نحتاج أحياناً في حياتنا اليومية إلى إغلاق حواسنا الظاهرة، العيون والآذان، وفتح الحواس القلبية التي تشمل كل معاني الأخلاق الراقية، وذلك لتخطي أمر ما، أو إنهاء مشكلة فتجعل نفسك، وكأنك ما رأيت ولا سمعت.. والتغافل يعني أنك تتعمد الغفلة مع علمك الكامل، بما هو متغافل عنه ترفعاً عن الدنايا وسفاسف الأمور... وهو أدب وخلق كريم تأدب به العظماء، كما نوه العلماء بفضله، فيجب على صاحب المروءة والأخلاق أن يتغافل ويتجاوز عن أهله وأصدقائه إنْ هم قصروا أو أساءوا إليه، كما أن هذا الأمر يستدعي ألا نبحث عن مواقع تقصيرهم فنتصيدها ونعاتبهم عليها عند كل زلة.
وأعتقد أننا لو استخدمنا التغافل في علاقاتنا الأسرية واستخدمها الأزواج مع زوجاتهم والآباء مع أبنائهم والإخوة مع إخوتهم، ما وقعنا في الكثير من المشاكل التي تكون أساسها أشياء بسيطة، ولكنها تكبر إذا بدأ النقاش بها، خاصة في حال عدم استخدام أسلوب جميل أو في حال انعدام الصراحة بين أطرافها.
وهذا التغافل يمكن أن يصلح في الكثير من الأمور، مثلاً تسمع كلمه لا تعجبك، أو تعليقاً أو تعاملاً غير راقٍ، فهذه الدنيا بها الكثير من المعادن والأحجار الكريمة، وهي ليست على مستوى واحد من القيمة والأهمية، وبالتالي يترتب على ذلك أن نعاملهم وفق قانون التغافل لمصلحة أن تدوم ألفة القلوب ومحبتها، وإنْ كان الطرف الآخر لا يعير ذلك اهتماماً... فتغافل قليل خير من خصام طويل.. وفي النهاية، أنت الرابح في الدنيا والآخرة.
محمد مدني