الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السوق القديم حاضنة الذكريات الحميمة

السوق القديم حاضنة الذكريات الحميمة
26 نوفمبر 2008 01:04
المكان منطقة الراس، الزمان عام ،1850 المناسبة وضع حجر الأساس إيذانا بتشييد السوق الكبير، الذي هو اليوم من أقدم وأهم الأسواق الممتدة على الخور، وهو الشريان الذي كان يغذي مدينة دبي في تلك الحقبة الزمنية، ولا يزال· كانت التجارة هي السمة السائدة في تلك المنطقة، حيث حركة التعاملات التجارية لا تتوقف، وبتنامي المجتمع ازداد الطلب، مما استدعى بالمقابل زيادة العرض، وبالتالي زيادة عدد الدكاكين في السوق الكبير ليحتضن صنوفاً مختلفة من المنتجات، فكل سوق له من الأهمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ما يجعله مقصداً للناس، يأتونه من مناطق بعيدة، وكان لهذا التواصل وتلك الحركة أن أثريا المكان، ولفتا أنظار التجار والمتسوقين إليه· بداية، يشير المهندس خالد يوسف من إدارة التراث العمراني ببلدية دبي، إلى طبيعة الأسواق القديمة قائلا ''كانت الأسواق في الماضي تتميز بتمركزها في وسط المدينة، ووقوعها قرب شاطئ البحر لتسهيل عمليات النقل منه وإليه، إضافة إلى الموقع الاستراتيجي لمدينة دبي، ووجود الخور الذي كان بمثابة مرسى للسفن التجارية، ومكاناً تحتمي فيه السفن من تقلبات الطقس في عرض البحر· وقد عاش أهالي المنطقة في الماضي على حرفة الصيد و تجارة اللؤلؤ، إضافة إلى جلب البضائع أو تصديرها، وقد حتَّم التزايد في الحركة والتعاملات التجارية ضرورة إنشاء أسواق تحتضن هذه الحركة· ففي عام 1850 تم إنشاء السوق الكبير في ديرة، وهو تميز بتنوع منتجاته وتعدد فروعه، من أهمها سوق الذهب، سوق التوابل والبهارات، سوق التمر، سوق العطاريين والأعشاب الطبية، سوق الحبال والدعون، سوق المعدن وتُباع فيه الادوات المنزلية المصنوعة من المعدن والنحاس، سوق المطارح جمع مطرح، وهو الفراش الذي يتخذ للنوم، والمتكآت والمخدات القطنية، سوق السمك والخضروات، سوق البشوت المتخصص في الملابس والعباءة الرجالية، وأيضاً سوق المناظر وهو بمثابة مركز لبيع الاكسسوارات النسائية والمنزلية، وقد أطلقت عليه تسمية المناظر نظرا لوجود دواليب زجاجية تحفظ فيه هذه البضائع· بالاضافة إلى هذه الاسواق هناك سوق الشالات المختصة بملابس الرجال، وسوق المواد الاستهلاكية، ومحل السيلاني المتخصص بالعطور والملابس النسائية المتعلقة بحفلات الزفاف· ولكن يظل سوق اللؤلؤ هو أبرز الاسواق أهمية في ذلك الوقت، وأشهر تاجر لؤلؤ هو محمد بن أحمد بن دلموك مؤسس مدرسة الاحمدية، كما كانت هناك أسواق سميت بأسماء أصحابها كسوق بندر طالب، سوق مرشد، سوق السبخة، وسوق نايف· ووسط هذه الأسواق كلها كانت هناك ساحة تسمى بالعرصة، حيث تجتمع قوافل التجار المحملين ببضائع مختلفة، والقادمين من مناطق بعيدة مثل العين وابوظبي والشارقة، والمناطق الشرقية، وكانت المنتجات تعرض في هذا المكان، وفيه تتم عمليات البيع والشراء''· وحول الوصف المعماري للسوق، يوضح خالد يوسف ''عادة ما تتميز الاسواق الشعبية بصغر المساحة، فيجري استخدام جزء منها للتخزين، وتبقى الأجزاء الأخرى لممارسة التعاملات التجارية البسيطة· والأسواق الكبيرة متشابهة في كثير من البلدان، إذ يكون السوق مندمجاً في إطار وحدة فراغية متكررة، وعلى الرغم من اقتصاديات الفكر المعماري، وتقنيات البناء المستخدمة بما يمثل ترجمة مباشرة وواقعية لطبيعة النشاط، إلا أن المباني لم تتخلص من العناصر والقسمات المعمارية التي تضيف إليها رونقاً و جمالا· ولو وقفنا عند الوصف المعماري للسوق الكبير في ديرة نجد أنه شيد بالمواد الأولية الموجودة في تلك الفترة، كذلك جرى استخدام المواد نفسها في عملية الترميم· وهي متمثلة في الجص والاحجار المرجانية التي كانت تستخدم في قواعد البناء، أما الجدران فكانت تُبنى من الاحجار المرجانية، ويتراوح سمك الجدار بين 50 إلى 60 سم، فيما كانت الأسقف تُشاد من خشب الجندل الذي يُجلب من شرق أفريقيا، وكان يُؤتى بالمربعات الخشبية من الهند، ويوضع الحصير أو المنجروف فوق الجندل أو المربعة، ومن الناحية الجمالية كانت الاسواق القديمة تتميز بوجود البارجيل كعنصر جمالي ووظيفي، وكان مطعماً بالنقوش والزخارف الجصية، ونجد الجدران مجوفة لتمنح المكان طابعاً جمالياً ووظيفياً في الوقت ذاته· أمَّا المحلات في الاسواق القديمة فهي متراصه متلاحمة في صفوف متتاليه متسلسلة، وفق خط بصري جمالي، حيث تعلو بعض الدكاكين أبراج الهواء التقليدية لتوفر المناخ اللطيف للمتسوقين، بالإضافة إلى تلك الكوات الجصية أعلى الأبواب لتسهيل التهوية· كما تشكل الأبواب الكبيرة المصنوعة من خشب الصاج جانباً من شخصية المكان، وأغلب الدكاكين ذات طابق واحد، فيما عدا بعض الدكاكين التي لها طابق علوي، ويمر الطريق عبر سوق مغطى باستخدام الكمرات الخشبية والدعون (سعف النخيل المشدودة بالحبال)، مما يضفي على المكان لمسات جمالية متأتية من الظلال الواقعة عليه· ووفقا للدراسات التاريخية تم حصر أبواب الاسواق التقليدية في السوق الكبير في بر ديرة، حيث ضمت خمسة أبواب، كانت تقفل من قبل المطارزيه عند المغرب، لحماية السوق من سطو اللصوص عليها·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©