الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأسواق وأجواء عدم اليقين

8 أكتوبر 2016 22:13
في الوقت الذي يتموضع فيه المستثمرون، استعداداً للربع النهائي من العام، ما زال يتعين على الأسواق، أيضاً، أن تأخذ في حسبانها حالة عدم اليقين التي تنتظرها. وهناك ثلاثة أسباب لعدم اليقين هذا، وجميعها وثيقة الارتباط بالصعوبات الكامنة في عملية التقدير الدقيق، لأقساط تحمل المخاطرة في السياق الحالي غير المعتاد، مالياً، واقتصادياً، وسياسياً: - وأكبر قدر من عدم اليقين سياسي من حيث الجوهر. فمن جهة المخاطر النظامية، المتعلقة بالنظام، تعتبر أوروبا هي مصدر القدر الأكبر من عدم اليقين، خلال الأشهر المقبلة، وهو ما يرجع لأسباب منها أن حكومة رئيسة الوزراء البريطانية «تيريزا ماي» ستنخرط في مفاوضات حرجة مع أعضاء الاتحاد الأوروبي الآخرين، حول الخروج البريطاني «البريكست»، حتى في الوقت الذي يجد فيه الاتحاد الأوروبي نفسه مكتنفاً بانقسامات داخلية متنامية حول موضوع الهجرة. كما أن إيطاليا ستعقد أيضاً استفتاءً في شهر ديسمبر المقبل، يمكن أن يحسم مصير حكومة رئيس الوزراء «ماتيو رينزي»، في الوقت ذاته الذي تزداد فيه أزمة الديون اليونانية تفاقماً، وتتعرض شعبية المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل، أقوى قادة الكتلة الأوروبية نفوذاً، لتحدٍ كبير بسبب أزمة المهاجرين. وهذا القدر من استحالة التنبؤ، يصعب أخذه كله في الحسبان، لأنه يتعلق بأسئلة حول المبادئ الأساسية المترسخة، للتفاعل الاقتصادي الإقليمي، التي تشمل المؤسسات، والقواعد الحاكمة للحركة العابرة للحدود للبضائع والعمالة، والخدمات المالية. والانتخابات الرئاسية الأميركية الخارجة عن المألوف، تعرض هي الأخرى اقتصاد أميركا لعدم يقين سياسي. فعلى رغم من أن المرشحين الاثنين للانتخابات الرئاسية، أشارا إلى أنهما يرغبان في التراجع عن التبني المتحمس لمبادئ التجارة الدولية، التي عززت من الدور الاقتصادي لأميركا في العالم، فإن دونالد ترامب مضى إلى ما هو أبعد من ذلك بدعوته إلى فرض تعريفة استثمارية عقابية على الصين والمكسيك، وهي دعوة لو طبقت على أرض الواقع، فقد تؤدي إلى مفاقمة التهديد المتعلق بحدوث انكماش في النشاط الاقتصادي العالمي. - كانت البنوك المركزية هي الأكثر فاعلية على الإطلاق، في كبح تقلبات السوق. فمن خلال استخدام مجموعة، متزايدة على الدوام، من الإجراءات غير التقليدية، تمكنت تلك المؤسسات، بدرجة كبيرة من الفعالية، من تعزيز أسعار الأصول المالية، وكبح التقلبات السوقية، سواء بطريقة مباشرة من خلال مشتريات الأصول على نطاق واسع، وبطريقة غير مباشرة من خلال حث المستثمرين على تحمل مخاطر استثمارية أكبر، وحث الشركات على إعادة شراء الأسهم من جديد. ومع ذلك، فهناك في الوقت الراهن شعور متنامٍ بأن فعالية إجراءات البنوك المركزية تتضاءل على نحو متزايد. وأحد أسباب ذلك ما توافر من أدلة على وجود مخاوف متزايدة لدى بعض المسؤولين، بشأن المخاطر، التي قد تنتج عن خلق حالة من عدم الاستقرار المالي مستقبلاً. والمؤشر الأكثر أهمية في هذا الخصوص، سيأتي، في رأيي، من جانب البنك المركزي الأوروبي، الذي سيجد نفسه في مواجهة حزمة جديدة من التحديات، عند محاولته حماية الأسواق من السياسات الأكثر تعقيداً في المنطقة، واقتصادها المتباطئ على الدوام، كما أنه سيواجه أيضاً تساؤلات حول المدة التي يمكنه أن ينجز فيها الدور المنوط به في هذا الشأن بكفاءة، في مواجهة ضغوط سياسية متزايدة. - إن اقتصادات النمو المنخفض الممتد، تنحو، على نحو متزايد، لأن تكون من النوع غير القابل للتنبؤ. ومع ذلك فإن المبادرة بحزمة أخرى من المراجعات غير المستحبة، حتى لو كانت محدودة نسبياً، للتقديرات الاقتصادية العالمية لصندوق النقد الدولي، تعد، في الآن ذاته، تذكيراً بتواصل النمو المنخفض في العالم المتقدم، وما يترتب عليه من انعكاسات سلبية على الدول الواقعة في مناطق أخرى من العالم. والافتراض العملي لدى معظم الاقتصاديين، هو أن هذا الأداء منخفض المستوى، يمكن أن يتواصل لعدة سنوات، بشكل مستقر نسبياً. وأنا في الحقيقة لست متيقناً من أن هذا التنبؤ صحيح، لأنه كلما استمر هذا «النمط الطبيعي الجديد»، الذي يصاحبنا بالفعل منذ سبعة أعوام، لفترة أطول، زاد احتمال توليده للأسباب التي ستؤدي إلى دماره الذاتي. وأحد أكبر المخاطر الاقتصادية في هذا السياق، احتمال انضمام الأسر الأميركية إلى الشركات في توخيها مزيداً من الحذر، ولجوئها إلى تأخير قراراتها الاستهلاكية، أي قراراتها بشراء شيء معين، لفترة أخرى في المستقبل. وإذا حدث هذا الأمر، فسيساهم من دون شك في تعميق الفجوة بين المجازفة الاقتصادية المكبوحة في الوقت الراهن، والمجازفة المرتفعة في السوق المالي، وهو ما سيضيف في هذه الحالة عنصراً من عناصر عدم الاستقرار المالي، تمكن الاقتصاد العالمي، من حيث الجوهر، من تجنبه خلال السنوات القليلة الماضية. وبعد الاستمتاع بصيف هادئ، يجب على الأسواق أن تهيئ نفسها لتقلبات أوسع نطاقاً في الربع الأخير من العام. وسيكون المستثمرون على صواب إذا ما قاموا بإدماج أقساط تحمل درجة أعلى من المخاطرة في تقديراتهم المتعلقة بالاستثمار، والعمل، في ضوء ذلك، على تفضيل محفظة أوراق مالية أقل تقلباً، وموازنات نقدية أعلى. فبقيامهم بذلك، سيستطيعون الاستعداد بشكل أفضل، للتعامل مع سوق يتسم بعدم انتظام عوائد المخاطر الاستثمارية فيه. * رئيس مجلس التنمية العالمية التابع للرئيس أوباما ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©