الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأسواق الشعبية تروي حكايات المهن اليدوية

الأسواق الشعبية تروي حكايات المهن اليدوية
10 فبراير 2009 00:51
اعتمد الأجداد في حياتهم اليومية لتسيير شؤونهم، على مجموعة من المهن التي كانت أدواتها والمواد الخام فيها، تتوفر في البيئة المحيطة بهم من أخشاب وجلود وحبال· ومع قيام الدولة، وتحقيق النهضة الشاملة فيها على كل صعيد، انتشرت في كل إماراتها وقراها التراثية، أسواق شعبية تهدف إلى الحفاظ على تراث الأجداد، والحيلولة دون اندثار هذه المهن· وفي العاصمة الجميلة؛ يشمخ السوق الشعبي في القرية التراثية أحد أكبر مرافق ''نادي تراث الإمارات'' الذي يحظى بدعم ورعاية كريمتين من رئيسه سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء· حيث يتعرّف الزوار والسياح على تفاصيل تراث الدولة، وتاريخ الأجداد ووقائع حياتهم اليومية، من خلال صناعاتهم اليدوية التي تنطلق يومياً عبر ''السوق الشعبي'' الذي يتجلى فيه سحر الماضي بأبهى صوره التي تداعب أخيلة الزوار من مواطني الدولة والمقيمين على أرضها، والرحلات المدرسية والجامعية، والوفود السياحية من كل بقاع العالم· بناء تاريخي يتسم السوق بجماليات فنية عدة، حيث تتجلى لمسات الإبداع في بنائه الحجري الممزوج بالجص والإسمنت، ذات النموذج التاريخي- الإسلامي، الموشى بزخارف حفرت على أبواب المحال التي تشرف على فسحة واسعة تزينه دلة قهوة عملاقة، إشارة إلى حسن الضيافة العربية والبيئة البرية، بجوار مجسم سفينة تشير دلالتها إلى البيئة البحرية· ويضم السوق الشعبي مجموعة من المحال تغطي كافة المهن الشعبية القديمة، التي مارسها الأجداد، منها لتأمين مستلزمات بيوتهم، ومنها ما كان مصدر رزقهم· تتوزع محال السوق بترتيب جميل ونسق واحد، فهناك محل النحاس لصناعة ''دلال القهوة والقدور والملاس''، ومحل الفخار لصناعة ''الجرار والخروص والبرام'' ومحل الجلود لصناعة ''القرب والسقا والسعون والحقائب''، ومحل الزجاج لصناعة ''القوارير والكؤوس'' ومحل النسيج لصناعة ''المنسوجات والسجاد''، ومحل تصليح الأسلحة التراثية كالسيوف الصغيرة والخناجر، ومحل الأخشاب لصناعة ''الأبواب والنوافذ''، ومحل صناعة البشوت والأثواب المطرزة، ومحل تصنيع الأعشاب والعطور· وبينما تستدير عجينة الطين وتتكور بين يديه، يقول أبومحمد- حرفي فخار في السوق ''يقف الزوار على أدق تفاصيل كل حرفة نمارسها أنا وزملائي، ويرون المنتج وهو ينجز بأيدينا، وكيف نحوله من مواد خام إلى سلعة فخارية أو زجاجية أو جلدية، ويسألوننا عن بعض المواد المستخدمة وكيفية تصنيعنا لبعض التفاصيل، فنسعد بالتوضيح لهم، ويدب بنا الحماس فنعمل بفاعلية أكبر نتيجة لتشجيعهم''· المشغل النسائي يجاور السوق مشغل مستقل خاص بالسيدات العاملات فيه من الجدات والأمهات اللواتي ينجزن أنواعا عديدة من الأشغال اليدوية، كصناعة السدو والغزل والحياكة والتلي والزري والتطريز، فضلاً عن صناعات يدوية تعتمد على سعف النخيل، مثل ''الجفاير والمهفات والسرود والزنبيل''· وغيرها من صناعات تتصل بأدوات الزينة من مباخر وعطور وبخور يتم تركيبها يدوياً· وفيما تنهمك أم عبد الله- إحدى الوالدات العاملات في المشغل بإنجاز سرود من الخوص، تقول: ''كانت زائرات المشغل من السائحات الأوروبيات يعتقدن أن منتجات الخوص كالسرود والحصير وغيرهما، مصنوعة آلياً في المعامل، وقد دهشن حين عرفن أننا من ننجزها بأيدينا· فاتجهن إلى معرض منتوجاتنا لشراء ما يعجبهن ويلزمهن منها، كهدايا تذكاريا من أبوظبي''· دكاكين العريش يحرص ''نادي تراث الإمارات'' خلال مهرجاناته العديدة التي يقيمها سنوياً في مناسبات اليوم الوطني والأعياد الدينية والإجازات المدرسية والعطلة الصيفية، وسباقات الهجن ومسابقات الإبل، وغيرها، على إقامة أسواق متنقلة تقام على الأرض أو المرفق الذي يستضيف فعاليات المهرجان· ويتكون السوق من دكاكين مصنوعة من سعف النخل وفق الطراز القديم، مدعوماً بالخوص والأخشاب والحبال، بحيث تتشكّل الدكاكين على هيئة بيوت البيئة البحرية ''العريش''· وتتجاور حينذاك دكاكين السوق الشعبي في ساحة المهرجان، بينما يقوم الحرفيون بعملهم كل حسب حرفته، وينجز منتجاته يومياً أمام الزوار والسياح الذين يحضرون الفعاليات· مما يوفر للزوار كل سبل المعرفة والاطلاع على ماضي الأجداد من خلال شتى المنتجات النحاسية والفخارية والنسيجية والخشبية والجلدية، فضلاً عن مجموعات مختلفة من الهدايا التذكارية التي تؤكد (صنع في الإمارات)· إذ تعبر مارسيلا مستري- سائحة، عن دهشتها الممزوجة ببهجة، وتقول: ''يعجبني في السوق شكله القديم الجميل، لم أكن أعرف مم هو مصنوع، لكن الدليل المرافق أخبرني أنه من أشجار النخيل والحبال·· إنه رائع''· أما عبيد المرزوقي- موظف بنك، فقد أكد أنه من روّاد السوق الشعبي سواء في القرية أو مهرجاناتها، حيث يستمتع بالعروض المتاحة، ويقتني بعض المنتجات، يقول: ''إنها صناعات أخاذة، تشير إلى تاريخ أجدادي، وتروي سيرتهم عبر منتجاتنا الحالية''· بينما يحبذ صديقه وائل مرجان اقتناء الخناجر المرصعة ودلال القهوة وقوافل الهجن النحاسية، يقول: ''إنها هدايا قيمة، وتعبر عن ماضي المنطقة، أقدمها لأصدقائي وأهلي حين أسافر إليهم''· حول الإمارات تنتشر في إمارات الدولة ومدنها، خاصة في القرى التراثية، أسواق شعبية، تضم في أرجائها محال مخصصة للمهن، يمارس العاملون والعاملات فيها، مجموعة المهن التراثية القديمة، التي تعكس الصناعات التقليدية البسيطة التي كانت سائدة قديماً، ولا تختلف تلك المهن والصناعات باختلاف المدينة، إذ تعدّ واحدة في الإمارات كلها، ولا تختلف إلا اليد العاملة· وربما أدخل سوق شعبي في قرية تراثية ما، حرفة زائدة، أو تخص -أحياناً- بلد خليجي أو عربي كصناعة الموزاييك السوري، والزجاج المعشق المغربي، والأرابيسك المصري·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©