السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معركة «أبيي»... وعودة مخاوف الحرب الأهلية

معركة «أبيي»... وعودة مخاوف الحرب الأهلية
23 مايو 2011 20:13
في وقت متأخر من يوم الخميس الماضي، تسربت أنباء من المنطقة الحدودية الساخنة، المتنازع عليها، والفاصلة بين شمال السودان وجنوبه، عن هجوم للجيش السوداني بالدبابات على مدينة "أبيي". وهذه الخطوة التي تأتي بعد يومين من القصف الجوي، وبعد إعلان من الرئيس البشير بأن حكومته قد حلت حكومة "أبيي" المحلية، تثير مخاوف جديدة من احتمال تورط السودان مجدداً في حرب أهلية، قبل أن يعلن الجنوب انفصاله عن الشمال في التاسع من شهر يوليو القادم. ووفقاً لقادة جنوبيين فإن الاستيلاء على مدينة "أبيي" النفطية الاستراتيجية كان بمثابة إعلان حرب من ناحية، ومن ناحية أخرى هو محاولة خطط لها جيداً من قبل حزب المؤتمر الحاكم في الخرطوم لطرد شعب "الدينكا نجوك" الموالي للجنوب لإحكام قبضته على المدينة بصفة دائمة بعد أن يعلن الجنوب استقلاله. "إن الاحتلال الحالي (من قبل حكومة شمال السودان) غير شرعي"، كان هذا ما قاله "برنابا ماريال بنيامين" وزير الإعلام في حكومة جنوب السودان الذي استطرد قائلاً: "إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هو الجهة المسؤولة عن التأكد من انسحاب تلك القوات من المواقع التي احتلتها". والتصعيد الخطير الأخير بين جيشيّ الشمال والجنوب في هذه المنطقة الملتهبة تاريخيّاً، وصل إلى ذروته مع وصول وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى الخرطوم في زيارة تستغرق أربعة أيام. وكان العنف قد بدأ في التصاعد يوم الخميس الماضي، وذلك عندما أصابت قذيفة "آر.بي.جي" سيارة تابعة للأمم المتحدة كانت ترافقها قافلة للقوات الشمالية مما أدى إلى مصرع العشرات من جنودها. وبسبب ذلك بدأ بالفعل التحضير لرد فعل شمالي قاس في "أبيي". ففي يوم السبت أدلى الكولونيل "فيليب أجوير" المتحدث باسم جيش جنوب السودان بتصريح قال فيه إن ما يقرب من 5000 جندي شمالي وأفراد من مجموعات موالية للشمال قد هاجموا "أبيي" من عدة جهات، وأرغموا القوات الجنوبية على التراجع في حالة من الفوضى، قبل أن تسقط المدينة في أيديهم في نهاية المطاف. ويحذر المحللون المتخصصون في الشؤون الأمنية الآن من أن العنف المندلع يمكن أن ينتشر بسرعة إلى مناطق أخرى من السودان. وحول هذه النقطة يقول "إيه جيه هوجيندورن" مدير مشروع القرن الأفريقي التابع لـ"مجموعة الأزمات الدولية" التي تتخذ من بروكسل مقراً لها: "بعد أسابيع من التدخلات الجدية من قبل فاعلين محليين ودوليين لمنع تصعيد الموقف، وصل الوضع في أبيي إلى مرحلة الغليان، مما يجعل الأولوية القصوى في الوقت الراهن لاحتواء الموقف لتجنب احتمال اشتعال صراع أوسع نطاقاً". كما حذر "برينستون لايمان" مبعوث أوباما الخاص للسودان في محادثة هاتفية يوم الأحد الماضي من أن عدم قيام جيش شمال السودان بإيقاف هجومه في "أبيي"، الذي وصفه بأنه "لم يكن متناسباً" من حيث حجمه مع حجم الأعمال العدائية الجنوبية التي بدأت يوم الخميس، سيؤدي إلى انتكاسات في عملية تطبيع علاقات الولايات المتحدة مع الحكومة السودانية، التي كانت قد بدأت منذ فترة من الوقت.ولكنَّ دبلوماسيّاً غربيّاً اشترط عدم ذكر اسمه، أعرب عن تشككه في قدرة الجهات الدولية على التأثير على الحكومة الشمالية في أعقاب استيلاء جيشها على "أبيي". وتساءل هذا الدبلوماسي: "يمكننا أن نصدر البيانات ولكن أين النفوذ؟". يشار إلى أن هذه المنطقة الخصبة، الغنية بالنفط المتنازع عليها بين الشمال والجنوب، ظلت هي نقطة الاحتكاك الرئيسية والدائمة بين الحزبين الحاكمين في الشمال والجنوب، وذلك منذ أن وقعا على اتفاقية السلام عام 2005 التي أنهت الحرب الأهلية بين الجانبين بكل ما ترتب عليها من معاناة استمرت عقوداً طويلة. وقد فشل التحكيم الدولي، والمعاهدات المتعددة الأطراف المدعومة من قبل الأمم المتحدة، والضغط المستمر من الفاعلين الذين يتراوحون ما بين منظمات المجتمع المدني، إلى نجم هوليوود جورج كولوني، ولم تستطع كل هذه الأطراف زحزحة الطرفين عن المواقف المتصلبة التي يتبنيانها بشأن مستقبل منطقة "أبيي". وفي يوم الأحد الماضي ناشد القادة الجنوبيون المجتمع الدولي، وعلى وجه الخصوص وفد مجلس الأمن الدولي الزائر للمنطقة، الضغط على جيش شمال السودان حتى ينسحب من "أبيي". ولكن القادة الشماليين لم يظهروا استعداداً للتزحزح عن موقفهم، ربما بسبب الثقة التي باتوا يشعرون بها بعد النصر العسكري الواضح الذي حققوه على جيش الجنوب في المنطقة، وبسبب الحقيقة التي تزداد وضوحاً بالنسبة لهم وهي أن أي صدامات أخرى بين جيشهم وجيش الجنوب ستنتهي بانتصار جيشهم الأفضل إعداداً وعدة. ومن جانبه قال "قطبي المهدي" وهو أحد القادة الشماليين ورئيس القطاع السياسي في حزب المؤتمر الحاكم: "لقد تصرفنا دفاعاً عن النفس بعد أن هاجمنا الجيش الجنوبي وقتل عدداً كبيراً من جنودنا، والآن يأتي من يقول لنا اسحبوا قواتكم" ليضيف المسؤول الشمالي قائلاً: "إن الشيء الملاحظ هو أن الولايات المتحدة تظل ساكتة حينما تقوم حكومة الجنوب بانتهاكاتها". ومن جانبه قال قائد آخر هو أمين حسن عمر، وزير الشؤون الرئاسية في الحكومة السودانية الشمالية: "لن نسحب قواتنا من أبيي أبداً طالما أن الجنوبيين يريدون الاستيلاء عليها. لقد بدأوا بالهجوم علينا دون سابق استفزاز، وعلى مسؤولي الجنوب أن يعرفوا أن الشمال لا يزال يحكم البلد بأكمله، لأنهم لم يحصلوا على استقلالهم بعد". ماجي فيك- جوبا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©