الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نيجيريا.. قوة ناشئة وتحديات صعبة

30 مايو 2014 23:52
أدريان كلاسا محلل سياسي أميركي بينما كنا نتجاذب أطراف الحديث، أنا وصديقي النيجيري، تطرقنا إلى النمو الاقتصادي المتسارع الذي شهدته نيجيريا على مدى العقد الماضي، وكيف أن الغرب، الذي لم يهتم مطلقاً بنيجيريا من قبل، أصبح الآن يراها كـ «سوق حدودي» و«قوة ناشئة» وفي طليعة النهضة بأفريقيا. وأشار صديقي إلى مصطلح «419» الذي يشير إلى قسم من قانون نيجيريا الجنائي، والذي يقضي بمحاكمة المحتالين. وبعبارة أخرى، فهو يشير إلى أي شيء وهمي أو خادع. ففي هذه الدولة المكتظة بالسكان، والتي لا تخضع لأي قواعد وتفتقر إلى الخدمات، عادة ما يطرح هذا المصطلح كثيراً. وبعد أسابيع قليلة مما يفترض أن يكون تتويجاً لنيجيريا كأكبر اقتصاد في أفريقيا، أعلن المجتمع الدولي جماعة «بوكو حرام» الإسلامية المتمردة في شمال شرق نيجيريا بأنها تمثل خطراً أمنياً. والآن بدلاً من المديح الذي لاقته الدولة من خبراء الاقتصاد والمنظمات الإعلامية في الغرب، هناك أنباء جديدة عن وقوع سلسلة من التفجيرات والهجمات كل بضعة أيام، مما أدى إلى ارتفاع عدد القتلى جراء الهجمات الأخيرة وحتى 20 مايو إلى أكثر من مائة شخص. وكان من المفترض أن تمثل استضافة نيجيريا للمنتدى الاقتصادي العالمي حول أفريقيا، والذي عقد في أبوجا من 7 إلى 9 مايو الجاري، دفعة للدولة كقوة اقتصادية عالمية لا يستهان بها. ولكن بدلاً من ذلك، لم يؤد الحدث سوى إلى تسليط الاهتمام الدولي على العنف المتصاعد وعجز الحكومة الواضح أو قل عدم رغبتها في مواجهته على نحو فعال. وكان النقاد الغربيون يحرصون على وصف نيجيريا كواحدة من أربع دول (المكسيك وإندونيسيا ونيجيريا وتركيا)، والتي من المفترض أن تمثل الجيل القادم من الاقتصادات الصاعدة بعد مجموعة دول «البريكس» الخمس. وفي شهر يناير الماضي، أشار الخبير الاقتصادي «جيم أونيل» إلى أنه ينبغي على نيجيريا الانضمام لمجموعة العشرين. وفي الوقت ذاته، فقد كُرمت وزيرة المالية النيجيرية «نجوزي أوكونجو إيويالا» خلال رحلتها لواشنطن في شهر أبريل الماضي. وعملت الوزيرة أثناء الزيارة على جذب المستثمرين والمؤسسات المالية عقب الإعلان عن الأرقام الجديدة للناتج المحلي الإجمالي بنيجيريا، والتي عززت من حجم الاقتصاد بنحو 89 بالمائة لتصل قيمته السنوية إلى 510 مليارات دولار. غير أن الأحداث التي وقعت خلال الشهرين الماضيين– التفجيرات وخطف طالبات من مدرسة واقعة ببلدة «تشيبوك» واستجابة الحكومة المصطنعة والمحرجة ووصول مستشارين عسكريين من الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل في محاولة متأخرة للإنقاذ – كل ذلك ساهم في إثبات أن نيجيريا خاوية من أي مظهر من مظاهر الازدهار. ما عليك سوى أن تخدش السطح والنظر لما وراء الأرقام الجريئة وسرعان ما يتضح أنه حتى قبل فترة طويلة من هذه التطورات المرعبة التي وقعت مؤخراً، كانت نيجيريا في صراع بالفعل مع سوء الإدارة والمؤسسات الفاشلة. وفي الواقع، فإن قصة النمو لم تكن أبداً بهذه البساطة. فقد كان عدم المساواة سمة مميزة للدولة منذ فترة طويلة. وازداد أغلبية النيجيريين فقراً بينما كانت بلادهم تزدهر، مما أدى إلى تفاقم التوترات بين الذين أصابوا الثروة حديثاً وأولئك الذين لم يلمسوا أي فوائد لهذا الازدهار. وترى «إلسي كانزا»، مدير شؤون أفريقيا بالمنتدى الاقتصادي العالمي، «من الواضح أنه من غير الممكن الحفاظ على الوضع الراهن. ومن غير الممكن أيضاً ترك السكان خارج عملية التنمية». بعض الأرقام توضح هذه النقطة بصورة جيدة. فقد بلغ متوسط النمو 7.4 بالمائة خلال العقد الماضي. وفي ذات الفترة، ارتفعت نسبة عدد النيجيريين الذين يبلغ دخلهم اليومي أقل من دولار من 54.7 إلى 60.9 بالمائة. هذه التباينات لا تظهر دلائل واعدة على تحسن الأحوال المعيشية للجيل القادم. ووفقاً لليونيسيف، فإن نيجيريا لديها أكبر عدد من الأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدارس: فما يقرب من 10 ملايين طفل لا يذهبون إلى المدرسة. وتتركز معظم هذه الأعداد في الشمال الذي يقطنه أغلبية مسلمة ومحرومة، كما أن نفس هذه المنطقة تعتبر القاعدة لعمليات جماعة بوكو حرام الإرهابية وتجنيد عناصرها. وذكرت «كانزا» أن حالات الاختطاف التي وقعت مؤخراً لطالبات المدارس مثيرة للقلق بشكل خاص لآثارها المحتملة على المدى الطويل. وكما كشفت السلطات للمرة الأولى في منتصف مايو فإن نيجيريا لديها عدد كبير من السكان النازحين داخلياً، بلغ عددهم 3.3 مليون، وكثير منهم اضطروا للنزوح بسبب الاضطرابات المرتبطة بجماعة بوكو حرام. ومن ناحية أخرى، فإن الدولة لم تبذل جهداً ملحوظاً لتقليل اعتمادها على النفط، حيث تظهر بيانات الناتج المحلي الإجمالي أن 5 بالمائة فقط من عائدات الحكومة يأتي من الضرائب، بينما تعتمد الدولة في 70 بالمائة من عائداتها على النفط الذي يمثل 97 بالمائة من صادراتها. أما قوات الأمن في نيجيريا، فهي ليست أفضل حالاً. فتكتيكات جماعة بوكو حرام تستهدف الكنائس ومحطات الحافلات والمدارس وغيرها من الأهداف المدنية الضعيفة. وجدير بالذكر أن جذور الحركة تكمن إلى حد كبير في عدم رضا الجماعة عن الدولة النيجيرية، وخاصة مجموعة فرعية من الجيش وقوة الشرطة تعرف باسم قوة المهام المشتركة النيجيرية، والتي كرست جهودها لمحاربة التمرد الإسلامي. كل هذا لا يعني أن الطفرة الاقتصادية في نيجيريا ليست حقيقية. فالبيانات تشير إلى نهضة الدولة في بعض الصناعات إلى جانب النفط، حيث يعمل النيجيريون في قطاعات الخدمات والتكنولوجيا والسينما والموسيقى وغيرها، لكن أحداث العنف الأخيرة يجب أن تؤكد المخاطر، التي تحيق بالدولة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©