السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطاقة··· أزمة أفريقيا المقبلة

الطاقة··· أزمة أفريقيا المقبلة
31 يناير 2008 00:29
انقطاعات التيار الكهربائي باتت أمرا عاديا في حي ''كابواتا'' الفقير في هذا البلد الواقع في جنوب القارة الأفريقية، حيث يُمضي السكان كثيرا من لياليهم تحت ضوء الشموع ويطبخون بالفحم؛ ويقول ''جيفن لوبيندا'' -العضو المعارض في البرلمان الذي يمثل كابواتا-: ''إن البنية التحتية الكهربائية في منطقتنا قديمة جدا، إذ لم يتم تطوريها منذ 40 إلى 45 عاما''، مضيفا أن الانقطاعات في التيار الكهربائي ''تحدث في دائرتي الانتخابية بشكل يومي ومنتظم من الساعة السادسة مساء إلى العاشرة مساء''· غير أنه عندما انطفأت الأضواء في زامبيا حوالي الساعة الثامنة مساء ليلة السبت الماضي، استشعر الناس فورا أن شيئا مختلفا يحدث، فقد ظلت الأضواء مطفأة لحوالي ثماني ساعات، ماعدا المحظوظين القلائل الذين يتوفرون على مولدات الطاقة، قبل أن يتضح لاحقا أن هذا الانقطاع في التيار الكهربائي هو الأول ضمن ثلاثة انقطاعات كبيرة طالت مجموع البلاد على مدى الأيام الأربعة التالية، وذلك في إطار أزمة طاقة تعاني منها المنطقة وتُبرز الحالة الضعيفة والهشة للشبكات الكهربائية المترابطة في أفريقيا الجنوبية· وبشكل متزامن، غرقت جارتها زيمبابوي في ظلام دامس أيضا في التاسع عشر من يناير؛ وأعلن المسؤولون الزامبيون أن المشكلتين مترابطتان، وقد جاء ذلك وسط نقص كبير في الطاقة الكهربائية في جنوب أفريقيا، التي تمثل القطب الاقتصادي للمنطقة، حيث أدت الانقطاعات المتزايدة في التيار الكهربائي بمعظم مناطق البلاد إلى شعور بالإحباط في أوساط الجمهور والشركات· كما أعلنت جنوب أفريقيا في العشرين من يناير أنها ستعلق مؤقتا تصدير الطاقة الكهربائية إلى جيرانها، ما يمثل أخبارا سيئة بالنسبة لبلدان مثل ناميبيا وبوتسوانا اللتين تعانيان من مشاكل في الطاقة أيضا· يقول ''كيفن بينيت'' -مدير ''مركز أبحاث الطاقة'' بجامعة ''كيب تاون'' في جنوب أفريقيا-: منذ نحو أسبوع أو يزيد، اتخذ الأمر شكل أزمة، ويضيف قوله: ''لقد كانت جنوب أفريقيا مزودا رئيسيا للطاقة؛ ولكننا بتنا اليوم في وضع لا تتوفر فيه جنوب أفريقيا على طاقة فائضة عن الحاجة لتقتسمها (مع جيرانها)''· والواقع أن خبراء الطاقة لطالما حذروا من أزمة طاقة قادمة في المنطقة، هي جزء من نقص في الطاقة تعاني منه القارة برمتها؛ واليوم، تنكب الحكومات في المنطقة على اتخاذ مجموعة من التدابير لمعالجتها من خلال استثمارات جديدة في مجال إنتاج الطاقة، غير أن ذلك قد يستغرق سنوات عدة، حسب المحللين ومسؤولي الشركات الذين بدأ بعضهم منذ فترة في زيادة استعمال إجراءات المحافظة وأنواع الطاقة المتجددة· في جنوب أفريقيا، يقول المنتقدون إن النمو الاقتصادي المتزايد وضعف التخطيط الحكومي دفعا ''إيسكوم''، شركة الطاقة المملوكة للدولة، تسعى لبناء محطات جديدة لتوليد الطاقة؛ غير أن الأزمة غذت المخاوف السائدة في بعض الأوساط بخصوص تأثير ذلك على المستثمرين الأجانب، ولاسيما في وقت تسير فيه البلاد نحو استضافة كأس العالم لكرة القدم في ،2010 وفي هذا السياق، يقول ''بينيت'': ''لو كنت مستثمرا، وكان عليّ أن أختار بين بلد ''أ'' وبلد ''ب'' وجنوب أفريقيا، فلا يمكنني أن أسمح بأن يُغلق مصنعي كل بضعة أيام''، مشيرا إلى أن بعضا من أهم القطاعات الاقتصادية في جنوب أفريقيا مثل مناجم استخراج البلاتينيوم والذهب تتطلب كميات كبيرة من الطاقة· من جهتها، تواجه زامبيا، التي يعتمد اقتصادها المتنامي بشكل كبير على شركات استخراج النحاس الأجنبية، مشاكل مماثلة، فقد أجبرت انقطاعات التيار الكهربائي ''مناجم نحاس كونكولا''، الذي يعد أكبر منجم نحاس في البلاد، على توقيف كل أنشطته تقريبا، وتتوفر زامبيا على أزيد من 40 في المائة من موارد المنطقة من المياه والعديد من الشلالات، وتعتمد على عدد صغير من محطات الطاقة المائية، إلا أن قلة الاستثمارات في مجال إنتاج الطاقة، إضافة إلى افتتاح مناجم جديدة مؤخرا في شمال زامبيا وشمال غربها، الذي غذاه ارتفاع أسعار النحاس العالمية، أديا إلى إنهاك النظام· حاليا، تقوم الصين بالمساعدة على توسيع سد ''كاريبا'' المهم الواقع على جزيرة ''كاريبا''، التي تقع على الحدود الزامبية-الزيمبابوية، وتمثل بالنسبة للبلدين مصدرا رئيسيا للطاقة، كما تعمل ''شركة تاتا القابضة'' مع ''زيسكو'' على مشروع لتوليد الطاقة المائية على نهر كافو تبلغ قيمته 150 مليون دولار· غير أن السدود بالمقابل تثير مخاوف مرتبطة بالبيئة؛ فمع تغير المناخ الذي يجعل التساقطات المطرية غير منتظمة في المنطقة، يحث ''فرانيسي يامبا'' -مدير ''مركز الطاقة والبيئة والهندسة'' في لوساكا- الحكومة الزامبية على إدخال الطاقة المتجددة ضمن الشبكة الكهربائية الوطنية وتبني تدابير رفع فاعلية الطاقة؛ ويقول: ''في هذا البلد، الطاقة لا تستعمل بشكل فعال''، وإلى ذلك، تخطط موزامبيق ونامبيا وبوتسوانا المجاورة جميعها لمشاريع كبيرة لتوليد الطاقة من المتوقع أن تخفف الأزمة عند إكمالها، في حين تعتزم جنوب أفريقيا تجديد برنامجها للطاقة النووية، إضافة إلى بناء مزيد من محطات توليد الطاقة التي تشتغل بالفحم· وحسب ''بينيت'' فإن كل ذلك سيساهم في التخفيف من الأزمة؛ ولكنه يرى في الوقت نفسه أن زعماء المنطقة مطالبون أيضا بتقليص استهلاك البلد للطاقة، وذلك عن طريق محفزات مالية للذين يوافقون على تقليل استعمال الطاقــــة، ولكنه يقول: ''إن ذلك لن يحـــــدث الأســـــبوع المقبل أو العام المقبل··· إننا أمام مشكلة معقدة''· ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''كريستيان ساينس مونيتور''
المصدر: زامبيا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©