السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التكافل الاجتماعي حل إسلامي ناجح لمواجهة مشاكل الفقر

التكافل الاجتماعي حل إسلامي ناجح لمواجهة مشاكل الفقر
16 يناير 2014 22:11
حسام محمد (القاهرة) - لماذا تراجع دور التكافل الاجتماعي في معظم مجتمعاتنا العربية؟ سؤال يطرح نفسه في ظل تفشي العديد من الأمراض والجرائم الاجتماعية الخطيرة بداية من الفقر والتسول والبطالة مروراً بالجرائم المتنوعة والغريبة والتي انتشرت انتشاراً مخيفاً في مجتمعاتنا الإسلامية، مثل الفساد والرشوة وحتى جرائم العنف الأسري وكلها جرائم المسؤول الأساسي عنها هو غياب صور التكافل المجتمعي الذي حثنا عليه الإسلام. وحول هذا الأمر قال الدكتور عبدالله النجار أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: وجود نظام التكافل الإسلامي كان له أبلغ الأثر قديماً في غياب صور الجريمة التي نراها اليوم من سرقات وانهيار أخلاقي فالتكافل الاجتماعي في الإسلام يجعل المجتمع بأسره يحيا حياة مترابطة ومتماسكة، تظهر واضحة في عطف الكبير على الصغير، وتوقير الصغير للكبير، وحنو الغني على الفقير، وحب الفقير للغني، وكل هذا يجعل الإنسان المسلم في راحة واستقرار نفسي. الإيمان الصادق ويضيف: النفس البشرية يصعب عليها الوصول لحالة من الاستقرار التام، لأن الكمال لله وحده سبحانه وتعالى، ولكن التكافل الإسلامي ينجح في أن يصل بالإنسان المسلم لدرجة النفس المطمئنة التي يغمرها الإيمان الصادق والتي يقول الخالق سبحانه وتعالي في حقها: «يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية فأدخلي في عبادي وأدخلي جنتي» ولقد عالج الإسلام مشكلة التفاوت الطبقي بين الناس حين دعا إلى الإنفاق، وحث الغني على البذل، وهو يعرف أن المال مال الله، وليس ماله، وهو مستخلف فيه، وأنه لا يمنُّ على الفقير حين يعطيه، بل يعطيه حقه الذي شرعه الله له، وهو بهذا لا يكون في موقف المتعالى، بل يفرح لأنه يعطي ويحس أن الفقير صاحب فضل عليه، ومن هنا لا يشعر الفقير بالدونية، أو أنه شخص لا قيمة لحياته، بل يشعر بأهميته. المصالح العامة ويقول الدكتور حسن الشافعي، أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة: التكافل في المجتمع الإسلامي معناه أن يكون أفراد المجتمع مشاركون في المحافظة على المصالح العامة والخاصة ودفع المفاسد والأضرار المادية والمعنوية، بحيث يشعر كل فرد فيه أنه إلى جانب الحقوق التي له عليه واجبات للآخرين وخاصة الذين ليس باستطاعتهم أن يحققوا حاجاتهم الخاصة، وذلك بإيصال المنافع إليهم ودفع الأضرار عنهم ولو كان المسلمون طبقوا كل تعاليم الإسلام التي تحثهم على التكافل لاختفي الفقر والبطالة وكافة الظواهر السلبية الأخري التي يمتلئ بها المجتمع المسلم اليوم وفقر المسلمين اليوم هو فقر معصية يتحملها الفقير والغني في نفس الوقت، لأن هناك من لا يجتهدون في البحث عن العمل وفي نفس الوقت هناك أثرياء لا يستغلون ثرواتهم في مشروعات تتيح للفقراء فرص العمل الشريفة، وهؤلاء الأثرياء بتجميدهم لأموالهم في البنوك إنما يرتكبون جريمة في حق الإسلام والمسلمين تؤدي إلى زيادة حدة الفقرفي الوقت الذي يمتلك فيه هؤلاء الأثرياء المليارات ولا يخرجون زكاة أموالهم. أمر جمع ويضيف: الزكاة المنقذ الوحيد من المشكلات التي يواجهها المسلمون اليوم ولكن بشرط أن يحسن القائمون على أمر جمع الزكاة في تصريفها في مصارفها