الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اتفاقية جديدة لـ «الخصوصية» الأوروبية

7 فبراير 2016 02:47
توصل الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأميركية يوم الثلاثاء الماضي، إلى اتفاقية جديدة بشأن إجراءات لحماية خصوصية بيانات الأوروبيين التي تُرسل إلى خوادم Servers أميركية. والاتفاقية التي سيطلق عليها «درع الخصوصية» تحل محل اتفاقية سابقة، جرى إلغاؤها من قبل «محكمة العدل الأوروبية» في أكتوبر الماضي. وهذه أخبار جيدة في الحقيقة، لمواقع التواصل الاجتماعي الكبرى مثل«فيسبوك» و«جوجل» التي ترغب أن يكون لها قدرة دائمة على الوصول إلى بيانات المستخدمين الأوروبيين، ولكن ما تبين هو أن الاتفاقية الجديدة ذاتها تحتاج إلى فحص ومراجعة، وسيتم إجراؤهما من قبل المنظمين التابعين للاتحاد الأوروبي، وربما من قبل محكمة العدل الأوروبية، فهناك من الأسباب، ما يدعو للاعتقاد أن الاتفاقية ربما تنطوي على ثغرات، تجعل من الصعب على هاتين الجهتين معالجتها. وكانت الإجراءات التي تنص عليها الاتفاقية، والمطبقة من عام 2000، والتي كان يطلق عليها «الميناء الآمن»، قد أُلغيت من قبل محكمة العدل الأوروبية، لسبب جوهري هو أن الشركات الأميركية، كانت توفر لوكالة الأمن القومي الأميركية، قدرة على الوصول إلى بيانات المستخدمين الأوروبيين، وكان السؤال المطروح على المحكمة، هو ما إذا كانت تلك البيانات والمعلومات المحولة للولايات المتحدة تتلقى «قدراً كافياً من الحماية» حسب ما هو محدد فيما يعرف بـ«توجية حماية المعلومات الأوروبي». الإجابة كانت بالنفي- ولأسباب معقدة في الحقيقة، فقد أقرت المحكمة أنه بموجب القانون الأميركي، فإن المتطلبات التنظيمية والدستورية الأميركية تأتي من حيث الأهمية قبل «اتفاقية الميناء الحر». ومضت المحكمة للقول إن الأسرار التي كشفها متعهد وكالة الاستخبارات القومية السابق «إدوارد سنودن»، تبين أن مستوى الحماية المقدم عملياً من قبل الولايات المتحدة لم يكن مرتفعاً بما يكفي للوفاء بمتطلبات المعايير الأوروبية، وهو ما دعا محكمة العدل الأوروبية إلى رفضها. أبرز ما في الاتفاقية الجديدة، وما تم تأكيده بالفعل من قبل المفوضية الأوروبية في بيان صادر عنها، هو «تأكيد مكتوب» من قبل الولايات المتحدة بأن «البيانات الخاصة بالمواطنين الأوروبيين» سيتم حمايتها بموجب الاتفاقية، وأن مدير الاستخبارات الوطنية، سيتعهد بأن تلك البيانات الأوروبية لن تكون عُرضة لـ«مراقبة واسعة النطاق». وهذا في حد ذاته يعتبر شيئاً جيداً، خصوصاً إذا ما أخذنا في اعتبارنا أن الاتفاقية القديمة، لم تكن تتضمن وعداً صريحاً من أجهزة الاستخبارات الأميركية في هذا الخصوص. ولكن الأمر المؤكد تقريباً هو أن مدير الاستخبارات الوطنية سيقدم هذا الوعد في صيغة شديدة العمومية. أما في التطبيق العملي فإن حتى الرقابة الأميركية المستهدفة، ربما تكون، على الرغم من ذلك، أكثر عمومية وأقل حماية للخصوصية، من أي مستوى قد تسمح به أووربا عادة. ما هو أكثر من هذا، أن القانون الأميركية يوفر عادة حماية ضئيلة، أو قد لا يوفر مثل هذه الحماية في الأساس للبيانات الخاصة بأجانب ما دامت موجودة خارج الولايات المتحدة، وهذا القانون لا يزال مطبقاً ولم يُغير. من ضمن البنود الأخرى التي تتضمنها الاتفاقية الجديدة، بند ينص على تعيين مراقب أو محقق نيابة عن الأوروبيين لتقديم أي شكاوى بشأن الخروج عن مقتضيات الخصوصية، ولكن المشكلة هي أن هذا المراقب أو المراقبة، لن يكون قادراً، على الوصول إلى التفسيرات السرية للقانون الأميركي، أو المراقبة السرية الأميركية، حيث إن هذه الأشياء غير مسموح لأجانب بالاطلاع عليها. وهناك بند آخر، ينص على أن الشركات الأميركية يجب أن توافق على إجراءات حماية الخصوصية الأوروبية الصارمة قبل نقل المعلومات. هذا البند قد يمنع تلك الشركات من نقل تلك البيانات من تلقاء نفسها لوكالة الأمن القومي الأميركية بالمخالفة لقواعد الخصوصية، ولكن إذا ما تطلب القانون الأميركي مثل هذا النقل، فلن تجد هذه الشركات أمامها من مفر سوى الاستجابة. كل هذه يعني أن هناك مجالاً واسعاً أمام محكمة العدل الأوروبية كي تجد أن درع الخصوصية غير كافٍ مثل سابقه، وبالتالي تقوم بإلغائه... ولكن هل ستفعل المحكمة ذلك بالفعل؟ الاتفاقية الجديدة عبارة عن حل وسط براجماتي، القصد منه المحافظة على الصفة الرسمية القانونية، وورقة التوت، لحماية المعلومات من دون التأثير على الأمن القومي سواء للولايات المتحدة، أو لأجهزة الاستخبارات الأوروبية، التي ربما ترغب في أن تتاح لها فرصة للاطلاع على بيانات مواطنيها. ربما لا ترغب محكمة العدل الأوروبية في الإخلال بهذا التوازن الدقيق. وفي هذه الحالة، يمكنها أن تقيّم الاتفاقية الجديدة بقدر من الأريحية، قد يكون كافياً لحل المشكلات العملية. ولكن التباين بين المفاهيم الأوروبية والأميركية في مجال حماية الخصوصية سيظل قائماً، مع ذلك. *أستاذ القانون الدستوري والدولي بجامعة هارفارد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوزسيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©