السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتخابات الأقاليم··· مؤشر على تآكل قبضة شافيز

انتخابات الأقاليم··· مؤشر على تآكل قبضة شافيز
26 نوفمبر 2008 01:19
في الأحياء الفقيرة بهذه المدينة، وفي بعض المدن الأكثر اكتظاظا بالسكان، وأكثرها أهمية من الناحية الاقتصادية، تعرض الرئيس الفنزويلي ''هوجو شافيز'' للخذلان بعد أن تخلى عنه الكثيرون من أنصاره في الانتخابات الإقليمية التي جرت يوم الأحد الماضي، وهو ما يثبت أنه قد أصبح بالإمكان تحدي الرئيس في مناطق كانت حكراً عليه في السابق· ونتيجة الانتخابات الأخيرة هي الضربة الثانية التي يتلقاها شافيز-الذي بدا وكأنه رجل لا يقهر- خلال عام، أما الضربة الأولى، فكانت في ديسمبر الماضي عندما رفض الناخبون الخطة، التي تقدم بها لإجراء تغيير في الدستور يتيح له الحصول على المزيد من السلطات· وعلى الرغم من عدم التأكد مما إذا كانت هذه النتيجة ستؤدي إلى إبطاء خطى ثورته ذات التوجهات الاشتراكية، أو إلى الحد من سلطته، إلا أن الشيء الواضح هو أنها ستؤدي إلى إضعاف طموحاته في إجراء تغيير في الدستور، يسمح له بخوض الانتخابات لولاية جديدة· وشافيز الذي حكم البلاد لعشر سنوات، والذي كان يركز طيلة تلك السنوات على رفع مستوى الوعي في الأجزاء المحرومة من المجتمع الفنزويلي، تلقى من خلال هذه النتيجة رسالة موجهة إليه من الناخبين في جزء كبير من البلاد، مفادها أن ما يريدونه ليس هو احتكار السلطة كما يريد - وإنما إيجاد حلول للأمراض الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها فنزويلا، والتي تبدو علاماتها واضحة بجلاء في شوارعها· وعلى الرغم من أن حلفاء شافيز قد فازوا بأصوات 17 ولاية من بين22 ولاية أجريت فيها الانتخابات، فإن خصومه أبلوا بلاء حسنا في بعض المناطق الحضرية الفقيرة، وفي بعض الولايات المهمة مثل ولاية ''زوليا''، التي تنتج معظم بترول فنزويلا، وولاية''كارابوبو'' موطن صناعة السيارات والمجمعات البتروكيماوية في البلاد، وولاية''تاتشيرا'' الغنية بالمحاصيل الزراعية والمراعي الطبيعية· وكان شافيز ينظر إلى تلك الانتخابات على أنها استفتاء على أيديولوجيته الثورية، ولكن الناخبين على ما يبدو كان لهم رأي آخر حيث كان جل اهتمامهم منصباً على الهموم الحياتية مثل التضخم الذي وصلت نسبته إلى 30 % وهي النسبة الأعلى في أميركا اللاتينية بأسرها، وعلى المخاوف المتعلقة باحتمال توقف الازدهار الاقتصادي بسبب انخفاض أسعار البترول· كما سيطر هاجس جرائم العنف، التي تعتبر من المشكلات الخطيرة، التي يواجهها نظام شافيز- والتي يرى البعض أنها تمثل ''كعب أخيل'' هذا النظام - على تفكير الناخبين أثناء التصويت· وعلى الرغم من أن حكومته، قد توقفت أو كادت عن نشر إحصائيات محددة عن جرائم القتل، فإن المنظمات الخاصة العاملة في البلد، تقدر عدد الجرائم في العاصمة كراكاس وحدها بـ130 جريمة بين كل 100 ألف نسمة من السكـــان، وهو ما يزيـــد عن معدلهـــا في مدينة ''ميديلين''معقل الجريمة في كولومبيا بأربــــع مـــرات تقريبـــاً· في منطقة ''بيتاري'' وهي منطقة شعبية مترامية الأطراف تقع على الأطراف الشرقية لكاراكاس، امتدت طوابير طويلة من الناخبين أمام مراكز الاقتراع يوم الأحد الماضي ليصوتوا ضد حليف شافيز''كارلوس