السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليابان.. كيف تمنع الانتحار؟

14 يناير 2015 22:59
لم يكن انزلاق اليابان مجدداً خلال السنة الماضية نحو الركود مجرد ضربة لسياسة شينزو آبي الاقتصادية، بل قد يكون بالنسبة لبلد مثل اليابان يسجل أعلى نسب الانتحار في العالم مسألة حياة أو موت للعديد من مواطنيه، وقد لعبت الجهود التي بذلها رئيس الحكومة لتعزيز الثقة في الاقتصاد ورفع معنويات المواطنين المحبطين جراء عقدين طويلين من الانكماش الاقتصادي، دوراً كبيراً في تراجع معدلات الانتحار لأكثر من 14 شهراً على التوالي. ولكن هذا التحسن بدأ في الانتكاس مع شهر سبتمبر الماضي بسبب دخول البلاد ركودها الرابع منذ عام 2008. وفي ظل حالة الجمود الاقتصادي التي عادت لترخي بسدولها على اليابان فقد تضاعفت التحديات التي يواجهها موظفو الشؤون الاجتماعية الذين يحاولون التصدي للتصورات التقليدية حول الانتحار والقبول التقليدي له في المجتمع الياباني، بل وأيضاً الامتناع عن مواجهته والتصدي له كخطر يهدد المجتمع ويثقله بأعباء اجتماعية ونفسية هو في غنى عنها.. ولعل ما يخيف في الركود الحالي هو تلك الصلة الواضحة الموجودة بين المصاعب الاقتصادية وبين تنامي حالات الانتحار، حيث تشير الأرقام إلى أن ما لا يقل عن 70 شخصاً ينهون حياتهم يومياً في اليابان. وعن هذه العلاقة الوثيقة بين العامل الاقتصادي والانتحار يقول مافومي أوسوي، أستاذ علم النفس بجامعة نيجاتا سيرو اليابانية «لا شك أن العامل الاقتصادي له دور كبير، خاصة في ضوء خصوصية الثقافة اليابانية في نظرتها لظاهرة الانتحار». وتشير الإحصاءات الحكومية التي ترجع إلى عام 1978 إلى أن حالات الانتحار في اليابان مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالاقتصاد، ففي عام 1981 عندما كانت اليابان تشهد طفرة اقتصادية كبيرة تراجعت أعداد المنتحرين إلى ما يقارب 20 ألف حالة سنوياً، ولكنها عادت لترتفع في عام 1998 إلى نحو 32 ألفاً بنسبة ارتفاع وصلت إلى 35 في المئة بعد الأزمة المالية التي ضربت البلاد وأدت إلى انهيار عدد من المؤسسات. ومرة أخرى عندما جاء شينزو آبي إلى السلطة في ديسمبر 2012 بخطته لتحفيز الاقتصاد والنهوض به انخفضت نسبة المنتحرين بفضل حالة التفاؤل التي خلفتها سياسات «آبي» الاقتصادية لدى المجتمع، وهو ما انعكس في معدل البطالة الذي انخفض إلى 3,5 في المئة وهو أدنى رقم تسجله اليابان منذ 17 سنة. وبالنظر إلى هذه الصلة التي يشير إليها الخبراء بين الانتحار والعامل الاقتصادي في اليابان تكتسي جهود «آبي» لإعادة النمو للاقتصاد أهمية كبرى لأنها قد تحدد ما إذا كان الانحدار الحالي في معدلات الانتحار سيستمر، أم أنه سيعود مجدداً للارتفاع، لاسيما أنه يعمل في الوقت الراهن على إقرار خطة للتحفيز الاقتصادي مصحوبة بإصلاحات هيكلية لتعزيز ثالث اقتصاد عالمي بعد انتصاره في الانتخابات المبكرة التي جرت في شهر ديسمبر الماضي. ولكن الأهم من تحسين الظروف الاقتصادية لليابانيين هناك أيضاً الجوانب الثقافية والاجتماعية التي يتعين التعامل معها للتقليل من معضلة الانتحار، فالتقاليد المرتبطة بالانتحار ترجع إلى قرون غابرة، لاسيما لدى مقاتلي «الساموراي» الذين كانوا لا يترددون في إنهاء حياتهم كنوع من رفض الهزيمة، ناهيك عن الانتحار السائد بين مديري الشركات كنوع من تحمل المسؤولية عند اكتشاف حالات الفساد. أما على الصعيد الدولي فتُسجل إحصاءات منظمة الصحة العالمية 800 ألف حالة انتحار حول العالم بمعدل انتحار واحد في كل 40 ثانية. ويبدو أن الحكومة اليابانية شرعت في التصدي للعوامل الاجتماعية التي تشجع على الانتحار، حيث خصصت في 2009 موازنة تقدر بحوالي 84 مليون دولار على مدى السنوات الثلاث التالية لتدريب الموظفين وإقامة برامج للدعم تستهدف الأشخاص الأكثر عرضة للانتحار. شيكاكو موجي - طوكيو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©