الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإكثار من فعل الخيرات والإقلاع عن الذنوب أهم علامات الحج المبرور

الإكثار من فعل الخيرات والإقلاع عن الذنوب أهم علامات الحج المبرور
5 ديسمبر 2008 00:51
الحج رحلة عبادة وطاعة من أعظم الطاعات يتحقق بها صلاح الفرد والمجتمع، وتفرض على الأمة التدبر والاقتداء بالهدى النبوي والصحابة رضوان الله عليهم،عند اداء مناسك الحج واتباع تعاليم الدين والتحلي بالأخلاق والقيم الإسلامية حتى يظفر ضيوف الرحمن بالحج المبرور· ويقول الدكتور منيع عبد الحليم محمود -عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر سابقا إن الحج من أركان الإسلام وهو رحلة إيمانية تربوية، يزداد به المرء إيمانا وإحسانا ويقينا ويشعر فيه بالراحة والطمأنينة والأنس، مع وجود المشقة والعناء والتعب لما فيه من عبر وآيات ومقاصد ومنافع دينية ودنيوية· ويناشد الحجاج الحرص على أن يكون حجهم مبرورا بالاقتداء بالرسول - صلي الله عليه وسلم - الذي سئل: ''أى الأعمال أفضل ؟ قال: إيمان بالله ورسوله· قيل: ثم أي؟ قال: جهاد في سبيل الله· قيل: ثم أي؟ قال: حج مبرور''· والحج المبرور هو الذي لا يخالطه إثم· وقيل هو المتقبل، وقيل هو الذي لا رياء فيه ولا سمعة، ولا رفث ولا فسوق· ويوضح أن من علامات بر الحج أن يزداد الحاج بعد أدائه خيرا، ولا يعاود المعاصي بعد رجوعه· ويتحقق ذلك بتمثل الرسول عليه السلام وحجته التى نتعلم منها الكثير من الفوائد الجليلة، فقد حج النبي -صلى الله عليه وسلم - مع صحابته رضي الله عنهم وقال: ''لتأخذوا عني مناسككم فأنى لا أرى لعلي لا أحج بعد حجتي هذه ''، وقد صور لنا جابر هذه الحجة خير تصوير في حديثه الطويل الذي رواه مسلم في صحيحه ويتضمن القيم والمبادئ التى يجب أن تتمسك بها الأمة· ويبين الدكتور أحمد السايح -أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر أن الرسول عليه الصلاة والسلام ، قد حرص في حجة الوداع على تأكيد قيم التوحيد لله وحذر من الفساد والفتن والتقاتل والتناحر والفرقة ودعا الى التمسك بأوامر الله تعالى في كل شؤون المجتمع الإسلامي· وقال -صلى الله عليه وسلم: ''أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت اللهم اشهد، من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وإن ربا الجاهلية موضوع وإن دماء الجاهلية موضوعة وإن مآثر الجاهلية موضوعة· أيها الناس، إنما المؤمنون إخوة، ولا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس، ألا هل بلغت اللهم اشهد ·· ألا لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، فإني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وسنتي''· وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم - يحث المسلمين على البذل والعطاء وتزكية النفس وتحمل المشاق لأداء الفريضة فقال: أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك، يكتب الله لك بها حسنة، ويمحو عنك بها سيئة· وأما وقوفك بعرفة، فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا، فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي، جاءوني شعثا غبرا من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج - أي متراكم - أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك· وأما رميك الجمار فإنه مدخور لك· وأما حلقك رأسك، فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة· فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك''· السكينة والرأفة أضاف السايح: أثرت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عبارات في نيته الإحرام، يعلمنا بها كيف نتخلص من أهواء الدنيا وشهواتها فقد كان يقول -صلى الله عليه وسلم- في إحرامه: ''اللهم اجعلها حجة لا رياء فيها ولا سمعة''، وقد كرر ذلك لنتعلم منه كيف نخلص أنفسنا من الرياء والسمعة· وقال: ''النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله بسبعمئة ضعف''· وهنا يعلمنا الرسول -صلى اله عليه وسلم - أن الحج ليس مجرد طقوس ولكن تدريب على التقوى والبذل والإخلاص لله سبحانه والالتزام بنواهيه· وكان من دعائه في الطواف:''ربنا آتنا في الدنيا حسنه، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار''· ولفت إلى حرص الرسول علي تحلي الحجاج بالسكينة والرأفة والرحمة ففي الصحيحين عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم وراءه زجرا شديدا وضربا، وصوتا للإبل، فأشار بسوطه إليهم، وقال: ''أيها الناس، عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بالإيضاع ''والإيضاع ضرب من سير الإبل سريع· ويقول الدكتور عبد الحليم عويس - أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر - عن حج الخلفاء الراشدين: اتبع الصحابة رضوان الله عليهم الهدى النبوي وحرصوا على الاقتداء بالرسول -صلى الله عليه وسلم - فقد كان الخليفة الأول أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - في الحج مثالا للتواضع والخشية لله والبذل والإخلاص· وقد روى جابر بن عبد الله أن النبي -صلى الله عليه وسلم - بعد غزوة تبوك بعث أبا بكر على الحج· فأقبلنا معه حتى إذا كنا بالعرج ثوب بالصبح فلما استوي ليكبر سمع الرغوة خلف ظهره فوقف عن التكبير فقال هذه رغوة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم الجدعاء· ، فلعله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنصلي معه فإذا علي عليها· فقال أبو بكر أمير أم رسول قال لا بل رسول أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببراءة أقرؤها على الناس في مواقف الحج· فكان الصديق في كل مواقف الحج يقوم فيخطب ثم يقوم علي فيقرأ سورة براءة حتى يختمها· ويقول الدكتور زكي عثمان - أستاذ الدعوة بجامعة الأزهر: حكى سفيان بن عيينة: حج علي بن الحسين رضي الله عنهما فلما أحرم واستوت به راحلته اصفر لونه وانتفض ووقعت عليه الرعدة ولم يستطع أن يلبي فقيل له: لم لا تلبي فقال: أخشى أن يقال لي لا لبيك ولا سعديك· فلما لبى غشي عليه ووقع عن راحلته فلم يزل يعتريه ذلك حتى قضى حجه· وجاء في تاريخ الطبري أن هارون الرشيد الذي تولى خلافة المسلمين سنة 170هـ، وسنه خمسة وعشرين عاما أتخذ قلنسوة وكتب عليها حاج غاز· فقد كان كثير الغزو والحج يغزو سنة ويحج سنة، وكان يضرب به المثل في التواضع والخوف من الله والحرص على الدين ولذلك نظم طرق الوصول إلى الحجاز، وشيد المنازل والقصور على طول الطريق إلى مكة، طلبا لراحة الحجاج، وعني الرشيد ببناء السرادقات وفرشها بالأثاث وزودها بأنواع الطعام والشراب· ونافسته زوجته''زبيدة''في إقامة الأعمال التي تيسر على الحجيج حياتهم ومعيشتهم، فعملت على إيصال الماء إلى مكة من عين تبعد عن مكة بنحو ثلاثين ميلا، وحددت معالم الطريق بالأميال، ليعرف الحجاج المسافات التي قطعوها، وحفرت على طولها الآبار والعيون· وفى سنة 179 هجريا اعتمر الرشيد في رمضان ودام على إحرامه إلى أن حج ومشى من مكة إلى عرفات· وكان إذا حج حجج معه مئة من الفقهاء وأبنائهم، وإذا لم يحج قام بالإنفاق على ثلاثمئة رجل ليؤدوا فريضة الحج
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©