الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين.. التزامات «بيئية»

20 مايو 2015 22:10
في الأسبوع الماضي، قامت شركة «ريو تينتو» الأسترالية، ثاني أكبر منتج للحديد الخام في العالم، بمخاطرة جريئة في قطاع صناعة الصلب في الصين. غير أن هناك مشكلة صغيرة: فالحكومة الصينية تبدو أنها على الجانب الآخر من هذه المخاطرة. فقد أعلنت «ريو تينتو» إنها بصدد زيادة إنتاجها استناداً في المقام الأول على التوقعات الإيجابية لصناعة الصلب في الصين، والتي تستخدم خام الحديد. ووفقا لتقديرات الشركة، فإن الصين، على الرغم من التباطؤ الاقتصادي الحالي، ستنتج مليار طن من الصلب سنويا بحلول عام 2030– بزيادة نحو 21% من إنتاجها الذي بلغ 822.7 مليون طن في 2014 ليتصدر العالم في هذا العام، حيث اقترب من نصف الانتاج العالمي تقريباً. بيد أن الحكومة الصينية ربما تُعقِد هذه الخطط. فبكين تتعامل مع التباطؤ الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد كفرصة لتقليل الأثر البيئي لصناعة الصلب. ويبدو أن هذا جزء من خطة الرئيس «شي جين بينج»، التي أعلنها في يناير، لإعادة توجيه الاقتصاد القومي نحو «طبيعة جديدة» مستدامة وبطيئة النمو. وهذا يمثل تحولاً تاريخياً بالنسبة للحكومة الصينية، التي تسيطر على جزء كبير من صناعة الصلب ولها تاريخ طويل في ذلك، يعود إلى «ماو تسي تونج»، من دعم توسعها والتفاخر بأرقام الإنتاج. وقد كان التعاون بين صناع الصلب والحكومة جذاباً، خاصة خلال الفترة من تسعينات القرن الـ20 إلى العقد الأول من القرن الـ21، عندما طلبت الصين مساكن جديدة وبنية تحتية لدعم أسرع وأضخم عملية توسع حضري في العالم. وكان لتوسع الصناعة السريع والمدعوم من قبل الحكومة خلال تلك العقود– فقد ارتفع الإنتاج من 100 مليون طن من الصلب في 1996 إلى 822 مليون طن اليوم- بعض العواقب الوخيمة، خاصة بالنسبة للبيئة. وأصبحت صناعة الحديد سيئة السمعة بين العامة لكونها تسبب التلوث. بيد أن الحكومة نادراً ما كانت تتردد في دعمها السياسي والمالي. ويرى كثير من المحللين أن الأمر كان فقط مسألة وقت حتى يصيب التباطؤ أو التوقف هذا النمو السريع للصناعة، على الأقل مؤقتاً. وتؤكد البيانات الأخيرة أن هذه اللحظة قد حانت. ففي 2014، بلغت نسبة نمو إنتاج الصلب 0.9% فقط، ليصل إلى أدنى مستوياته منذ 33 عاما. ومع ذلك، فإن عددا قليلا يتوقع أن الحكومة الصينية ستمضي قدماً في خطتها لتقليص الصناعة- على الأقل حتى إعلان يناير للرئيس «شي» بشأن إعادة تقويم اقتصاد الصين. وفي الأسبوع الماضي، أعطى مؤتمر الصين الدولي لإعادة تدوير المعادن بعض اللمحات عما قد تعنيه «الطبيعة الجديدة»، التي ذكرها الرئيس «شي» بالنسبة لصناع الصلب. وهناك تغيير يتمثل في أن المسؤولين الصينيين أصبحوا صرحاء بشكل متزايد عند التحدث عن مشاكل الصناعة. ولم يخجل «تشو جي مين»، نائب الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة الصين للحديد والصلب» المملوكة للدولة، من تأكيد أن إنتاج الصين من الحديد الخام قد تراجع بنسبة 1.7% على أساس سنوي في الربع الأول من 2014. كما اعترف أن 52.48% من كبار منتجي الصلب في الصين قد منيوا بخسائر في شهري يناير وفبراير. وقدم المؤتمر أيضاً دلالات على أن الحكومة تعتزم القيام بدور أكثر نشاطاً في جعل صناعة الصلب أكثر استدامة بيئياً. وقيل إن «تشو» وغيره من المشاركين أكدوا أن الحكومة تنفذ حاليا لوائح بيئية طال تجاهلها. وأعلن «لي تشين مين»، المدير العام المتقاعد مؤخرا لإدارة منع ومكافحة التلوث بوزارة حماية البيئة، للوفود المشاركة أنهم سيكونون «مسؤولين شخصياً طالما هم على قيد الحياة» عن المشاكل البيئية التي يتسببون في حدوثها. ولن يبالي «لي» إذا تم إغلاق مصانع نتيجة لمخالفتها للوائح البيئية. وفي الوقت نفسه، أوضح متحدثون أخرون أن الحكومة الصينية ستقدم عما قريب حوافز قانونية ومالية لمصانع الصلب التي تستخدم الخردة المعدنية، أملا في جعل الصناعة تتوقف تدريجياً عن إنتاج خام الحديد الأكثر تلويثاً للبيئة واستهلاكاً للطاقة. (حالياً 11% فقط من إنتاج الصلب في الصين يصنع من الخردة، وترغب الحكومة في زيادة هذه النسبة إلى 30%). ولا يزال الوقت مبكراً لتقييم أثار هذه المبادرات على صناعة الحديد في الصين، ناهيك عن الاقتصاد الصيني الأوسع نطاقاً. وعلى أي حال، فإن القيادة الصينية لا تزال معرضة لآلام الحنين إلى النمو المدعوم، كما ظهر في القرار الذي اتخذه «بنك الصيني الشعبي» الأسبوع الماضي بشأن خفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة في ستة أشهر. ولكن على المدى الطويل، إذا كانت الصين جادة في تعزيز اقتصاد أكثر نضجاً واستدامة، فإنه سيتعين على صناعة الصلب لديها أن تنكمش -- ولا يملك صناع التعدين في أستراليا تغيير ذلك. آدم مينتر* ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©