السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العروض الشامية تتألق واليمن ينافس بأقل الامكانيات

العروض الشامية تتألق واليمن ينافس بأقل الامكانيات
27 نوفمبر 2008 01:33
في الشام كانت بداية التعارف الحقيقي بين العرب والمسرح، وهو ما اعتبره كثيرون سببا كافيا ليكون مسرح بلاد الشام الأكثر رسوخا في المنطقة بجانب تجارب طويلة في مصر والعراق ومتوقدة في تونس· وكان لجمهور مهرجان القاهرة الأخير للمسرح التجريبي موعد مع تجارب دول المشرق العربي واليمن· وجاءت سوريا بعرضين تنافسا على التمثيل الرسمي هما ''تشيللو'' لفرقة المسرح القومي و''ليلى والذئب'' لفرقة الدائرة المسرحية· وكذلك فعل الأردن بعرضي ''أبيض وأسود'' و''قصة حب الفصول الأخيرة''، بينما شارك لبنان بعرض ''العميان'' لفرقة الجامعة اللبنانية الأميركية· أما اليمن فقد جاء بعرض ''مولانا الوالي عاش عاش'' لفرقة مسرح عدن، ليعلن عدم استسلام مسرحييها للوضع القائم، حيث يعاني المسرح هناك من نقص شديد في الامكانيات· ''تمثيل'' سوري المزج بين المسرح والمادة الفيلمية والاخراج السينمائي كان اهم ما ميز أداء باسم عيسى مخرج العرض السوري ''ليلى والذئب''، والحكاية التي أخذها من اطارها وحول كاتبها الذئب الى عاشق وليلى الى باحثة عن الحرية كل منهما يصطدم بالعائق الاجتماعي، لكن الحب يدفعهما للمواجهة، وأكد العرض روح الورشة في العمل المسرحي والتي يتبادل فيها الجميع الأدوار· راما عيسى استطاعت أن تنتزع جائزة أحسن ممثلة· وتسلحت في العرض بالدهاء الأنثوي المختلط ببراءة طفولية ملحوظة· ويظل فن التمثيل الأكثر تميزا في المسرح السوري، بينما أحسن المخرج استغلال مشاهد السينما لتتحاور مع مشاهد المسرح وتكمله· ''تشيللو'' العرض السوري الثاني والذي رآه كثيرون أجدر بتمثيل سوريا في المسابقة الرسمية للمهرجان والمأخوذ عن نص ''سوناتا المجنون'' الذي كتبه جواد الأسدي كان صرخة أنثوية مكتومة في وجه التسلط الذكوري ولمس العرض جوانب انسانية عند المتلقي، حيث تدور الأحداث حول الأختين وسيلة وأصيلة ''نجاح مختار وجيانا عنيد'' تعملان في خدمة رجل وتتصارعان على الفوز به بينما هو لا يشغله في المرأة الا جسدها· اليأس من الحياة يجعل الأختين مضطرتين للعيش في بيت الرجل وتحاول كل واحدة أن يكون لها وحدها وتدبران الحيل للاستحواذ عليه، وأداء الممثلتين كان أفضل ما في العرض، كما تميزت الاضاءة واستخداماتها الموحية بفعل أعمال الرسم بالضوء خاصة عند استعمال ملاءة السرير كشاشة خيال ظل وجاء الديكور موحيا على هيئة سريرين علوي وسفلي· كآبة لبنانية لبنان الذي يقدم مسرحا تجريبيا بمذاق خاص يتزاحم عليه جمهور المهرجان كل عام، جاء هذه الدورة بعرض ''العميان'' الذي ترجمته واخرجته لينا أبيض لموريس مترلينك، ولأول وهلة دخل الجمهور ليرى مجموعة من العميان تنتظره جامدة في مكانها وهو ما هيأ الجمهور لمشاهدة عرض متميز، لكن يبدو أن العرض واختيار النص تأثر بالمزاج العام في لبنان، فجاء أقرب للكآبة مبتعدا عن الأمل، فالعرض تناول تجربة 12 من العميان خرجوا للغابة مع مرافق للاستمتاع بآخر يوم تشرق فيه الشمس قبل مجيء الشتاء، لكنهم فجاة لايجدون دليلهم فتتملكهم حالة من الرعب والتخبط· وعندما يجدون الدليل يفاجأون بأنه فارق الحياة ليتركهم بلا دليل ولا يخلص حالة الكآبة إلا صوت وليد إحدى سيدات المجموعة وكأن الأمل ولد مع هذا الرضيع لعله يأتي مبصرا· الحوار لم يخرج كثيرا عن حديث العميان، ولكنه تضمن اشارة