السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حول المشهد الشعري الراهن

حول المشهد الشعري الراهن
31 يناير 2008 01:20
يتساءل العربي المتلقي للشعر المعاصر والمستقبل له قراءةَ وسماعاً عما آل اليه مصير الشعر، هو (العربي) المسلح بذاكرة إيقاعية ونظمية محتل الشعر في تخومها مركز الثقل والانشاد والمسامرة· مركز الهجاء والمديح والرثاء والنسيب· يتساءل عبر كل مناسبة أو غير مناسبة عن هذا المصير الصعب الذي آل اليه ربيب ذاكرته وتوأم روحها وأجيالهما المتعاقبة بدواَ وحضراً· يتساءل وهو ينظر الى ذلك التشظي المريع الذي أخذ بالشعر العربي وبعثره الى قصائد فيها الكثير من الانفلات من ربقة ذاكرته المعهودة، الى مقاطع ومشاهد ونصوص واخلاط أشكال أدبية، الى قصائد نثر· وان كانت تحمل صدى الماضي لكنها تقطع أوامره في أكثر من وريد ووتد وزحاف، وهو في تساؤله وحيرته هذين زائغ بالدرجة الأولى أمام حركة الأشكال وعنف اندفاعها الى المجهول· كان على الثقافة العربية التي كان الشعر منها (مستودع هذه الثقافة وتاريخها) أن تأتي الضربة القوية في قلب هذا الشعر واشكاله وروحه التي وصلت كالحياة العربية الى النمط والتكلس والاجترار· ولم يعد للماضي الشعري العربي المشرق من استمرارية تؤشر الى وجود أو احتمال وجود·· هذا الهرم الذي أصاب مركز الشعرية الكلاسيكية، ربما عجل بولادة الأشكال الجديدة واندفاعها بوعي أو غير وعي الى تحطيم صنعية اللغة وثبات الدلالات بالمعنى المتعارف عليه، واستمرار بعض الأقلام في تلك الدائرة التقليدية لم يعد له من صدى يذكر الا في التندر والفكاهة، وعملية الصاقها بالماضي الكبير لا تقود إلا الى عظمة تلك العهود الشعرية الغاربة وتفاهة حاضر اجترارها وتقليدها في عملية اقتلاع بعيدة عن الزمن والتاريخ· يستمر الشعر الجديد في اجتراع مغامرته مبحرا في المناطق الصعبة للوجود البشري ويستمر في الوقت نفسه صب اللعنات عليه من أكثر من جهة وصوب إلا قلة قليلة· يستمر الشقاق والانفصال بين أطراف النزاع في الوقت الذي تستمر فيه الحياة العربية نحو مجهولها الخاص مندفعة الى الطرف الأقصى من هاوية مصير لا قاع له ولا قرار· فكأنما هذا الشعر المدان تعبير طبيعي عن شروخ هذه الحياة وتصدعاتها التي لا تحصى· فلماذا لا يكون له الحق في التجريب والاختبار والتجاوز· رغم ما يشرب البعض منه من غثاثة وسوء تعبير وجهل بتاريخ اللغة وطاقات عملها!؟ كل الفعاليات البشرية من أدبية أو علمية، أو هندسية أو طبية الخ·· تمارس حقها في التجارب والاختبارات ولها نصيب الفشل والنجاح كأي ممارسة بشرية ولا ترتفع أصوات الاستنكار واللعن إلا على الممارسة الابداعية في الشعر· (يتبع)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©