أوكاريز''، وهو مهندس لين الطبع دمث الخلق يبلغ من العمر 37 عاماً· وعلق ''إدواردو راميريز'' الناشط السياسي البالغ من العمر61 عاماً، والذي شارك في حملة ''أوكاريز'' على نتيجة الانتخابات في تلك المنطقة فقال:''لقد تمكنا من كسر الأسطورة التي كانت تقول إن شافيز هو نصير الفقراء''· ويضيف ''راميريز'':''إن ما يقوله شافيز شيء، والحقائق التي نراها شيء آخر، فهو لم يفعل شيئاً لإيقاف نزيف الدماء على عتبات بيوتنا''· ويُشار إلى أن بعض من خسروا في تلك الانتخابات كانوا من الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس الفنزويلي ومنهم''ماريو سيلفا''، الذي يقدم برنامج''حد الموسى''، وهو برنامج تلفزيوني تعود فيه ''سيلفا'' إذاعة أشرطة مسجلة أو تسجيلات للمكالمات العاطفية بالهواتف النقالة أو الرسائل النصية لخصوم شافيز بهدف إحراجهم· وعندما بدا من استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات أن ''سيلفا'' يتأخر عن منافسه، فإن شافيز هدد بحشد الدبابات في ولاية ''كارابوبو''، إذا ما خسر حليفه· وكان هذا واحداً من عدة تهديدات أطلقها شافيز أثناء الحملة وبقيت في الذاكرة لتلفت انتباه هؤلاء الناخبين إلى هشاشة ديمقراطيتهم وإمكانية إرهابها بالتهديدات والترويع· خلال الحملة الانتخابية، وصف شافيز خصومه بـ''الخونـة'' و''الأوغـــــاد''، وقامـــت حكومته بوضع 300 مرشح معارض على القائمة الســــوداء، وحالـــــت بينهـــــم وبين خوض الانتخابات، وهو ما اعتبر خرقاً واضحاً للدستور· هناك بالطبع طرق أخرى يمكن بها تقييم تلك الانتخابات، التي فاز مرشحو شافيز فيها بمعظم الولايات السهلة أو المضمونة سلفاً· فنتائج تلك الولايات كانت محسومة لأن شافيز لا يزال على الرغم من كل شيء أكثر الشخصيات السياسية نفوذاً وشعبية في فنزويلا،كما أنه الرجل الذي لا يزال يسيطر على مقاليد الأمور المالية، ويسيطر أنصاره على الجمعية الوطنية والمحكمة العليا· على الرغم من ذلك فإن خصوم الرئيس ومنتقديه رحبوا بنتيجة تلك الانتخابات، واعتبروها دليلاً يثبت قدرتهم على النيل من نفوذ شافيز وسلطته· فعلى الرغم من أن حلفاء شافيز قد فازوا بمنصب حكام معظم الولايات، فإنهم خسروا معظم الولايات الرئيسية، وهو ما يحول بينهم وبين الاحتفال بالنصر في هذه الانتخابات، التي خاضها شافيز وكأنها تمثل حياة أو موتا بالنسبة له كما يقول ''ماريو بيوريلي'' المدير السابق لشركة البترول الوطنية الفنزويلية ''بدفسا''· وهناك طريقة أخرى يمكن بها قراءة تلك الانتخابات وهي النظر إلى خريطة فنزويلا بعدها· في هذه الخريطة سوف نجد ولايات حمراء اللون، وهي الولايات التي يسيطر عليها حلفاء شافيز، وأخرى زرقاء اللون وهي التي تمثل معقلا للمعارضة· يتبين من التدقيق في تفاصيل تلك الخريطة أن حلفاء شافيز قد فازوا بالمناطق الزراعية أما المدن الرئيسية والأحياء الشعبية فقد فاز فيها خصومه، ما يفسر فوز تلك المعارضة في معظم أحياء العاصمة كاراكاس· يعني هذا كما يقول ''لويس بدرو إيسبانا'' الناشط في مجال مكافحة الفقر:'' لقد صوت الفقراء في المدن لصالح خصوم شافيز، وهو ما يعني أن السكان في الجزء الأكثر عصرية من البلاد يرغبون في التغيير السياسي''· سايمون روميرو-كاراكاس ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©