليه أن يدفع ضريبة ترتفع قيمتها بما يتناسب مع رأس المال المدعوم الذي يتم جمعه في الأسواق. ولسوء الحظ أن أوباما لم يوضح رسالته بالشكل المطلوب، وذلك عندما قدم مقترحه بطريقه تظهره وكأنه وسيلة لاسترداد الأموال التي دفعتها الحكومة الأميركية في حزمة الإنقاذ، بينما الحقيقة هي أنه كان يقترح فرض ضريبة على تلك البنوك، التي توصف بأنها"أكبر من أن تسقط". لقد كان هذا شيئاً عظيماً في حد ذاته، فيما عدا أن نسبة الضريبة في حد ذاتها كانت متواضعة أكثر من اللازم، كما أن الصياغة اللفظية المتعلقة باسترداد قيمة المبالغ التي دفعت في صفقة الإنقاذ المالي، وما أثارته من ردود فعل، دفعت أوباما في النهاية إلى قصر تلك الضريبة على سنوات قليلة فحسب. وإذا تبنى الكونجرس مفهوم ضريبة البنوك الموصوفة بأنها " أكبر من أن تسقط"، وضاعفت من قيمتها، وانتهت إلى طريقة أفضل ذكاء للتعامل مع تداول الأوراق المالية المملوكة للغير، فإن الإصلاح المالي سيكون قادماً على الطريق. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©