الشرعية، خاصة أن جزءاً كبيراً من مصارف الزكاة اليوم يتم في أمور استهلاكية بحتة، فالزكاة تصل إلى الفقير الذي ينفقها على شراء الطعام والشراب فحسب بمعنى أن ذلك الفقير فور انتهائه من إنفاق ما حصل عليه من مال يعود مرة أخرى إلى الجوع والحرمان وحل هذه المشكلة يكمن في ضرورة توزيع الزكاة بحيث يحصل الفقير على جزء ويتم استثمار الجزء الآخر بما يوفر له فرصة عمل تمنعه ذل السؤال وبذلك نكون قد حققنا القاعدة الفقهية التي تقول «يعطي الفقير كفاية عمره الغالب» وإذا نجح المسلمون في توفير فرص العمل للفقراء باستغلال أموال الزكاة فإن الفقير لن يعود للفقر من جديد. العطاء الإنساني ويقول الدكتور محمد نبيل غنايم أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة: الإسلام وضع المبدأ الذي يرى أنه إذا دخل الإيمان إلى القلب.. وأشعَّ بأضوائه على العقل.. وصلحت المنطلقات والغايات.. وتحركت الإرادة فإن العطاء الإنساني سيحقق مالا أحد يتخيله وستحدث النهضة التنموية التي تظهر نتائجها بسرعة وقد وضع الإسلام العديد من المبادئ، التي تحقق التكافل الإجتماعي بصورة لا تنال من الثري وفي نفس الوقت تحقق للفقير المحتاج حياة كريمة من دون الحاجة للتسول أو ما شابه ومن أهم تلك المبادئ الزكاة إحدى الأدوات لتحقيق الضمان الاجتماعي، وفي العصور الإسلامية الماضية كان للزكاة بيت يدعى بيت المال، وهو مسؤولية الدولة لتوزع الصدقات بالعدل وتسد الاحتياجات الأساسية للفقراء وتوفر وسائل للعمل وكسب العيش لهم فهي أول مؤسسة للضمان الاجتماعي وهي كذلك من أهم أدوات الحفاظ على المجتمع وإقامة العدالة الاجتماعية وتقليل الفجوات بين الأغنياء والفقراء وقد نجحت الزكاة في تحقيق دورها بصورة رائعة في عصري عمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز ومن الملاحظ أن دور الزكاة لم يكن فقط يقتصر على توزيعها على الفقراء، إنما كانت تستخدم في بدء مشروعات للفقراء مما يجعلها وسيلة مهمة لخلق فرص عمل. ويضيف: التكافل الاجتماعي في الإسلام ليس معنياً به المسلمين المنتمين إلى الأمة المسلمة فقط بل يشمل كل بني الإنسان على اختلاف مللهم واعتقاداتهم داخل ذلك المجتمع والواقع يؤكد أننا بحاجة ماسة لمؤسسات أهلية تعمل على تحفيز المسلمين على إخراج زكوات أموالهم وإنفاق هذه الأموال في مصارفها الشرعية بعد أن أثبتت العديد من الدراسات والإحصائيات أن نسبة كبيرة من أموال الزكاة تهدر بعيدا عن مصارفها الشرعية بسبب غياب الكفاءات القادرة على إدارتها ونحن أيضاً في حاجة إلى إحياء فريضة الزكاة وترسيخها في أذهان المسلمين وفي معاملاتهم من أجل تحقيق مجتمع التكافل والتراحم والوقوف إلى جانب أهل الفقر والحاجة والمرض. الإنفاق الفردي أوضح الدكتور جعفر عبدالسلام أمين عام رابطة الجامعات الإسلامية والأستاذ بجامعة الأزهر أن أثرياء المسلمين يؤدون فعلاً ما عليهم من زكاة، ولكن المشكلة أن كل واحد منهم يصرفها منفرداً ولهذا لا تحقق الهدف الذي شرعت من أجله، فالأمر يحتاج فعلاً إلى التكامل بين مختلف الدول العربية والإسلامية ولا مانع من وجود تشريعات تلزم الأثرياء بدفع زكاة أموالهم لهيئات معينة وتستطيع تلك الهيئة أن تصرف تلك الأموال في مصارفها الشرعية ولا ننسى في هذا الإطار الوقف فلو نجحنا في توعية الأثرياء المسلمين بدور الوقف فإننا سنتخلص سريعا من الفقر والجوع نهائيا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©