السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بريطانيا وجدل الغاز الصخري

9 أكتوبر 2016 22:40
وافقت الحكومة البريطانية على التنقيب عن الغاز بطريقة تقنية التكسير الصخري في شمال إنجلترا متجاوزة بذلك اعتراضات المجلس المحلي في لانكشير. والقرار صائب مع الأخذ في الاعتبار الحاجة المتنامية للبلاد إلى الطاقة. ولكن تصاعد المعارضة للتكسير الصخري يشير إلى أن هذه الصناعة الناشئة في المملكة المتحدة ما زالت بحاجة إلى بذل جهد أفضل لإقناع الجمهور بأن الفوائد الاقتصادية من ورائها تفوق المخاطر البيئية. ويسمح قرار الحكومة لشركة «كوادريلا ريسورسيز» بحفر ما يصل إلى أربع آبار بطريقة التكسير الصخري لاستخراج الغاز الطبيعي. وقد صرح فرانسيس إيجان كبير المديرين التنفيذيين للشركة بأنها ستضخ 10 ملايين جنيه استرليني، أي ما يعادل 13 مليون دولار، في الاقتصاد المحلي. ويخضع طلب آخر للتنقيب بالتكسير الصخري تمت إجازته في وقت مبكر هذا العام لشركة «ثيرد إنيرجي يو. كيه. جاس» لمراجعة قضائية بعد اعتراضات من جماعة «أصدقاء الأرض» المدافعة عن البيئة. ويتوقع أن يتم التوصل إلى قرار بشأنه في نوفمبر المقبل. والاعتماد المتنامي لبريطانيا على ورادات الطاقة يعني أنه يتعين تطوير المصادر المحلية. وتقلص إنتاج حقول نفط وغاز بحر الشمال يعني أيضاً أن البلاد فقدت استقلالها في مجال الطاقة قبل أكثر من عقد من الزمن، وتسد الآن أكثر من 40 في المئة من حاجاتها المحلية من الطاقة من الواردات، وهي نسبة تتماشى مع المتوسط في الاتحاد الأوروبي. والقسط المتنامي من الموارد المتجددة في مزيج الطاقة في بريطانيا ارتفع بمثلي حجمه ليصل إلى 9 في المئة في العقد الماضي، ولكن الطاقة المتوافرة من الرياح والشمس غير كافية لسد الفجوة الناجمة عن توقف عمل محطات توليد الطاقة العتيقة التي تعمل بالفحم الملوث للبيئة. وتشير بيانات وزارة الطاقة الأميركية إلى أن بريطانيا ربما يكون لديها نحو 20 تريليون قدم مكعبة من الغاز الصخري الممكن استخراجه. وهذا أكبر بثماني مرات مما تستهلكه البلاد في عام. ولا يكون استخراج الغاز بالتكسير الصخري مجدياً إلا عند تكلفة توليد مليون وحدة حرارية بريطانية منه 6 دولارات فحسب. وحاليا يكلف توليد المليون وحدة من الطاقة باستخدام الغاز 5,74 دولار. والقرار في الآونة الأخيرة بالشروع في إقامة محطة جديدة للطاقة النووية في «هنكلي بوينت» في «سومرست» في إنجلترا بالإضافة إلى التصريح بالتكسير الصخري الذي صدر يوم الخميس الماضي يوحي بأن أمن الطاقة أصبح أولوية للحكومة. ولكن مسح الحكومة ربع السنوي للاتجاهات القومية يشير إلى أن المعارضة للتكسير الصخري قد تزايدت في السنوات القليلة الماضية. وبلغ الوعي الشعبي بالتكسير الصخري أعلى مستوياته منذ أن طرحت الحكومة القضية لأول مرة عام 2012. وبينما صرح 78 في المئة من الخاضعين للمسح في يونيو بأنهم يعرفون ما يعنيه التكسير الصخري إلا أن الجهل بتفاصيل العملية دفع ما يقرب من نصف هؤلاء إلى القول إنهم لا يعرفون ما إذا كانوا يؤيدون أم يعارضون الصناعة. والتخلص من المياه الناتجة عن عملية التكسير الصخري يمثل قضية مثيرة للجدل في كثير من المناطق التي تجري فيها بالفعل عملية التنقيب. وتؤكد شركة «كوادريلا» أن ما تطلق عليه السائل المرتجع من آبارها في المملكة المتحدة ستجري معالجته والتخلص منه في محطات لمعالجة مياه الصرف تخضع لقواعد وكالة البيئة. وحماية المياه الجوفية يتعين أن تكون أولوية محورية لدى الجهات المنظمة مع تطور صناعة التكسير الصخري. واحتمالات وقوع زلازل تمثل سبباً رئيسياً في معارضة المجتمعات المحلية للتكسير الصخري في مناطقها. وقد تعرضت المملكة المتحدة بالفعل لزلازل بأكثر مما يعرف كثير من الناس رغم أنها عادةً هزات ضعيفة غير مدمرة. وسجل المسح الجيولوجي البريطاني أكثر من 20 هزة زلزالية في الأسابيع السبعة الماضية على سبيل المثال أحدثها هزة أرضية قبالة ساحل اسكتلندا سجلت 1,6 درجة بمقياس ريختر. ورغم هذا، يتعين أن تؤخذ احتمالات الزيادة في النشاط الزلزالي على محمل الجد. فقد تسببت «كوادريلا» في هزة أرضية عام 2011 بقوة 2,3 درجة مما أدى إلى حظر نشاط التكسير الصخري. وتؤكد شركة «كوادريلا» أنها ستقيم 80 محطة لمراقبة النشاط الزلزالي، وأن التنقيب سيتوقف إذا اقترب النشاط الزلزالي من 0,5 درجة بمقياس ريختر. وأعلنت الحكومة البريطانية أنها تدخلت هذا الأسبوع لأن مجلس مقاطعة لانكشير الذي رفض طلب إصدار تصاريح التكسير الصخري عام 2015 استغرق وقتاً طويلاً لإعادة النظر في الدعوى. وقد يطلب المعارضون على الأرجح إعادة النظر في الحكم من محكمة عليا. وأفضل طريقة لكسب تأييد الجمهور تتمثل في إقناع المستهلكين بأن تكلفة الطاقة ستصبح على المدى الطويل أقل بمجرد استغلال موارد البلاد بشكل كامل وملائم. * كاتب ومحلل سياسي واقتصادي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©