السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

احتجاب الصحف··· احتجاجاً

29 نوفمبر 2008 03:49
ضاق الحال بالصحافة السودانية وما عاد الأمر محتملاً، فقررت أكثر من عشر صحف، أغلبها يومية، الاحتجاب عن الصدور ليوم واحد، وذلك احتجاجاً ورفضاً لقرار جهاز الأمن والمخابرات بفرض رقابة دائمة على هذه الصحف، على نحول أخل بالتزام هذه الصحف حيال قرائها، وجعل من بعض مواد الدستور حبراً على ورق· والصحف التي توقفت عن الصدور كلها مستقلة باستثناء صحيفة أسبوعية تصدر باسم ''الحزب الشيوعي السوداني''، وأخرى يومية هي لسان حال ''حزب المؤتمر الشعبي'' الذي يقوده الدكتور حسن الترابي، ومن بين هذه الصحف التي احتجبت ليوم واحد ثلاث تصدر باللغة الإنجليزية، وجمهور قرائها من أبناء جنوب السودان· وقد ظلت الصحافة السودانية خاضعة لنوع من الرقابة منذ أن أفرج نظام ''الإنقاذ'' عنها وسمح لها بالصدور بعد فترة غياب استمرت أعواماً، لكن الوضع تغير كثيراً بعد الوصول إلى اتفاقية السلام في ''نيفاشا'' وما تبع ذلك من وضع لدستور ورفع حالة الطوارئ التي فرضت منذ أن استولى الإسلاميون على الحكم في إنقلابهم المعروف عام ،1989 لقد نص الدستور بصورة واضحة على الالتزام بكل الحريات المضمنة في ميثاق الحريات الدولي، وكانت حرية التعبير من أهم تلك الحريات والصحافة في مقدمة وسائل التعبير· لهذا فقد نعمت الصحافة السودانية لبعض الوقت بقدر من الحرية ساعد على انتشارها والإقبال على قراءتها والمساهمة في تحريرها، لكن ذلك لم يكن ليرضي القائمين على جهاز الأمن فعادوا وفرضوا رقابة يومية على الصحف شكا منها الصحفيون كثيراً ثم كان اللجوء للإضراب· وبعد تنفيذ ذلك التوقف أبدى بعض المسؤولين قدراً من الاهتمام بالأمر، فكان أن كونت لجنة مشتركة بين الصحفيين وبعض الأجهزة المختصة الأخرى لدراسة الوضع بهدف الوصول إلى حل ينهي هذا الاحتقان ويؤكد أن الصحفيين قادرون على الالتزام بالمصالح الوطنية العليا وعدم المساس بها· وما زلت هذه اللجنة تعمل للوصول إلى توصيات يؤمل أن يلتزم بها كل الأطراف· ويأتي الحديث عن الصحافة وحرمانها من إبداء ما ترى من رأي في فترة مفصلية بالغة الأهمية ألا وهي فترة الإعداد لانتخابات عامة والدخول في مرحلة التحول الديمقراطي الحقيقي· ويقودنا هذا الحديث إلى أن القصور في الشأن العام الذي يتعارض مع مستحقات ذلك التحول بكل أشكاله، لا يقف على الحد من حرية الصحافة، بل يشمل الحد من حريات أخرى مثل حرية النقابات وحرية الأحزاب السياسية في ممارسة نشاطاتها الشعبية بكل الوسائل السلمية الممكنة، إضافة إلى عدد من القوانين السائدة الآن والتي فرضت في عهد أحادية الحكم ولم تعد تناسب الأوضاع الجديدة· ورغم أنه قد انقضت على اتفاقية السلام أكثر من ثلاث سنوات، ورغــم أن الدستور قد أُقِرّ قبل أعــوام، فإن الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) ما زال مبطناً في التعامل مع هذه القضايا وتعديل هذه القوانين، وهو أمر يشكك في نوايا هذا الحزب ومدى التزامه بإجراء انتخابات نزيهة معبرة عن الناس وفي جو من الحريات المكفولة للجميع، وما زال المراقبون ينتظرون أن تكون معركة حرية الصحافة قد فتحت الباب لتعديل كل تلك القوانين المرفوضة والمنافية للدستور· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©