الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«سكن.. سكن» تمسرح منازل الناس بين العقل والجنون

«سكن.. سكن» تمسرح منازل الناس بين العقل والجنون
4 أكتوبر 2016 22:32
عصام أبو القاسم (كلباء) اختتمت مساء أمس الأول عروض الدورة الخامسة من مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة الذي انطلق في 29 سبتمبر الماضي. واقتصر برنامج الليلة قبل الأخيرة للمهرجان الذي تنظمه إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، على تقديم مسرحية قصيرة تحت عنوان «سكن سكن مهما كلف الثمن»، من تأليف الكاتب والرسام الإيطالي كارلو مانزوني (1909 ـ 1975) وإخراج أنس عبد الله، الذي اجتهد في هندسة خشبته موظفاً الإضاءة بصفة خاصة في تشكيل فضاء ومعنى عرضه. اللمحة الأكثر لفتاً في عمل المخرج تجلت في تحويله الخشبة العارية، إلا من بعض المكعبات الخشبيّة، إلى سجن، وذلك من خلال إسقاط خيوط الضوء في الجزء العلوي من الستارة الخلفية للمسرح، بحيث يمكن للمشاهد أن يرى ما يشبه نوافذ بفتحات ضيقة، كتلك التي في عمارة السجون، وقد راحت مجموعة من الأشباح، التي ترتدي لباس المسجونين، تجتهد وتمد أجسامها لتصل إليها أو لتنفذ بأصواتها عبرها. وفي المشهد التالي نتبين أن هذا المكان ليس سجناً بالمعنى الحرفي، إنما مصحة للمرضى العقليين، ولكنه يبدو أشبه بفندق بالنسبة للزوجين»انطونيو وارتورا»، اللذين يدخلان إليه بعد أن أهلكهما المشي في المدينة من دون أن يعثرا على فندق أو مكان لمبيتهما! من هنا، أي من هذا الخطأ في تقدير صفة المكان، تبدأ وقائع العرض في التعقيد. في نص الكاتب، نعرف من محاورة في استهلالية العمل بين نزلاء المكان أن أحوالهم العقلية ليست كما يمكن أن نتصور حين يقال لنا إنهم مصابون بالجنون، ففي مقدورهم الحديث، بمعرفة وشغف، حول الموسيقى وحول التغيرات التي طرأت على مواهب المطربين، كما أن في وسعهم الحديث عن التحولات التي عرفها المجتمع الذي ما عاد كما كان في الثلاثينيات. ويذكر هذا البعد من العمل الذي لم يظهر بشكل واضح في العرض، بنظرات المفكر الفرنسي الراحل ميشيل فوكو الذي هزّ بأبحاثه ورؤاه العديد من المفاهيم والاصطلاحات السائدة في عالم المصحّات النفسية ومراكز إيواء المصابين بأمراض عجز الطب أو لم يبلور نتيجة محددة حول صفاتها وعلاجاتها. إذن، تكتشف الزوجة، أثناء تعرفها على واحدة من سكان المكان، أن هذا المكان ما هو إلا مصحة للمجانين وقد تعترض إدارته على استضافتهما (هي وزوجها) باعتبارهما من العقلاء! كان محبطاً للزوجين المرهقين أن يكتشفا ذلك، فلا قدرة لديهما لحمل حقائبهما الثقيلة والبحث عن مكان آخر، ولذلك ترى الزوجة أن عليهما التحايل على إدارة المصحة حتى يتسنى لهما قضاء ليلتهما هنا والمغادرة صباحاً. وتدعو زوجها إلى أن يتقمص دور المجنون؛ فهو لطالما بدا كذلك بالنسبة لها، وتعده بأنها ستتولى مهمة إيهام الأطباء في المصحة بحقيقة مرضه. يصعب على الزوج أن يؤدي دور المجنون فتبدأ زوجته في مساعدته وتقترح عليه أن يدعي أنه نابليون بونابرت (في العرض: هتلر) ولكنه يفضل أن يزعم أنه يوليوس قيصر! ولكن هل ستنطلي حيلتهما على إدارة المصحة أم تنقلب عليهما طرداً أو سجناً؟ يحضر المدير فجأة إلى مدخل السكن فيجد الزوجة وهي تدرب زوجها على تجويد تشخيصه لدور يوليوس قيصر، وما أن تراه حتى تسارع إلى تعريفه بزوجها وتسميه: يوليوس قيصر! وتزيد مفسرة حالته: إنه للتو والله يا سيدي تسلم قيادة الجند وعليه أن يجتاز نهر الروبيكون..». يتقدم المدير إلى الزوج ويطلب منه مسايرة زوجته في كلامها والاستجابة لكل ما تطلبه، فلقد ظهر للمدير أنها هي المجنونة وليس الزوج! ترجم المخرج البنية المركبة في النص( مسرح داخل مسرح) بتحديد حركة الممثلين على مستويين، ركز في الأول على المشهد الذي يجمع بين الزوجين ومرضى المصحة، فيما حدد المستوى الثاني بمشهد الزوجين وسعيهما تجسيد دور قيصر وأيضاً مقابلتهما المدير. شارك في العرض: محمود النجار، عبدالله الشعساني، نور الصباح، فاطمة الطرابلسي، عاطف الرئيسي، راشد الزرعوني، عبدالرحمن الخشابي، خالد الحيدري.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©