الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شبان لبنانيون محبطون ينتظرون الفيزا فوق خشبة المسرح

شبان لبنانيون محبطون ينتظرون الفيزا فوق خشبة المسرح
27 نوفمبر 2008 01:34
على ''مسرح المدينة'' البيروتي وقف شبان محبطون وغاضبون ينتظرون أمام باب سفارة· يأملون أن تمنحهم ''فيزا'' الخلاص· يصغون إلى أرقام متسلسلة تتوالى على لسان حارس السفارة· قبلوا أن يتحولوا إلى أرقام ذيلت طلبات سفر أو هجرة بعد أن انتزعت منهم آدميتهم في وطنهم بوجع مكتوم بدأ عرض مسرحية ''قدام باب السفارة الليل كان طويلا''· كل شيء على خشبة المسرح يوحي بالتقشف، حيث تحاول المسرحية الموقعة نصا للكاتب والشاعر عيسى مخلوف وإخراجا للفنانة نضال الأشقر أن تعرض للتحولات الإجتماعية الناجمة عن الصراع السياسي اللبناني خلال السنوات الثلاث الماضية التي دفعت الشباب اللبناني إلى الهجرة· وفي العرض تغلق السفارة أبوابها ليلا، والشباب ما يزالون يتجمهرون أمامها· في الوقت الذي اشتعلت فيه الطرقات وبدأت حروب الشوارع· فلا هم على العودة إلى بيوتهم قادرين ولا السفارة تقبل أن تكون ملجأ لهم· ويبقى الشارع هو ملاذهم الوحيد· وهناك يقودنا كل شاب إلى حلمه والبلد الذي يسعى للوصول إليه· فهذه تريد الذهاب إلى أفريقيا أرض المال· وذاك يتمنى الوصول إلى الخليج بلاد الذهب الأسود· وأخرى تسعى لفنزويلا حيث هاجر أجدادها وكدسوا ثرواتهم· وآخر تراوده نيويورك بوفرة الأعمال فيها· فيبدو أن أي بلد أفضل من لبنان، حيث الحروب باتت تقليدا، وكل سلام هو هدنة مؤقتة· وهنا يقول عيسى مخلوف: ''عندما لا يستطيع وطن احتضان أبنائه وحمايتهم ولا يؤمن لهم الحد الأدنى من الأمن والوظيفة سيجدون أنفسهم أمام أبواب السفارات· على أن هجرة اللبنانيين تختلف عن أي هجرة أخرى في العالم، لأن هجرتهم تبدأ داخل بلدهم حيث الوحش الطائفي الذي يفرض سطوته على الجميع''· وفجأة يتذكر الممثلون على الخشبة طوائفهم ونعراتهم· فهؤلاء من السنة، وأولئك من الشيعة، وتلك من الموارنة· وكل طائفة تتهم الأخرى بتدمير البلد· وكما يحدث عادة في لبنان فإن هذا الفوران الطائفي ينتهي إلى حوار· وهنا حاولت نضال الأشقر تقديم الحوار بصورة كاريكاتورية لتؤكد عبثية الواقع في لبنان حيث ينتهي بتبادل القبلات السياسية! وهذا ما دفع عيسى كما يقول إلى الاستعانة بالسخرية في المسرحية، ''لأن إذا تناولت هذا الواقع بأسلوب درامي سيتحول المسرح إلى جحيم· فكان من الأفضل أن ألغي الحدود الفاصلة بين الضحك والبكاء عبر السخرية''· لذلك تجمع المسرحية بين ''المأساة والملهاة'' على حد تعبير مخلوف· لذلك وظفت نضال الأشقر الغناء الشجي والرقص على أنواعه في المسرحية، حتى يخيل إلينا أننا أقحمنا في استعراض غنائي راقص من النوع الذي يحمل شيئا من البهجة والحياة إلى المتفرج في قالب ''حكواتي'' الذي تستعيد بعضه نضال في المسرحية على طريقتها، حيث الحكاية تتفرع إلى حكايات· ويأتي الجزء الثاني من المسرحية حيث تفتح باب الذاكرة، وتتقاطر صور المهاجرين الأجداد على خلفية المسرح بالأبيض والأسود· فيما يتقمص الممثلون أدوارهم ويصطفون على خشبة المسرح بطريقة تجعلهم يشبهون أصحاب الصور، فيسردون قصصا عاشها أجدادهم المهاجرين، وكأنهم يقولون: هكذا كانوا ومثلهم نفعل! رسالة سياسية بامتياز حاول عيسى مخلوف ونضال الأشقر إيصالها إلى المتفرج· ويشهد لهما أن المسرحية تمثل عودة قوية للمسرح السياسي اللبناني· ويقول مخلوف: ''حاولت من خلال المسرحية أن أضع المتفرج اللبناني أمام مسؤولياته، لأن هذا العمل يمس وعي كل لبناني· وأردت من خلاله إدانة النظام الطائفي اللبناني حتى نعمل على بناء دولة حديثة في لبنان تكون المواطنية فيها هي الأساس تحت مظلة القانون وليس الطوائف التي لا يمكن أن تصون أمن المواطن''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©