ذكية جعلت المتلقي يرى أن العمى وحده ليس مشكلة كبيرة ويستطيع الأعمى أن يعرف كم هو في نعمة عندما ظهر أحد العميان وفقد سمعه ليغيب تماما عن العالم ولايشعر بأي شيء حوله وفي نفس الوقت لا يشعر الأكثر اعاقة بعذاب زملائه بفقد الدليل، فهو يأكل طعامه كأن شيئا لم يكن، بينما تقتل الحيرة الباقين ويظهر ذلك عند سماعهم أي صوت في الغابة، فيبادرون بضرب الهواء بعصيهم لمواجهة الخطر المحتمل· صرخة أردنية ومن الأردن جاء عرض ''ابيض واسود'' لمخرجته مجد القصص، والذي حمل صرخة ضد الحرب التي تؤدي الى النزوح واللجوء والفقر والبطالة مع التركيز على فلسطين ولبنان· ويدعو العرض إلى عدم اهدار قيمة الانسان أو قتله بالتكنولوجيا· وأبرزت الاضاءة جماليات العرض وتنوعت بين التركيز والانتشار· وتخلص النص من التقليدية متحررا من المقدمة والوسط والعقدة والحل، وقدم ثمانية مشاهد متنوعة، لكنها لم تخرج عن اطار الحرب وآلامها، مما جعل البعض يرى العرض أسود وأسود واعتمدت المخرجة على حركات الرقص الحديث والباليه وغناء أشعار متنوعة وعلى مفهوم الجروتسك، وهو تقريب المعنى فى شكل مضحك أو بشع لإحداث صدمة للمتلقي لحثه على قراءة الواقع بطريقة مغايرة· والشاعرة نوال العلي التي سبق أن شاركت مجد كتابة عرض ''القناع''، كررت تجربتها في ''أبيض وأسود'' واستطاعت أن تضفي شاعرية على النص· السرعة في الايقاع كانت أهم ما ميز العرض الأردني الثاني ''قصة حب الفصول الأخيرة'' عن نص جان لاجاس وأزالت المسرحية الحاجز بين السرد والحكي ومزجت صوت الراوي بضمير الغائب مع صوت البطل بضمير المتكلم ودارت أحداثها من خلال امرأة ورجلين يلتقون بعد فراق عشر سنوات في أطلال مدينة دمرتها الحرب ويقررون كتابة مسرحية عن تجاربهم وقصص الحب التي عاشوها لكنهم يفشلون في انجاز المسرحية فيقررون الانتحار· الناقد الأردني جمال عياد يرى أن العروض العربية بما فيها الأردن تهتم بالناحية الذهنية واللغوية والمخرج التجريبي العربي يحتاج إلى البحث عن نص كلاسيكي ليكون المتفرج على دراية بموضوع التجربة، وتعتبر مشكلة غياب الحرية من وجهة نظر عياد أساس سقوط الحركات التجريبية العربية، كما أن هذا النوع من المسرح معزول تماما عن الشعب وتوقع أن يشهد التجريب طفرة في العالم العربي خلال السنوات العشر القادمة بما يتوفر حاليا من متغيرات اجتماعية واقتصادية كافية لطرح المعنى الحقيقي للتجريب· سجن يمني ومن اليمن جاءت مسرحية ''مولانا الوالي عاش'' التي بدأت احداثها برئيس السجن وهو يحيط الجمهور بالحبال ويوجه إليهم كلامه ''أنتم موقوفون·· كلكم سجناء بأمري أنا''· ولايزال أمام المسرح اليمني الكثير، حيث يعاني نقص الامكانيات، كما أن التجريب يحتاج الى بنية أساسية مسرحية ليست متوفرة حتى الأن في اليمن، وإن تميز اليمن بشباب متحمس جعله يفوز بجائزة أحسن ممثلة في دورة سابقة من دورات المهرجان· فيصل بحصو عميد المسرح اليمني يؤكد أن أساس التجريب هو ان يكون المؤلف واعيا والكوميديا مرتجلة·· وفي اليمن لم يخرج التجريب عن مرحلة الكلاسيكية ورغم ظهور التجريب في اليمن في الثمانينيات من القرن الماضي فإن أغلب جمهوره غير يمني لأن الفنانين اليمنيين لم يستطيعوا خلق جمهور للتجريب، لكنه أشار الى شريحة مهتمة بهذا النوع من المسرح أغلبها من الشباب· مؤكدا ضرورة وجود صراع بين التجارب الكلاسيكية والتجريب لتظهر حركة تجريبية حقيقية موازية ولتكوين جمهور يتابعها
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©