الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عمرة الأنصارية.. كثيرة العلم ومقصد طالبي الفتاوى

16 مايو 2013 21:50
أحمد مراد (القاهرة) - عمرة الأنصارية عالمة، فقيهة، حجة، كثيرة العلم، من جيل التابعيات الجليلات، روى عنها كبار الأئمة، وشهد لها كباء العلماء والفقهاء، وكانت مقصداً لكثير من الناس الطالبين للفتيا فضلاً عن العلماء والأمراء الذين أثنوا عليها لعلمها ومكانتها الجليلة. وتقول أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر الدكتورة آمنه نصير: هي عمرة بنت عبدالرحمن بن سعد بن زرارة بن عدس، الأنصارية النجارية المدنية، جدها من أوائل الصحابة الأنصاريين، شقيق أسعد بن زرارة أحد النقباء المشهورين، وأمها سالمة بنت حكيم بن هاشم بن قوالة، وأختها لأمها الصحابية أم هشام بنت حارثة بن النعمان، وولدت عمرة في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة 29هـ، وكانت ممن تربين في حِجر السيدة عائشة رضي الله عنها، وتعلمت منها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث ترعرعت عند أم المؤمنين - عائشة - التي ضمَّتها مع إخوتها وأخواتها إلى حِجْرها بعد وفاة والدهن. نشأت في بيت التقوى والعلم، فلا عجب أن تقتبس من شمائل السيدة عائشة، وأن تصبح عالمة المدينة وفقيهتها في عصرها، ولم تتوقف عمرة في روايتها على السيدة عائشة رضي الله عنها، بل حدّثت عن أمهات المؤمنين والصحابيات، وكانت تأخذ عنهن كل صغيرة وكبيرة في السُّنَّة ومنهن: السيدة أم سلمة، والصحابية أم هشام بنت حارثة الأنصارية، وحبيبة بنت سهل، وأم حبيبة، رضي الله عنهن. وقد تزوَّجت عبدَ الرحمن بن حارثة بن النعمان، فولدت له محمدا الذي صار يُكنّى بأبي الرِجال، وهو لَقب كان له منه نصيب. أحاديث وتعتبر عمرة من المُكْثرات في رواية الحديث، لما وهب الله لها من حافظة قوية، وأغلب ما روت عمرة من أحاديث كان عن السيدة عائشة، ومما أخرجه الإمام البخاري أن يحيى بن سعيد كان يذكر حديث عَمْرة للقاسم بن محمد- وهو أحد الفقهاء السبعة- فيقول له: «أتتك- والله- بالحديث على وجهه»، ومن الأحاديث المروية عن عمرة أنها قالت: سألتُ عائشة: كيف كانت صلاة رسول الله؟ قالت: كان يركع فيضع يديه على ركبتيه، ويجافي بِعَضُدَيْه. وحدث عن عمرة الأنصارية ولدها أبو الرجال محمد بن عبدالرحمن وابناه: حارثة ومالك، وابن أختها القاضي أبو بكر بن حزم، وابناه: عبدالله ومحمد والزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وآخرون. كما روى عنها الأئمة: البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وكان من تلاميذها: عروة بن الزبير، والإمام ابن شهاب الزهري، والإمام عمرو بن دينار. مكانة عمرة وكانت عمرة الأنصارية عالمة، فقيهة، حجة، كثيرة العلم، وكان لمكانتها وقربها من السيدة عائشة رضي الله عنها أثر في تكوين ذلك المخزون العلمي الضخم للسُّنة النبوية الشريفة عندها، مما جعل كثيراً من العلماء والأمراء يثنون عليها، فيقول الإمام الحافظ يحيى بن معين: عمرة بنت عبدالرحمن ثقة حجة، وشهد الإمام المحدّث سفيان بن عيينة لها بالعلم، فقال: أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعروة بن الزبير، وعَمْرة بنت عبدالرحمن. وقال الإمام الذهبي: كانت عالمة، فقيهة، حُجّة، كثيرة العلم، وحديثها كثير في دواوين الإسلام. وسأل القاسمُ بن محمد الإمامَ الزهري: أراك تحرص على العلم، أفلا أدلك على وعائه؟ قال: بلى. قال: عليك بعمرة بنت عبدالرحمن، فإنها كانت في حِجر عائشة رضي الله عنها! قال الزهري: فأتيتها فوجدتها بحراً لا ينضب. وعن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي عن أبيه: سمعت علي بن المديني، وذكر عمرة بنت عبدالرحمن، ففخّم من أمرها، وقال: عمرة أحد الثقات العلماء بعائشة، الأثبات عنها. دروس العلم ويروى أن أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز الخليفة الراشد كتب ذات يوم إلى أبي بكر بن محمد بالمدينة رسالة يقول له فيها: «انظر ما كان من حديث رسول الله، أو سُنَّةٍ ماضية، أو حديث عَمْرَةَ فاكتبه؛ فإني خفت دُروسَ العلم، وذهابَ أهلِه». كما قال عمر بن العزيز أيضاً: ما بقي أحد أعلم بحديث عائشة من عمرة. وعن ذكائها يقول الإمام ابن إسحاق الفزاري في كتابه «السِّيَر» وابن سعد في طبقاته: «كانتْ ذكيَّة الفؤاد، لمَّاحة، فوعتْ عن أمِّ المؤمنين كثيراً من العِلم». ونقل الإمام المِزّي وابن كثير في كتابيهما ما نصه: وكتبتْ إليه - أي إلى الحسين - عمرة بنت عبدالرحمن تعظّم عليه ما يريد أن يصنع، وتأمره بالطاعة ولزوم الجماعة، وتخبره أنه إنما يُساق إلى مصرعه، وتقول: «أشهد لَحَدَّثتني عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يُقتل حسين بأرض بابل»، فلما قرأ كتابها قال: «فلا بد لي إذن مِن مصرعي». وعندما اقتربت وفاتها قالت لأخيها، وكان لهم بستان قرب البقيع: أعطوني موضع قبري في حائط، فإني سمعت عائشة تقول: «كسر عظْم الميت ككسره حيًّا»، يعني في الإثم. وقد توفيت عمرة بنت عبدالرحمن الأنصارية وهي ابنة سبع وسبعين سنة، وقد اختلفوا في وفاتها؛ فقيل توفيت سنة ثمان وتسعين، وقيل توفيت في سنة ست ومائة هجرية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©